الازمة تستعر: رفع سعر ربطة الخبز والبنزين ينفد نهاية الاسبوع بري يحرج الحريري حكوميا والعونيون يلوحون بالتصعيد الراعي يهاجم الطبقة الحاكمة «الهدامة» وعون يستنجد بـ «المغتربين»
بولا مراد-الديار
كما كان متوقعا، تتسارع مراحل الانهيار الكبير ما يقرب اللبنانيين اكثر من اي وقت مضى من الارتطام..كل ذلك في وقت تواصل القوى الحاكمة سياسة النكد والنكايات غير آبهة بمصير البلاد والعباد، وآخر المستجدات على هذا الصعيد اعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري صراحة ان لا حكومة ولا اعتذار، اضافة لاصرار رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على قيام حكومته بالحد الادنى من واجباتها رغم الظروف الاكثر من استثنائية التي تمر بها البلاد، ما يثير غضبا عارما شعبيا وسياسيا.
لا بنزين خلال ايام!
وشهدت الساعات الماضية، مؤشرين يؤكدان ان مستوى الانهيار بلغ مستويات غير مسبوقة، اولهما تنبيه المعنيين من نفاد مخزون البنزين والمازوت نهاية الاسبوع، والثاني رفع سعر ربطة الخبز ليبلغ ٣٠٠٠ ليرة.
وحذر أمين سر نقابة موزعي المحروقات في لبنان، حسونة غصن يوم أمس من «نفاد مخزون المحروقات في لبنان»، لافتاً إلى أنه «اعتبارا من اليوم (أمس الثلاثاء) ستتضخم أزمة البنزين بلبنان، في وقت كان يفترض به السير بخطة وزير الطاقة ريمون غجر برفع اعتماد شراء المحروقات من دولار 1500 إلى دولار 3900 حسب الاتفاق الذي تم مع حاكم مصرف لبنان ، وإلا سنكون أمام رفع الاعتمادات ونفاد المخزون». وناشد غصن، في بيان، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «الطلب من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حل المشكلة».
من جهته، أكد ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا «اننا ننتظر ردّ الحكومة على موضوع تسعير المحروقات على أساس الـ3900»، ولفت الى ان «أصحاب أكثر من 140 محطة محروقات رفضوا تسلم البنزين من الشركات بسبب تعرضهم للمشاكل والابتزاز والضرب ولم يستطيعوا حماية أنفسهم». وطالب «الأجهزة الأمنية واللواء عثمان بحماية المحطات التي تقوم بواجباتها».
وقالت مصادر معنية لـ «الديار» ان المخزون الحالي للبنزين لن يصمد ابعد من يوم الاثنين المقبل. لافتة الى ان «اللبنانيين سيتمنون الوقوف في الطوابير للحصول على البنزين الذي سيصبح مقطوعا بالكامل ما يهدد بكارثة كبرى». واضافت المصادر: «كالعادة يقوم المسؤولون السياسيون باحراق اعصابنا واعصاب اللبنانيين ليخرجوا بحلول بالربع ساعة الاخير قبل وقوع الواقعة.. وللاسف الحل الوحيد المطروح والمتاح اليوم ترشيد الدعم اي التسعير على الـ ٣٩٠٠ او رفعه كليا!»
وفي هذا السياق، قالت المديرة العامة للنفط أورور فغالي «نحن ننتظر فتح البنك المركزي الاعتماد الخاص بباخرة النفط الجديدة استناداً إلى الإجراءات التي اتخذها اخيرا في إطار الدعم كي نستلم البضاعة ونوزّعها في السوق… وهذا حال شركات الاستيراد الخاصة أيضاً».
ودخل القضاء مجددا على خط ازمة المحروقات يوم امس، اذ أفيد ان النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات أمر بفتح 3 محطات محروقات في راشيا لبيع كامل مخزونها من المحروقات قبل الادعاء على أصحابها.
رفع سعر الخبز وضبط زيوت مغشوشة!
معيشيا ايضا، رفعت وزارة الاقتصاد والتجارة في الساعات الماضية، سعر ربطة الخبز، وأصدرت الوزارة الجدول الأسبوعي لسعر مبيع دقيق القمح، موضحةً فيه أن هذا الارتفاع أتى نتيجة «توقف مصرف لبنان عن دعم مادة السكر في الأسواق اللبنانية، واستناداً إلى سعر القمح في البورصة العالمية، وإلى سعر صرف الدولار، واستناداً إلى سعر المحروقات، ونظراً للظروف الاقتصادية الضاغطة والقدرة الشرائية المنخفضة التي يعاني منها المواطنون».
