بانتظار التشكيل النهائي للمحاور الجديدة
-د.علي عز الدين-البناء
العصر الكولومبي هو عصر وضع الخرائط الأولى والمبدئية للكرة الأرضية من محيطات وقارات وهضاب، وأتت ذلك بعد رحلات الاستكشاف البشرية والتي غالباً ما رافقتها القوى العسكرية وبداية فكرة الاستعمار.
انّ انتهاء مرحلة العصر الكولومبي وبدء انبثاق مرحلة الجيوبوليتيك في بداية القرن المنصرم وذلك حسب (ماكندر) هو نتيجة طبيعية للتطوّر الذي أصاب مكوّنات هذه الكرة الذهبية، والتي أصبحت أرضية بفعل طمع وجشع الإنسان.
التجديد والابتكار للعلوم والتقنية المتقدّمة دفع المجتمعات العلمية للبدء بتوثيق كلّ التجارب وإظهارها منذ الثورة الصناعية الأولى على أنها بداية جديدة للبشرية، (يظهر هنا بدء ظهور بعض الحركات السرية وتنظيم نفسها كرائدة ظلّ للأحداث المحيطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية).
إنّ الخلية الجافّة dry cell هي التي تُستخدم مرة واحدة وهي أيضاً غير قابلة للشحن مع إنها تولد جهداً مميّزاً من مكونات جدّ بسيطة وتنتهي وظيفتها بسرعة إلاّ إنها أسّست لما يُعرف اليوم بالخلية الأولية وتشبه الحركات السرية والتنظيمات التي تنشط بالخفاء أو ما يسمّى اليوم بالنظام العالمي وتختلف التسميات المتعدّدة لكن الوظيفة واحدة…
التجديد الناتج عن أصحاب العقول الجافة هو محدود بعكس الـ primary cell. وهنا نرمز لبعض الممالك المتهالكة العربية منها والأجنبية مع الإشارة إلى أنّ الإمبراطوريات تنتحر ولا تموت (تجربة ترامب دليل لا يقبل الشك).. من يملك القدرة على إعادة تطبيق منهاج سياسي متكرّر مع بعض التجديد والابتكار هو الذي سوف يتجه بالكرة الأرضية لأنظمة جديدة بعد التحوّلات الهائلة إثر نتائج وباء كورونا، العالم بعد «كوفيد 19» هو غير العالم ما قبله.
إسقاط ايّ تجربة جيو–سياسية قديمة على الواقع العالمي الحالي هو كمثل إسقاط تجريبي بأدوات أولية مماثلة على مسار محدّد وانتظار نتائج جديدة وهذا هو الجنون بعينه…
انّ التحوّلات السياسية الكبرى المنتظرة القادمة من قلب الأرض ـ heart land ـ المنطقة المشتعلة دائماً بين قطبين موجودَين في كلّ الأزمنة الحديثة (الأوراسية الشرقية وأوراسية أميركا)، هذه التحوّلات هي التي سوف تكتب تاريخ المنطقة الحديث، وهذه دعوة لعلماء الإجتماع السياسي وخبراء الدراسات السياسية الإستراتيجية في عالمنا المعاصر في الشروع لاجتراح الحلول المناسبة للمرحلة المقبلة عبر نظريات قابلة للتطبيق العملي في مجال الوجود الكُلي والدعوة الى حجز مكان في تغيير مفهوم العلاقات الدولية وتغيير نمط التفكير العالمي وفق حروب الجيل الخامس..
بانتظار التشكيل النهائي للمحاور الجديدة وبدء ترقب تحقيق النبوءات والأساطير كما تزعم بعض الدول العابرة ، يجب علينا أن لا ننسى «أنّ أميركا هي إسرائيل الكبرى وأن إسرائيل هي أميركا الصغرى»…