الحكومة في»مهب» اختبار النيات الداخلية والخارجية : افكار لا مبادرة ! «النفط مقابل الصحة» نافذة امل اقتصادية عراقية الى الدولة اللبنانية «نكسة» في علاقة بكركي ــ حزب الله وتوتر بين «المركزي» و «المالية»
ابراهيم ناصر الدين-الديار
مرة جديدة يتارجح الامل بتشكيل الحكومة العتيدة، بين التفاؤل الحذر، «وشيطان» التفاصيل الذي يهدد بنسف كل الاجواء التي توحي بحصول تقدم جدي للمرة الاولى منذ اشهر، الثابت اليوم ان القوى السياسية المعنية بالتشكيل داخليا امام اختبار جديد للنيات، ليس الامر مرتبطا بغياب الثقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، فهذا المعطى لا يمكن تجاوزه او تغييره، فبغياب النص الدستوري الذي يسمح بسحب «التكليف»، الرجلان محكومان بالتعاون القسري، ولا مفر من الذهاب الى تسويات ليست «اختراع بارود» ولا تحتاج الى «فلسفة» او ادعاء «ذكاء» «وحربقة»، فاذا نضجت الظروف الخارجية للتشكيل، ستولد الحكومة قريبا، واذا لم يحصل ذلك فسيتم ابتكار اسباب واهية لاجهاض المبادرة الجديدة. ووفقا لمصادر عاملة على خط بعبدا- بيت الوسط، لا شيء يمنع من الانتقال الى النقاش في التفاصيل اذا ما صدقت النيات في تبني معادلة ال3ثمانات» في حكومة من 24 وزيرا، لكن هذا النقاش لم يبدأ بجدية بعد مغادرة الحريري البلاد، ولا احد يعرف اسباب هذا التاخير،»فالصمت» وغياب التحركات العلنية، واستمرار الاتهامات المتبادلة بين بعبدا وبيت الوسط، يجعل نجاح او فشل المبادرة الجديدة متساويا.
«مناكفات» بعبدا «بيت الوسط»
وفي هذا السياق، حاول كل من الحزب التقدمي الاشتراكي والرئاسة الاولى استعادة «بنوة» معادلة حكومة الـ 24 بعد نسبها الى رئيس مجلس النواب نببيه بري، وفيما اكدت اوساط كليمونصو ان جنبلاط طرح الفكرة على الحريري وعون وتبناها بري لاحقا، وصفت مصادر بعبدا المبادرة المطروحة بانها مجموعة افكار انطلقت خلال لقاء رئيس الجمهورية مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ووفقا لتلك الاوساط لم يتصل احد بالرئيس لابلاغه بمضمون جديد للتاليف، وهو ينتظر الرئيس المكلف ليعرض تشكيلة جديدة تراعي الميثاقية وفيها وحدة معايير تسمح بنيل الحكومة الثقة الداخلية والخارجية. اما الافكار المطروحة حاليا فقد دارت دورتها وتوقفت منذ زيارة الموفد البطريركي الى الرئيس نبيه بري ولم تصل الى «بيت الوسط» بعدما استقل الرئيس الحريري الطائرة وغادر الى الامارات…!
في المقابل، تؤكد اوساط الحريري ان سفره مرتبط باعمال خاصة، هو غادر لساعات وهاتفه معه، فاذا وافقوا في بعبدا على المبادرة يمكنهم الاتصال به ليعود، فالرئيس المكلف ينتظر ابلاغه ان الرئيس عون تخلى عن «الثلث» المعطل وعندئذ يبنى على الشيء مقتضاه، بالنسبة الى عدد وزراء الحكومة…؟
لا مبادرة متكاملة
من جهتها لا تتحدث اوساط «عين التينة» عن مبادرة متكاملة، وانما مجموعة افكار تحتاج الى المزيد من البلورة كي تكتمل فصولها قبل ان تقدم للجهات المعنية بالتاليف، ويعمل الرئيس بري مع معاونه النائب علي حسن خليل على وضع اللمسات الاخيرة عليها، بانتظار اجوبة حاسمة ونهائية من بعبدا وبيت الوسط على شكل الحكومة.
«اللمسات» الاخيرة!
