ما تداعيات العودة الشعبية المهيبة في لبنان وغزة على مشروع ترامب؟

غالبيتنا قد يستغرب ربط المشهدين بدونالد ترامب، ولكن هناك رابط مباشر نريد ان نتحدث عنه في حلقة هذا اليوم من برنامج “جوا الصندوق”.
في حملته الانتخابية قال الرئيس الامريكي دونالد ترامب ان “اسرائيل دولة مساحتها صغيرة” وانه يجب لهذه المساحة ان تزيد، وهذا الكلام قاله ترامب عام 2024 بعز الحرب الاسرائيلية على الشعبين الفلسطيني واللبنانين.
منذ صعوده على المسرح السياسي بحملته الانتخابية الاولى التي بدأت عام 2015، كثيرون في العالم تعاملوا مع ترامب على انه مهرج وان تصريحاته هي مادة للتسلية ليس اكثر، ولكن هناك تجربة ماثلة امامنا وهي ولاية ترامب الرئاسية الاولى، أي بين عامي 2017 و2021، وفي هذه الولاية ترامب أصدر قرارات شديدة الاهمية لمصلحة الكيان الاسرائيلي، ومن أبرز هذه القرارات ومن اهمها ايضا التطبيع بين بعض الدول العربية وكيان الاحتلال، كالامارات والبحرين والمغرب والسودان، وهذه القرارات لها عدة اهداف، لكن اكثر الاهداف وضوحا وعلنية هي جعل وجود الكيان الاسرائيلي طبيعي في بلادنا وفتح الاسواق العربية امام الاقتصاد الاسرائيلي وفتح الاقتصاد الاسرائيلي امام الاموال العربية، وجعل الكيان عقدة اتصال ومواصلات ونقل بين الشرق واوروبا، وهذا الامر ظهر لاحقا بمشروع طريق الهند-اوروبا الذي يمر بعدد من الدول العربية، واهم عقدة فيه هي فلسطين المحتلة، وهذا الطريق قدمته الولايات المتحدة الامريكية بصفته منافس لمشروع الحزام والطريق الصيني.
قرار التطبيع تم فرضه بالتهديد وبالاقتصاد وتحديدا في حالة السودان الذي عرضت عليه صفقة عنوانها رفع العقوبات الامريكية عن السودان مقابل التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وهذا ما حدث. دائما انصار الكيان في الغرب وفي بلادنا، اي “الصهاينة العرب” يبشرونا بالمن والسلوى في حال وافقنا على التطبيع، ويتعاملون مع التطبيع كما لو انه ديانة، اي يخبرونا ان الخير كل الخير بالتطبيع مع “اسرائيل”، ويرفعون شعار التطبيع هو الحل لكل مشاكلنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية والعائلية ايضا، وهم أنفسهم يتجاهلون الواقع في الاردن ويتجاهلون الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي السيء بمصر، والاهم انهم يتجاهلون واقع الحرب بالسودان الذي تسبب فيها ولا يزال متورطا فيها محور التطبيع، وعلى رأسه النظام الحاكم في الامارات العربية المتحدة، وتستطعيون العودة الى حلقتنا الاولى من برنامجنا “جوا الصندوق” الذي تحدثنا فيها عن جزء من دور الامارات التخريبي في بلادنا.
ترامب الذي يعتبره الكثير منا بأنه مهرج مسلي، منح كيان الاحتلال اعتراف علني من دول عربية ومنحه اصوات عربية واموال عربية وحوله الى مركز للطاقة والمال والتكنولوجيا والعبور في بلادنا وغيرها ايضا من الامتيازات الكثيرة.
شاهد ايضا.. مشهدية تسليم الاسرى الاسرائيليين تغضب نتنياهو
إضافة الى قرار التطبيع اخذ ترامب قرارات لا تقل اهمية وخطورة لمصلحة كيان الاحتلال، ابرزها قرار بتوسيع مساحة ما يسمى “اسرائيل ايف” اول قرار كان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، القدس بحسب القرارات الدولية هي ارض يجب ان تخضع لوصاية الامم المتحدة كما يقول قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الامم المتحدة سنه 1947، وهنا ذكر هذا القرار لا يعني الاعتراف بشرعيته من قبلنا، ولكننا نتكلم من زاوية الزامهم بما الزموا به انفسهم، اي ان المنظومة الدولية التي اصدرت هذا القرار وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، ومن جهة ثانية “القدس الشرقية” مشمولة بقرار مجلس الامن الدولي رقم 242 الذي يعتبر ان الاراضي التي احتلها الكيان الاسرائيلي بعد الرابع من حزيران 1967 هي اراضي فلسطينية يجب ان ينسحب منها كيان الاحتلال، هي ايضا اراضي عربية بما كان يخص سيناء وبما يخص جزء من الاراضي الاردنية وايضا الجولان، ورغم ذلك ترامب اصدر مرسوما يعتبر فيه القدس كاملة عاصمة للكيان الاسرائيلي، اضافة الى قرار القدس اصدر ترامب مرسوم يعتبر فيه الجولان السوري المحتل ارضا إسرائيلية، وايضا ما يسري على القدس يسري على الجولان المشمول بالقرار 242، يعني حتى الولايات المتحدة الامريكية نفسها كانت تعتبره ارضا سورية محتلة ويجب على الكيان الانسحاب منها، طبعا هنا كلمة “يجب” هي كلامية صورية ولا يوم الولايات المتحدة الامريكية حاولت اجبار كيان الاحتلال على الانسحاب من الجولان من دون شروط، لكن ضل الجولان رسميا ارضا سورية الى ان اتى ترامب واصدر قراره.
