قوات صنعاء تبدأ تطويق مأرب تمهيداً لدخولها
تتّجه قوات صنعاء نحوَ تطويق مدينة مأرب من المدخلَين الغربي والجنوبي، تمهيداً لدخول المدينة التي باتت أقرب إلى السقوط من أيّ وقتٍ مضى، وفق ما يشير إليه مسار العمليات العسكرية. وبعدما تقدَّما من الاتجاهَين الغربي والشمالي الغربي، نحو قاعدة «صحن الجنّ» العسكرية، استكمل الجيش و»اللجان الشعبية»، يوم أمس، سيطرتهما على سلسلة جبال البلق القِبْلي، ما من شأنه أن يمنحهما هامشاً واسعاً لتقييد حركة قوات عبد ربه منصور هادي في الطلعة الحمراء، والإشراف على طريق مأرب ــــ صنعاء
وكانت قوات صنعاء قد استكملت، قبل أيّام، سيطرتها على جبهة المشجح، بعد تقدُّمها، الأسبوع الماضي، في ما تبقّى من وادي العطيف، وذلك في أعقاب سيطرتها على قرن ملبودة. كما تمكّنت، خلال اليومين الماضيين، من تطويق الطلعة الحمراء من أكثر من اتّجاه، لتَفْتح جبهة إضافية من حمة الحجيلي في اتجاه الطلعة، ما من شأنه أن يضع قوات هادي أمام خيارَي الاستسلام أو الاستنزاف من دون أيّ خسائر للجيش و»اللجان» اللذين باتا يتحكّمان بكلّ المواقع والتّباب في جبهات محيط مأرب، باستثناء تبّة البس وتبّة المصارية، فيما سقطت تبّة السلفيين الواقعة قبالة جبال الخشب تحت سيطرتهما أوّل من أمس. وحفّزت تلك التطوُّرات قوات صنعاء على استكمال سيطرتها على سلسلة البلق القِبْلي الواقعة في أقصى شرق منطقة صرواح، لتُمهّد المعركة التي بدأت، الأربعاء، بتقدُّم الجيش و»اللجان» شرق منطقة الزور وسيطرتهما على موقعَين استراتيجيين في غرب البلق القِبْلي، وموقع آخر في البلق الأوسط المقابِل للبلق القِبْلي، لعملية عسكرية انطلقت فجر الخميس، واستمرّت لأكثر من 12 ساعة، وانتهت بسقوط أجزاء واسعة ممّا تبقّى من شاطئ بحيرة سدّ مأرب بيد قوات صنعاء.
ويشير التقدُّم الجديد الذي أحرزته قوات صنعاء، فجر أمس، في سلسلة البلق القِبْلي من منطقة الزور وخلفَ سدّ مأرب جنوب غرب مأرب، إلى بدء تلك القوات بتطويق مداخل المدينة من أكثر من اتجاه (الغربي والشمالي الغربي والجنوبي)، تمهيداً للسيطرة على الطلعة الحمراء وتبّة المصارية، والتقدُّم في اتجاه مركز المحافظة من الاتجاهَين الغربي والشمالي الغربي، وفصْل جبهات مراد التي اشتعلت خلال اليومين الماضيين، عن جبهات محيط المدينة بشكل كلّي، وتأمين جميع المواقع الخلْفية لدخول مأرب التي أصبحت أقرب من أيّ وقت مضى إلى السقوط بيَد صنعاء. وتضع سيطرة الجيش و»اللجان» على أجزاء واسعة من جبال البلق، أمس، الحاميات المتبقّية للمدينة تحت رحمة نيرانهما، وتُقرّبهما أكثر من إسقاط تبّة المصارية التي يطلّ عليها البلق القِبْلي، فضلاً عن أنها تمنحهما هامشاً واسعاً لتقييد حركة قوات هادي في الطلعة الحمراء، والإشراف على طريق مأرب ــــ صنعاء. وهو تطوّر يضاف إلى تقدُّمهما جنوباً نحو الطريق الرابط بين مدينة مأرب ومحافظة شبوة من البلق الأوسط. ويفيد خبراء عسكريون بأن سقوط جبال البلق بيد الجيش و»اللجان» يقودهما إلى التقدُّم نحو منطقة الجفينة، وصولاً إلى المدخل الجنوبي لمدينة مأرب.
في المقابل، وبعدما أخفقت في إعادة إشعال جبهات العلم الواقعة على بعد 65 كيلومتراً شمالي مأرب خلال الأيام الماضية، حاولت قوات هادي التصعيد عسكرياً في جبهة أسداس الواقعة ضمن مديرية رغوان شمال غرب المدينة، لكنها فشلت في ذلك أيضاً بسبب رفض القبائل في المديرية الانخراط في القتال وإعلانها الوقوف على الحياد، بعدما أبرم زعماؤها اتّفاقات مع صنعاء، العام الماضي، قضت بتحييد قراهم ومزارعهم عن الصراع. وعلى رغم ذلك، عادت قوات هادي مرّة أخرى، مساء الخميس، لتُعزِّز ما تَبقّى لها من مواقع في الجبهة الغربية بمسلّحين قبليين موالين للقيادي في «حزب الإصلاح»، منصور الحنق، لكن الأخير وقع في كمين مسلّح نفّذته قوات صنعاء في منطقة ذات الراء غربي مأرب، ليصاب إصابة بالغة أُسعف على إثرها إلى الرياض لتلقّي العلاج. وأفادت مصادر قوات هادي في مدينة مأرب بأن قائد اللواء 312 مدرع، العميد فيصل عبد الله القعود، قُتل هو الآخر في هذا الكمين.
التغيّرات المتسارعة في مسار معركة محيط مدينة مأرب، أفقدت السعودية الثقة بقوات هادي وبزعماء القبائل الموالين لها في المحافظة. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر قبلية أن العميد يوسف خير الله الشهراني، قائد عمليات المنطقة الشمالية الغربية والمعيَّن قائداً للقوات السعودية في مأرب في تموز/ يوليو 2020، طالب مشائخ القبائل الموالين للرياض، أثناء زيارة خاطفة قام بها إلى المدينة قبل أيّام، بتسليم الأسلحة والأطقم التي تسلّموها من قيادة «التحالف» للقتال، وذلك بعد انسحاب مقاتلي قبائل مراد وعبيدة من جبهات قوات هادي قبل أسبوعين.