هذه اللمسات هي كل «الحكاية»، بحسب اوساط سياسية بارزة تعتقد ان الاختبار الحقيقي هو للقوى الخارجية المعنية بالملف اللبناني وفي مقدمتها واشنطن المعنية بالايحاء لحلفائها «بفك» اسر الحكومة العتيدة، واذا لم يحصل ذلك سنكون امام اخفاق جديد. ولذلك يمكن القول ان المعطلين امام اختبار جدي للمصداقية لان «الحل التسوية» معقول ويرضي جميع الاطراف، والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تقصد تلقيم جرعة دعم للعاملين على خط التشكيل، وهو يضع الجميع امام مسؤولياتهم، فموافقة الحريري على حكومة الـ 14 والرئيس عون على الثلاث ثمانات، يشكل ارضية صالحة للتفاوض على النقاط الاخرى التي يجب ان يكون حلها اسهل، هذا اذا كانت العقد داخلية،اما اذا كان العكس صحيحا فلا حكومة ولا من «يحزنون»، وستكون الساعات الـ 48 المقبلة حاسمة في هذا الاتجاه. وفي هذا السياق، لا تزال الكثير من النقاط غامضة وغير محسومة، والاتصالات مستمرة لحسم بعض الامور المرتبطة بوزارة الداخلية، واصرار الرئيس عون على تسمية جميع الوزراء المسيحيين، وكيفية تصنيف وزير الطاشناق.
غياب الميثاقية؟
وفي هذا السياق، تشير تلك الاوساط الى ان المشكلة الرئيسية تبقى في عدم النجاح في اعادة التواصل بين الحريري وباسيل، ودون ذلك لا يمكن للرئاسة الاولى ان تضمن الثقة للحكومة من قبل تكتل «لبنان القوي» لان الامر ليس من اختصاص الرئيس عون، وكما تواصل الحريري مع القوى السياسية الاخرى المشاركة في الحكومة لتأمين الثقة لحكومته، عليه ان يفتح حوارا مع رئيس اكبر كتلة نيابية في البرلمان لان احجام القوى السياسية المسيحية الوازنة عن المشاركة في الحكومة وهذا الامر سيطرح بقوة مسألة غياب الميثاقية التي لا يمكن الرئيس عون توفيرها وحده.
مؤشرات اميركية مقلقة؟
وبانتظار تبلور المشهد الداخلي ربطا بالاستراتيجية الاميركية «المربكة» في المنطقة، وفيما ينتظر حلفاء الولايات المتحددة في لبنان كيفية تعامل الادارة الديموقراطية مع الملف اللبناني، جاءت الاخبار «المقلقة» من واشنطن لتزيد الغموض حيال المقاربة الاميركية لملفات الشرق الاوسط، بعدما كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن قرار تنفيذي اصدره الرئيس الأميركي جو بايدن لوزارة الدفاع ببدء إزالة بعض القدرات العسكرية والقوات من منطقة الخليج، في سياق اعادة تنظيم الوجود العسكري الاميركي في العالم، بعيداً من الشرق الأوسط. ووفقا للمعلومات، تمت ازالة ثلاث بطاريات صواريخ من نوع «باتريوت» المضادّة للصواريخ، من منطقة الخليج، واحدة منها في قاعدة الأمير سلطان الجوية، في المملكة العربية السعودية، و يجري نقل بعض المعدات العسكرية، من ضمنها حاملة طائرات ونظم مراقبة، من الشرق الأوسط، لتلبية الاحتياجات العسكرية في أماكن أخرى من العالم، كما يجري البحث في تخفيضات أخرى بحسب مسؤولين أميركيين.
ولفتت الصحيفة الى ان هذه الاجراءات تحصل فيما تتعرض السعودية لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة من داخل اليمن والعراق. وبحسب مسؤولين اميركيين فان إزالة البطاريات وحاملة الطائرات وغيرها من المعدات العسكرية مقدمة لمغادرة آلاف الجنود مع مرور الوقت، علماً أنه في أواخر العام الماضي كان هناك نحو 50 ألف جندي في المنطقة، بعد أن كان هذا العدد يبلــغ نحو 90 ألف جندي في ذروة التوترات بيــن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وإيران منذ نــحو عامين.
