الراعي نقل الى عون صرخة وجع المواطنين وخوفهم من الإنهيار
هيام عيد- الديار
خطة ممنهجة للعودة الى نقطة الصفر عند كل تطوّر إيجابي
تقول مصادر سياسية مسيحية، أنه لم يعد بالإمكان تجاهل خطورة المواقف الصادرة عن المرجعيات الدينية في لبنان والفاتيكان، والتي تتزامن مع رأي عام ضاغط باتجاه التغيير، ولو بشكل جزئي ومحدود للمسار الإنحداري السريع نحو قعر الهاوية، لافتة إلى أن زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي المفاجئة إلى قصر بعبدا، تأتي في سياق دقّ ناقوس الخطر من الواقع الذي وصلت إليه الأوضاع على الصعيد الوطني، في ظل انقطاع الأمل بتأليف حكومة، وعلى الصعيد المسيحي في ظل التصعيد السياسي والحملات العنيفة التي تشهدها مواقع التواصل الإجتماعي في الآونة الأخيرة، والتي ازدحمت بالبيانات والتغريدات التي تهاجم المراجع الدينية بعيداً عن كل الأصول واللياقات الأخلاقية.
وفي هذا السياق، تتحدّث المصادر عن مراجعة شاملة لمسار التأليف منذ تكليف الرئيس سعد الحريري، والعوائق التي حالت دون إنجازه لمهمته رغم الظروف الضاغطة نحو التأليف، وبصرف النظر عن كل العقد المعلنة، والتي تتبدّل مع كل مبادرة أو وساطة يجري طرحها، كما تلفت إلى خطة ممنهجة يجري تنفيذها، وتهدف إلى العودة دائماً إلى نقطة الصفر، أو نقطة الإنطلاق في كل ملف أو قضية مطروحة على الساحة الداخلية، وهذه المعادلة لا تنطبق فقط على العنوان الحكومي، بل على عناوين أخرى موازية له في الأهمية وفي الخطورة.
وتنتقد المصادر السياسية المسيحية، كل المحاولات الجارية أخيراً في خلال فتح جبهات داخلية، خصوصاً على الساحة المسيحية بشكل خاص، حيث أن إضفاء طابع الخلافات الطائفية على الملفات الوطنية، قد فجّر كل المبادرات والإتصالات المحلية والخارجية لإنتاج تسوية سياسية قبل فوات الأوان.
وتشير هذه المصادر، إلى أن ما نقله البطريرك الراعي إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، هو صرخة تحمل وجع المواطنين، ومناشدة له للتدخّل بعدما بات الوطن على حافة الهاوية، وترسّخت القناعة لدى الجميع بأن الإستعصاء الذي ضرب الإستحقاق الحكومي مرشّح لأن ينسحب على استحقاقات مقبلة، وفي مقدّمها الإستحقاق الإنتخابي النيابي، بعدما تمّت الإطاحة بالإنتخابات النيابية الفرعية لاعتبارات عدة منها ما هو معلوم، ومنها ما هو مجهول، كذلك، فإن ترف المراوحة والتأجيل لكل هذه الإستحقاقات تحت عنوان الظروف الأمنية و»التوتر المرتقب على الأرض»، كما سبق وتوقّع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في إطلالته الأخيرة السبت الفائت، تقرأ فيها المصادر السياسية نفسها، إشارة إلى أن حالة المراوحة الراهنة قد تطول، فيما لبنان لا يملك ترف الوقت أو الإنتظار، لا سيما إذا كان الموعد المضروب لأي تطوّر مالي مؤجّل إلى العام المقبل.
وتؤكد المصادر أنه في حال استمرّ التعثّر في تشكيل الحكومة في موازاة تعذّر إجراء الإنتخابات النيابية، فإن هذا الواقع سيقود حكماً إلى توسيع الحالة الإنهيارية، وبطبيعة الحال إلى «التوتيرات»، والتي لن تنتج عن الحملات الإنتخابية والتراشق السياسي العنيف من أجل شدّ العصب الطائفي والمذهبي، بل عن الأزمة المعيشية التي ستتعمّق، والفوضى التي ستنتشر جراء الإنهيار، مع العلم أن كل الأطراف السياسية الداخلية تعلن، وبشكل يومي، أنها لن تتفرّج على الإنهيار، وستعمل على مواجهته، ولكن ربما بعد حصوله وليس قبله من أجل تفاديه.
وتخلص المصادر السياسية المسيحية نفسها، إلى التأكيد بأن محور زيارة البطريرك الراعي هو الذهاب إلى حل حكومي بعدما كان وصف في عظته الأخيرة، تفويت الفرصة المتاحة لزيارة قداسة البابا فرنسيس إلى لبنان من خلال عدم تشكيل الحكومة بأنه «جريمة».