ودائما في اطار الازمات والكوارث التي يتخبط فيها اللبنانيون، أمرت النيابة العامة في البقاع بضبط 20 طنا من الزيوت بعد أن بيّن الفحص المخبري أنها مستخرجة من فول الصويا، ويتمّ بيعها تحت تسمية فيتالي على أنها مستخرجة من دوار الشمس للاستعمال البشري. وطلب النائب العام لدى محكمة التمييز اتخاذ الإجراءات القضائية القصوى المتاحة قانوناً بحق الفاعلين.
الحريري يرغب بالاعتذار.. والعونيون للتصعيد
سياسيا، بقي التأزم سيد الموقف، فالمواقف التي اطلقها بري اخيرا معلنا فيها ان لا مؤشرات على تشكيل قريب للحكومة ولا اعتذار للحريري، اكدت ان لا وجود لاي افق حل، بل بالعكس الامور تتجه للمزيد من التصعيد.
ولفت ما قالته مصادر نيابية في «المستقبل» لـ «الديار» عن ان «الرئيس بري بموقفه هذا يحرج الرئيس الحريري الذي حسم امره بالاعتذار لكنه بات مترددا كي لا يبدو وكأنه يعاند رئيس البرلمان الذي يقف جنبه وحيدا والذي يشكل الداعم الاول والابرز له». واضافت المصادر: «الرئيس الحريري بات على يقين بأن لا امكانية لتحقيق اي خرق في ظل المعطيات الراهنة ولا يريد ان يكون في صدارة الصورة عند حصول الارتطام، اضف انه بات مقتنعا انه حتى لو شكل الحكومة في الظروف الراهنة فلن يتمكن من تحقيق الاهداف التي كان قد وضعها حين قبل تكليفه قبل ٨ اشهر.. اليوم كل شيء تغير والافضل ان نتنحى بانتظار مرور العاصفة».
بالمقابل، لا يبدو ان رئيس الجمهورية و «التيار الوطني الحر» سينتظران طويلا قبل «الانتفاضة» خاصة انهما وبحسب مصادرهما لا يتوقعان جوابا شافيا وحاسما على ما كان قد تقدم به النائب جبران باسيل لجهة طلب مبادرة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالملف الحكومي. وتقول المصادر لـ «الديار»: «مبادرة الرئيس بري اصبحت من الماضي ويبدو واضحا انه يصر على المكابرة كما ان حزب الله لن يقلب الطاولة بوجه حليفه الشيعي، لذلك سيكون علينا ان نلعب ما تبقى من اوراق بين ايدينا لاننا لن نقبل بأن نتفرج على انهيار الدولة من دون ان نحرك ساكنا»، مؤكدة ان اللبنانيين سيكونون على موعد مع خطوات جديدة قريبا جدا.
ويتلاقى ما قالته المصادر مع ما اعلنه عضو « لبنان القوي» النائب جورج عطالله يوم امس عن ان «الرئيس عون يدرس خيارات محددة تتجاوز كلمة أو رسالة للمجلس النيابي أو رسالة متلفزة» كاشفا ان «ما سيقوم به سيكون له مفعول تنفيذي يؤدي لإعادة خلط الأوراق لتسريع تشكيل الحكومة، ويؤدي لحلول جذرية». مضيفا: «التوقيت عند الرئيس ولكن ليس ببعيد». وأكد أن «هذا الموضوع يُبحث بشكل واضح بحيثياته وتوقيته، وحتى عندما طرح باسيل موضوع استقالة التيار من المجلس النيابي طرحه على قاعدة «أبغض الحلال»، وقال، هذا الأمر لن يؤدي إلى حل أي شيء في الأزمة إلا موضوع التكليف».
واكد باسيل خلال اجتماع تكتل «لبنان القوي» امس ان «لا أحد يحق له تحويل اللبنانيين الى أسرى معادلة اللاءات المانعة للتشكيل بعد كل التنازلات والتسهيلات التي تم تقديمها». وشدّد على ان «الاستمرار في حال المراوحة هو بمثابة ارتكاب جريمة بحق الناس وهذا ما لن يشارك فيه او يسكت عنه او يقبل باستمراره».