«نكسة» بين بكركي وحزب الله؟
في غضون ذلك، طرح التصعيد غير المبرر من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي تجاه حزب الله اكثر من علامة استفهام حول التوقيت على الرغم من ان المواقف مكررة ولا جديد فيها، وفيما رفض حزب الله التعليق على تلك المواقف، لفتت اوساط سياسية مطلعة الى ان الكلام التصعيدي يعد ضربة قوية للجنة الحوار بين الجانبين والتي استانفت اجتماعاتها مؤخرا. واشارت الى ان مواقف الراعي احدثت ضررا مباشرا بهذا الحوار، مع العلم ان «بكركي» «وحارة حريك» كانا على اعتاب «فتح صفحة» جديدة في العلاقة بعدما سبق واشتكى الراعي من «المقاطعة» للصرح البطريركي، وهذا ما يطرح اكثر من سؤال حول الهدف من التصعيد.
وكان مقطع مصور نشر لحديث بين البطريرك الراعي والمنتشرين في اميركا- أبرشية مار مارون بروكلين توجه فيه إلى «حزب الله» بجملة تساؤلات قال فيها «لماذا تقف ضــد الحــياد، هل تريد إجباري على الذهاب إلى الحرب؟ تريد إبقاء لبنان في حالة حرب؟ هل تأخذ برأيي حين تقوم بالحرب؟ هــل تطلب موافقتي للذهاب إلى ســوريا والعراق واليمن؟ هل تطــلب رأي الحكومة حين تشهر الحرب والسلام مع إسرائيل؟»..
. وتوجه الراعي الى حزب الله بالقول «ما أقوم به أنا هو في مصلحتك، أما أنت فلا تراعي مصلحتي ولا مصلحة شعبك»، وختم: «لماذا تريد مني أن أوافق على وجوب أن توافق على الذهاب إلى موضوع فيه خلاص لبنان، ولا تريدني أن أوافق عندما تذهب إلى الحرب التي فيها خراب لبنان».
«نافذة» امل من العراق
في هذا الوقت، خرقت زيارة وزير الصحة والبيئة في جمهورية العراق حسن التميمي الى بيروت الاجواء السوداوية، في ظل الرهان على تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة وفي هذا السياق، ابدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استعداده الكامل لتسهيل تطبيق الاتفاقيات الموقعة بين لبنان والعراق، معربا عن امله في ان يكون التعاون الاقتصادي الإنساني بين وزارتي الصحة اللبنانية والنفط العراقية، بداية لتعاون طويل الأمد يفعل في المستقبل القريب لما فيه مصلحة البلدين.
وفيما حذر رئيس مجلس النواب نبيه بري من انهيار الاوضاع في لبنان اذا لم تشكل الحكومة الجديدة قريبا، يبقى الرهان في لبنان على توقيع اتفاقية «النفط» مقابل «الصحة» حيث سيحصل لبنان على «النفط الثقيل» لتشغيل معامل الكهرباء مقابل تقديم الخدمات الطبية للعراق والتي تشمل التعاون مع الكوادر الطبية والأكاديمية. وتامين الفيول سيسمح بتشغيل معامل توليد الكهرباء لتوفير ما تبقى من احتياطي المصرف المركزي من الدولارات، ومن المرتقب ان يشمل التعاون تنمية القطاعات الصحية والزراعية والصناعية. ووفقا لمصادر السراي الحكومي فان زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى العراق، تاخرت «لأسباب لوجستية» تتعلق بإقرار الحكومة العراقية موازنة ماليتها العامة، وينتظر لبنان تحديد موعد زيارة الرئيس دياب ووزراء لبنانيين آخرين؛ بينــهم وزير الزراعة عباس مرتضى، ووزير الطاقة ريمون غجر، ووزير الصناعة عماد حب الله، ووزير الصحة حمد حسن، بهدف بلورة الاتفاقات التي سبق أن وضعت تصوراتها في وقــت ســابق خلال زيارات مســؤولين عراقيين إلى بــيروت.
