هل المرأة نصف المجتمع
ملك الموسوي
إن شخصية الإنسان العاقل هي نتاج للبيئة التي ولد وترعرع فيها فتكون ملامح شخصيته مكتسبة من هذه البيئة ومن الأشخاص المجاورين له من أب وأم وأخوة وأقارب وأصدقاء
وكلما اتسعت دائرة المعارف كلما ازداد تنوع عاداته وتقاليده وتصرفاته
ولكل مجتمع عادات وتقاليد نشأ عليها من آلاف السنين منها مابقي ومنها ما اختفى مع مرور الزمن ولكنني في مقالتي هذه سأسلط الضوء على دور المرأة في المجتمع بشكل خاص لما رأيته من اختلاف في دورها ومعاملتها بين المجتمعات
وهنا سأقارن بين بيئتين تقعان في بلد عربي واحد ولكن من محافظات مختلفة وبما ان هذه المقالة عن المرأة فهناك فارق كبير بين المرأة من المدينة التي تربت في مجتمع ذكوري وبين المرأة الريفية التي تربت في مجتمع اقصائي وساقوم بذكر بعض نقاط الاختلاف
1_ التربية
في المجتمع الأول ( الذكوري) تلد الفتاة ولها مكانة قلب والداها ولكنها تتربى على انها مراقبة وكان هناك كاميرا تراقب تصرفاتها فعليها ان تراقب كلامها ولباسها وتحركاتها وأن تختار أصدقائها بما يناسب عائلتها وليس بما يناسب شخصيتها وعليها أن تنشئ وفي داخلها شيئ من الخوف من والدها واذا كان لها اخوة ذكور اكبر منها وعليها ان تلبي إحتياجات المنزل من تنظيف وإعداد الطعام مع والدتها حتى تتزوج وحاجات منزلها بعد ان تتزوج فهي قد برمجت نفسها على انها شبه خادمة ولكن مع تغير الأماكن
اما المجتمع الثاني (الاقصائي ) فهي تعيش دائما الدور الثاني في البيت كونها انثى وإذا كان لها اخوة ذكور فلهم الاولوية عليها وهذا يعود لمعتقدات دينية معينة وكما تكون الفتاة في المجتمع الاول بالنسبة للعمل في المنزل كذلك هي في المجتمع الثاني ولكن الفرق انها لديها الحرية في اللباس والاصدقاء والخروج من المنزل اكثر من نظيرتها في المجتمع الاول
2_ التعليم
في المجتمع الأول لم يكن من المرغوب تعليم الفتاة في السنين الماضية فهي تتعلم لصف معين يمكنها من القراءة والكتابة ثم تترك المدرسة لتتعلم اساسيات الطبخ والتنظيف واستقبال الضيوف مع والدتها أما في الوقت الحالي للفتاة الحرية في أن تكمل دراستها وتختار تخصصها في الجامعة ولكنها بنفس الوقت غير مجبرة على الدراسة فإن درست خير وإن لم تدرس خير
اما المجتمع الثاني فكون هذا المجتمع ريفي بالأغلب فإن الفتاة مجبرة على الدراسة مع إجبارها على العمل في الأرض أيضا فالدراسة من الأولويات ويتم اختيار اختصاص للفتاة يكون فيه التوظيف سهل مثل المعلمة
3_ العمل
بالنسبة للعمل ففي المجتمع الأول فهو امر مستبعد اغلب الأحيان فنسبة العاملين من الإناث في هذا المجتمع تكون تقريبا 30% فهي مستهلكة اكثر منها منتجة ويقوم والدها وإخوتها بتلبية متطلباتها طبعا ضمن المقدرة المادية لهم
اما المجتمع الثاني فالعمل اساسي واحيانا إجباري فنسبة العاملات تقترب من 80% فهي تعمل لتلبي احتياجاتها وأحيانا تساعد اهلها في مصروف البيت مع العلم أن الفتاة التي تعمل ولها مردود مادي مستقل تكون مرغوبة للزواج أكثر فاغلب الاحيان يبحث الشاب عن فتاة لها راتب شهري اولا ثم يهتم بباقي التفاصيل فيها
4_ الزواج
أما الزواج فهو مايوضح الفرق بين المجتمعين ففي المجتمع الأول فالزواج اغلب الأوقات تقليدي بمعنى أن الأهل هم من يختاروا الزوجة لابنهم وهم من يقومون بتحضير اللقاء بين الشاب والفتاة ليتعرفوا على بعض ونادرا مايكون الزواج خارج عن سيطرة الأهل مثل أن يقوم الشاب بالتعرف على الفتاة مدة من الزمن ثم يقوم بطلبها للزواج فهذا امر نادر الحدوث مع التنويه لأن هذا المجتمع لايجبر الفتاة على الشاب المتقدم لها فهي تملك حرية القبول او الرفض
اما المجتمع الثاني للفتاة حرية التعرف على الشاب الذي تعجب به وتكون معه علاقة قبل الزواج به لتتعرف على طباعه فالزواج غير تقليدي ابدا لذلك تكون هي من اختار الزوج وهي من عرف اهلها عليه وهذا يترتب عليه مضاعفات هي انها في حال كانت غير سعيدة في حياتها الزوجية وتعاني الكثير من المشاكل فإن آخر ماتفكر به هو الطلاق فهو شيئ منبوذ جدا والمرأة المطلقة تهمش في مجتمعها إلى ابعد الحدود
5_ الإرث
في المجتمع الاول يحق للمرأة ان ترث والداها بحسب القضاء والنصوص الدينية فللذكر مثل حظ الأنثيين فهي ترث ولها حق التصرف بارثها ولو كانت متزوجة
اما المجتمع الثاني فلا يحق للمرأة ان ترث مهما كان ارث اهلها كبير فهي لا يحق لها ان تأخذ منه شيئ فهو للذكور فقط ونادرا ما يكون هناك حالات ان ترث المرأة من أهلها فهم يعتبرون انهم بتدريسها قد اعطوها نصيبها
إن هذه بعض المفارقات الموجودة في مجتمعين مختلفين بالنسبة للمرأة وقد قمت بهذه الدراسة بعد ان رأيت الفرق بوضوح مع العلم انني تجاهلت الكثير من الفروق للاختصار فقد نوهت عن الخطوط العريضة فقط وما اكثر الفوارق في كل شيئ في هاتين البيئتين اللتين تقعان في بلد واحد فكيف سيكون الاختلاف بين بلدين بعيدين