كيف لهذه الأشلاء (السياسية والطائفية) أن تصنع رئيساً للجمهورية؟ الأشلاء التي يراهن عليها بعض من في الداخل، أو بعض من في الخارج، اما في اتجاه اللاحكومة ولا رئيس للجمهورية ولا جمهورية، أو في اتجاه اعادة تركيب الدولة اللبنانية بصيغة أخرى، وبفلسفة أخرى…

أحد الأساقفة حدثنا عن “التراجيديا المارونية” كيف يقود القادة الموارنة الطائفة التي كانت وراء قيام لبنان، واليوم تبدو وكأنها العائق دون قيامة لبنان؟

فارسان في الحلبة. لا ندري أيهما يشهر سيف قسطنطين الأكبر، وأيهما يشهر سيف دونكيشوت. جبران باسيل يريد رئيساً بحيثية شعبية وبكتلة نيابية وازنة، كما لو أننا لم نختبر على مدى ست سنوات ما يعنيه “الرئيس القوي” الذي يصل عبر التسويات، وبصلاحيات تفرض عليه أن يكون رهين المحبسين. القصر والأوليغارشيا التي تطبق على صدره، كما تطبق على صدور الرعايا.

سمير جعجع، وباللغة الجعجعية اياها لا يقبل برئيس “شو ما كان وكيف ما كان”. هل يريد رئيساً بمواصفات أفلاطون، أم بمواصفات هولاكو، أم بمواصفات وليد البخاري الذي لا ندري سبب تركيزه على وثيقة الطائف كما لو أنها وضعت لصيغة أبدية، لا كحالة مؤقتة تنتقل بلبنان من التظام الطائفي الى النظام الذي يحل ثقافة الدولة محل ثقافة الطائفة.

على كل صاحب السعادة الملكية كرّس نفسه المرجعية الرابعة، لا بل المرجعية الأولى التي يعود اليها الوزراء والنواب وحتى السفراء، آخرهم (وتصوروا) السفيرة الفنلندية. دولة سعودية داخل (أو فوق) الدولة. لا مشكلة ما دامت لوحات نهر الكلب ـ التي نفاخر بها ـ تظهر كم أننا لا نستطيع الا أن نكون اما ظلاً للغزاة أو ظلاً للأوصياء…

ما نفهمه من كلام القائدين المارونيين (العظيمين) أن كلاً منهما يقول للملأ “أنا أو لا أحد”. ما رأيكم برئيسين للجمهورية. أيها الاثنان متى كان القادة الموارنة يصنعون الرئيس الماروني، وقد بات الحصانان السني والشيعي يتنافسان ويتصارعان على من يجر الجمهورية، و… رئيس الجمهورية!

القائدان (العظيمان) يضعان لبنان، ويضعان اللبنانيين في الدوامة. لا أحد منهما يمكنه الوصول الى القصر الذي يقفلان الطريق اليه أمام أي ماروني آخر. يفترقان في كل شيء، ويتفقان على شيء واحد: الفراغ…

أي من رؤساء الجمهورية ـ باستثناءات محدودة ـ كان يمتلك حيثية شعبية، أو كتلة نيابية مؤثرة. الكل كانوا وما زالوا يأتون بتقاطع اللعبة الداخلية مع اللعبة الخارجية.

حين زارتنا كاترين كولونا أبدت خشيتها من أي هزة أمنية، قد يعتقد البعض أنها تمهد لـ “دوحة ثانية” تأتي برجل لا لون له ولا شكل له. لكأنه “بدل ضائع” على رأس الجمهورية.

لا مجال لهزة أمنية مبرمجة، وقد تأقلمنا مع الهزات السياسية المتلاحقة. لننظر الى ما حولنا. صراع الأمم، وعندنا حيناً صراع الصلاحيات، وحيناً صراع الحقائب. الظروف تغيرت وتتغير أكثر. يفترض ان ننظر بالأشعة ما تحت الحمراء الى ما حدث في مسألة الترسيم. ثمة معادلة جديدة في لبنان، ما يفترض التوافق على رئيس يأتي بروحية الرجل الذي يكون لكل لبنان، لا الرجل المعلب، ولا الرجل المبرمج على طريقة والت ديزني.

كولونا جاءت لبضع ساعات. فرنسا منشغلة هذه الأيام بالأزمات الناتجة عن الحرب، أو بالاحتمالات التي تأتي بها الحرب (ليلة الصقيع أم الليلة النووية؟). الوزيرة الفرنسية عادت، ربما لتقول لايمانويل ماكرون ما قالته صحيفة “لو باريزيان” ذات يوم، من أن التعاطي مع الساسة في لبنان “لكأنها رقصة الفالس مع الشيطان”!!

لماذا كل ذلك الصراع (صراع النرجسيات) حول رئاسة الجمهورية، أذا كان فخامته سيرى نفسه، ومنذ اللحظة الأولى، تحت وصاية صندوق النقد الدولي، بدعوته الهياكل العظمية، وحتى الموتى، الى شد الأحزمة؟

مهمة شاقة أمام الوسيط الفرنسي لكي يجمع الأميركي والسعودي والايراني حول اسم واحد.

البيت الأبيض، وبظهور الغاز في مياهنا، لن يقبل بأي تغيير في المنظومة الحاكمة. مثلما

ad

تتويج “نواطير النفط”، تطويب “نواطير الغاز”. هذا ما حدث في العراق. لبنان شيء آخر. هل أتاكم حديث المسيّرات…؟