عون يستنجد بالمغتربين
في هذا الوقت، وبمحاولة منه للبحث عن خشبة خلاص وسط كل هذا الركام، شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على «اهمية الدور الذي يلعبه اللبنانيون في دنيا الانتشار للمساعدة على اعادة النهوض الاقتصادي في لبنان والحد من تداعيات الاوضاع الراهنة على اللبنانيين المقيمين الذين يواجهون صعوبات في حياتهم اليومية». وأكد عون «العمل لإحياء الاقتصاد اللبناني واسترداد قيمة الليرة»، داعيا الجميع الى «التعاون لتحقيق هذا الهدف، لا سيما ابناء الانتشار الذين في استطاعتهم لعب دور مهم في هذا المجال». وشدد عون خلال استقباله، وفدا من جمعية الصداقة اللبنانية – الزيمبابوبينية، أن «الانماء في لبنان ضرورة، لا سيما في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها وفي ظل الازمة الكبيرة التي يعيشها اللبنانيون والتي لا سابق لها، وهي جزء من الارث الثقيل الذي ورثناه من العهود السابقة ونتيجة لتراكم الازمات التي بدأت بالديون الهائلة التي ترتبت على الدولة، نتيجة الفساد وهدر الاموال العامة وسوء الادارة، وقد وزاد هذا العبء بعد الحرب في سوريا واغلاق الحدود، إضافة طبعا الى التأثير الكبير للنزوح السوري على مختلف القطاعات الاقتصادية، من دون اغفال تأثير تظاهرات تشرين وجائحة «كورونا»، وصولا الى الكارثة الكبيرة التي حلت على لبنان إثر وقوع انفجار مرفأ بيروت». وأضاف: «إن العبء كبير جدا على بلد صغير مثل لبنان، اقتصاده فقير بالانتاج، وتم دعم عملته الوطنية عبر زيادة الديون، في حين كان من الاجدى دعم الليرة عبر زيادة الانتاج الوطني. لذلك نحن نحاول اليوم إعادة إحياء الاقتصاد اللبناني واسترداد قيمة الليرة، وندعو الجميع الى التعاون لتحقيق هذا الهدف، لا سيما ابناء الانتشار الذين في استطاعتهم لعب دور مهم في هذا المجال».
وفي موقف لافت للبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يغادر الى روما في 29 الشهر الحالي للمشاركة في اللقاء الذي دعا اليه قداسة البابا فرنسيس ليوم صلاة وتفكير من اجل لبنان، قال ان «السياسة ممعنة عندنا بالتخريب والهدم وكأن العمل السياسي هو من اجل خراب وطن». واشار البطريرك الراعي إلى أن عقلنا حر وقدراتنا حرة ونستطيع اذا تضامنا أن ننهض على الرغم من كل شيء». واعتبر الراعي اننا «لسنا الوطن الوحيد الذي يختبر هذه المحنة، يجب أن ننتزع الخوف من قلوبنا ونجدد الثقة بوطننا فاجدادنا قاوموا وهذا هو دورنا اليوم».
حل للنفايات
ومن خارج السياق العام المتخبط في الازمات، برز يوم امس حل لازمة النفايات في المتن وكسروان، فأعيد فتح مطمر الجديدة بعد وضع خطة لحماية المكان تقضي بتثبيت نقاط مراقبة بشكل دائري بالتنسيق بين شرطة البلديات في كسروان و المتن وبمؤازرة امنية.
وبدأت شاحنات شركة رامكو منذ الصباح بجمع النفايات من الشوارع في القضاءين، بعدما أعلنت الخميس الماضي أنه تم إقفال مطمر الجديدة من قبل الشركة المتعهدة الأمر الذي شكل مانعاً وعائقاً حال من دون تفريغ النفايات في المطمر، ودفعها بالتالي إلى التوقف عن رفعها إلى حين فتح المطمر من جديد.
الاموال في سويسرا!
وعلى صعيد التحويلات الخارجية، لفت ما كشفه امس موقع «فاي نيوز» السويسري، عن أن «العملاء اللبنانيين جمعوا أموالاً في سويسرا أكثر من أي وقت مضى العام الماضي، ويأتي ذلك على خلفية التحقيقات الفرنسية والسويسرية في المخالفات المحتملة في المصرف المركزي اللبناني».
وكشفت بيانات «البنك الوطني السويسري»، بحسب الموقع، أن «أزمة البلاد تسببت في هروب رؤوس الأموال إلى سويسرا. حيث ارتفعت الأموال المودعة في سويسرا نيابة عن العملاء اللبنانيين في عام 2020 بنحو الثلثين، أو 2.5 مليار فرنك سويسري أي 2.7 مليار دولار ، لتصل إلى 6.46 مليار فرنك»، مؤكدةً أن «هذا يمثل أعلى مبلغ منذ أن بدأ البنك الوطني السويسري في إصدار البيانات في عام 1996».