«النفط» مقابل «الصحة»
وتجدر الاشارة الى ان بغداد ستقدم للبنان 500 ألف طن من الفيول الثقيل، يقايضه لبنان بمشتقات نفطية تشغل محطات إنتاج الكهرباء من شركات نفطية عالمية، او يعمل على تكريره. وسيتم تسديد ثمن هذه الكمية على شكل ودائع بالليرة اللبنانية توضع في حساب باسم الحكومة العراقية في مصرف لبنان، مما يعني أن هذه المستحقات لن يتم تحويلها إلى العراق، بل ستكون بمثابة وديعة مالية عراقية بالليرة اللبنانية في مصرف لبنان. وسيبحث الجانب اللبناني مع الجانب العراقي إمكانية رفع التعريفات الجمركية عن البضائع اللبنانية والبحث سيشمل إمكانية أن تستثني الحكومة العراقية الصادرات الزراعية والمصنوعات الغذائية اللبنانية من الرسوم الجمركية. كما سيتم البحث في إعادة تشغيل مصفاة النفط في البداوي في شمال لبنان التي كانت تصل إمدادات النفط العراقي إليها في العقود الماضية، والبحث في فرص ترميم وتأمين خطوط النقل من العراق إلى شمال لبنان عبر الأراضي السورية.
التدقيق الجنائي وضياع «الحقيقة»؟
في غضون ذلك، عادت مسالة التدقيق الجنائي الى مربع «المناكفات» بين وزير المال غازي وزني ومصرف لبنان المركزي، ومعها تضيع حقيقة ما يجري في هذا الملف، فبعدما اصدر مصرف لبنان بيانا يؤكد الالتزام والتعاون مــع شركة ألفاريز ومارسال، ويؤكد بوضع الملفات التي لها علاقة بكامل حسابات الدولة، وحسابات المصارف بتصرف وزير المالية، نفت وزارة المال ما صدر في البيان، واشارت الى ان ما قيل مناف للواقع، لان ما تم تسليمه هو فقط 42 بالمئة من المطلوب ويبقى 52 بالمئة من الملفات لم تسلم ويتذرع المصرف المركزي بالسرية المصــرفية…! وكان المصرف المركزي قد اكد الاستعداد لتأمين التسهيلات كافّة التي تؤمّن للشركة المعنية البدء بعملية التدقيق. واشار الى انه في سياق التطوّر الإيجابي المتّبع، سوف يتمّ عقد اجتماع افتراضي بتاريخ 6/4/2021 بين شركة ألفاريز ومارسال وبين مصرف لبنان ووزارة المالية لمتابعة هذا الموضوع.
الجدل حول «استرازنيكا» مستمر؟
وفيما يواصل عداد كورونا في لبنان ارتفاعه حيث سجلت 3562 اصابة جديدة بينهم 72 سجيناً و7 عسكريين في سجن صور، و52 حالة وفاة، تواصل الشكوك حول مخاطر لقاح «استرازينيكا» عالميا، حيث تحدى وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر قرار وزير الصحة الالماني الذي طلب من زملائه الوزراء اخذ الطعم لتشجيع المواطنين على الاقدام على ذلك، واكد أنه لا يعتزم تلقي اللقاح المخصص حاليا لكبار السن، وقال وزير الداخلية البالغ من العمر 71 عاما انه لن يسمح بفرض الوصاية عليه…
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة بيلد الألمانية فقد طالب وزير الصحة من زملائه الوزراء أخذ تطعيم أسترازينيكا من أجل إعادة الثقة لهذا اللقاح للمواطنين الألمان، الذين باتوا في حيرة من أمرهم بعد عدة قرارات بوقف هذا اللقاح وإعادة استخدامه.
وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل قد أعلنت الأربعاء أن بلادها تعتزم حظر التلقيح ضد كورونا بأسترازينيكا لمن هم أقل من 60 عاما وذلك بعد ظهور حالات جديدة لجلطات دموية نادرة. وجاء التغيير في السياسة الذي تم إقراره من قبل وزراء الصحة الألمان على المستوى الاتحادي والولايات، بعد إصدار بيانات جديدة عن آثار جانبية محتملة.
كما أن اللجنة الدائمة للتطعيم أوصــت بقصر إعطاء اللـــقاح لمن تزيد أعمارهم عن 60 عاما نظرا لندرة الآثار الجانبية التي ظهرت بينهم مقارنة بأفراد الشريحة العمرية الأصغر.
وجاءت خطوة تقييد استخدام اللقاح في ألمانيا بعد تقرير لمعهد «إرليش باول» المسؤول عن اللقاحات تحدث عن وقوع 31 حالة تجلط دموي في الدماغ ارتبطت زمنيا بتناول اللقاح وذكر المعهد أن تسعا من هذه الحالات انتهت بوفاة أصحابها. وكانت غالبية هذه الحالات لنساء تراوحت أعمارهن بين 20 و63 عاما باستثناء حالتين.