هذا القرار يعني توسيع ما يسمى “ارض اسرائيل” على حساب الارض العربية بطبيعة الحال، وهنا يجب ان نذكر أن الكيان الاسرائيلي هو كيان لم يحدد بعد حدوده النهائية، أي انها لا تزال قابلة للاستيلاء على اراضي جديدة، وهذه القابلية ليست نظرية بل عملية، وآخر تطبيق عملي تم من خلال احتلال اراضي سورية جديدة في كانون الاول/ ديسمبر 2024، نتكلم في عام 2024 وليس قبل 70 عاما، وليست بالفترة التي نقول فيها انه حدث على زمن اجدادنا وآبائنا قبل 48عامي و67.
إن مشروع ترامب لم ينته في ولايته الاولى، لا بل انه في حملته الانتخابية الاخيرة عاد وطرح فكره توسيع “ارض اسرائيل”، وبعد بدء ولايته في كانون الثاني/ يناير 2025 ومن بعد وقف اطلاق النار بغزة قال ترامب انه يتفاوض مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومع الملك الاردني عبد الله بن طلال، يتفاوض معهما على استقبال عموم اهل غزة. الكثيرون قالوا ان ترامب يتكلم بصفته مطور عقاري وانه يرى في غزة أرض يمكن استثمارها بمشاريع تجارية وسياحية، كما قال هو، لكن للمرة العاشرة وهذا يجب ان نكررها، ترامب ليس مهرجا مسليا، وليس مطور عقاري، هذا رئيس الولايات المتحدة الامريكية، اقوى دولة بالعالم والدولة الوحيدة اللي تنفذ من عشرات السنين مشروع للهيمنة على كل الكوكب والدولة اللي بتحتل كل انحاء العالم بقوة سلاحها واساطيلها وجيوشها واقتصادها.
ولهذا السبب لا يمكن ان نتعامل مع تصريح ترامب عن تهجير جميع سكان قطاع غزة الا بالكثير من الجدية، وحتى لو أن النظامين المصري والاردني رفضا مشروع ترامب الجديد او على الاقل رفضوا الانخراط فيه، لكن لا يوجد شيء يضن انها مستقبلا لن يرضخا، لأن طبيعة الانظمة العربية هشة امام الولايات المتحدة الامريكية لأسباب تحتاج وقتا طويلا لشرحها، انما يكفي في هذا المجال الاشارة للضغوط التي جعلت النظام السوداني يرضخ للتطبيع.
خطوره قرارات ترامب تظهر ايضا من زاوية اخرى وهي ان الرئيس الذي وصل بعده على البيت الابيض، اي جو بايدن، لم يلغ قرار الاعتراف بالقدس ولا قرار الاعتراف بالجولان ارضا اسرائيلية، وهذا يعني ان ترامب مرة اخرى، وهو من يعتبره الكثيرون مهرجا ومسلي، ينفذ سياسة الولايات المتحدة الامريكيه كنظام حاكم للعالم، ونتائج قراراته لا يمكن الغاؤها بشطبة قلم من رئيس سيأتي بعده، والوحيد القادر على هذه القرارات هو نحن، اهل الارض، بفلسطين ولبنان وسوريا ومصر والاردن وباقي الاقطار العربية، لكن الاكيد ليس الانظمة المستمرة بالتفريط بحقوقنا هي التي ستلغي مفاعيل قرارات ترامب، هذه الانظمة ليست مستمرة فقط بالتفريط بحقوقنا، بل ايضا تشارك في ابادتنا الى جانب كيان الاحتلال اميركا والغرب مجتمعا مثل ما صار بحرب الاعوام 2023 و24 وصولا الى 2025…
شاهد الحلقة كاملة في الفيديو المرفق..
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2025-02-01 23:02:03
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي