فجر الأمة يصنعه الغزيون.. البروفيسور أنيس الخصاونة
أنيس الخصاونة
لا يلومن أحد أهل غزة على فعل أي شيء لإبقاء قضيتهم حية وسط مؤامرات الأصدقاء والأشقاء قبل الأعداء على مستقبلهم وحقوقهم وأوطانهم…نعم الغزيون يفعلون ويبدعون في سبل الاحتجاج والمقاومة ليس يأسا ولا قنوطا من رحمة رب العباد ،ولكن إصرارا على الحقوق وتشبثا بالأرض والمقدسات.
تخلت معظم الدول العربية عنهم إلا من رحم ربي ،حيث ما زالت مواقف الأردن والجزائر صامدة رغم ما تتعرض له من ضغوط وتهديد ووعيد.تخلي العرب عن دعم القضية الفلسطينية على جسامته لم يكن الأكثر إيذاء للقضية الفلسطينية، ولكن وقوفهم المستتر والعلني مع العدو ودفاعهم عن حقه بالوجود ،وأن إسرائيل دولة صديقة ليس لها عداوة مع دولهم، وزياراتهم المتبادلة مع الكيان الصهيوني واستثماراتهم في إسرائيل وتطبيعهم المجاني معها كل ذلك يصب في إيذاء القضية الفلسطينية ودرتها القدس الشريف .
أهل غزة محاصرون من جميع الجوانب من الكيان الصهيوني ومن السلطة الفلسطينية ومن مصر فماذا يمكنهم أن يفعلوا غير المقاومة ! لن يضير أهل غزة تخلي العرب والعالم عنهم فقد تخلى العالم عن نلسون مانديلا وشعب جنوب إفريقيا في نضالهم ضد الأبارتايت واستطاع تحرير شعبه من الطغيان ،وكذلك استطاع شعب البوسنة تحرير نفسه من الظلم والاستبداد بالتضحيات والإيمان بعدالة قضيته. الغزيون استوعبوا منذ زمن بعيد أن العودة لا تتحقق إلا بالقوة وحرمان الإسرائيليين في المستوطنات وفي المدن الفلسطينية المحتلة من العيش بسلام.نتنياهو كما صرح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون لن يقبل على السلام مع الفلسطينيين ومواطنيه يسرحون ويمرحون ويتنقلون آمنين في القدس وتل أبيب ونابلس وجنين والناصرة.ما يجلب الإسرائيليين للسلام هي القوة والإصرار على الحقوق وليس التفريط بها كما تفعل السلطة الفلسطينية.
نعم لقد دفع الغزيون أثمانا باهظة لنضالهم، وتحملوا من القسوة وشظف العيش والمهانة وتردي مستويات الحياة ما لم يتحمله شعب آخر حتى لو كان هذا الشعب أشقائهم في الضفة الغربية التي عانت ذاتها من قسوة الاحتلال ولكن بدرجات لا ترقى إلى تلك القسوة والوحشية التي عانى منها أهل غزة إبان حروب الإبادة التي شنتها إسرائيل على هذا القطاع المظلوم. أهل غزة اليوم يقفون وحيدين عزلا ومعزولين عن محيطهم العربي الذي انشغل ،وربما أشغل بفعل فاعل واسم الفاعل هنا هو الرئيس الأمريكي السابق ترمب،في مغامرات ومؤامرات هدفها ابتزاز ثروات هذه الدول والسطو على مقدراتها.الأهل في غزة لم يثنيهم تخلي العرب عنهم ولم ترهبهم ترسانة العدو من السلاح الفتاك، وقد دفعوا وما زالوا يدفعون أرواحهم فداء للقدس والشيخ جراح للوطن .لا نلوم أهل غزة إذا ما امتدت أيديهم لكل من يدعمهم في سبيل تحقيق أهدافهم ،سواء كانوا أردنيين أو قطريين أو أتراك أو إيرانيين أو غيرهم ممن ما زالوا يشعرون بواجبهم من منطلقات العروبة أوالدين أو الإنسانية .
أهل غزة مقاتلين ومواطنين أطباء ومسعفين يصنعون مجدا لم يصنعه قادة أمتهم المترفين الذين يستمتعون بمشاهدة الحمم التي تسقط على سكان غزة وكأنهم يشاهدون أفلاما أو مسلسلات درامية.هؤلاء القادة بعضهم إن لم يكن جلهم يتآمرون على غزة وأهل غزة لأنه يقولون لا للظلم ولا للاحتلال ولا اعتراف بالكيان الصهيوني ونعم لزوال إسرائيل . وفي الوقت الذي يصر الغزيون على المقاومة ورفض الذل والانبطاح العربي المخجل لأمريكا وإسرائيل تقوم بعض الدول العربية باستثمار المليارات في إسرائيل كما تقوم بالتطبيع المجاني معها مع أنها في حالة حرب مع إسرائيل. بعض هؤلاء القادة الهزيلون يتعاونون مع إسرائيل في محاصرة كافة الحركات الإسلامية وهذا يدخل في باب العمالة والخيانة التي تستوجب الخروج على الحكام لا بل ومحاكمتهم .هذا الكلام ليس تحليل ولا اجتهاد فلم يعد الأمر يحتاج إلى ذلك خصوصا عندما يصرح مسئول إسرائيلي كبير أن إسرائيل تتعاون مع أربعة من الدول العربية في جهود منسقة للحد من التطرف الإسلامي .
لقد بات واضحا لدى الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية المغلوب على أمرها أن قادتهم لا يمثلون إرادتهم وأن سياسات بلادهم لا تعكس مواقفهم الحقيقية وتطلعاتهم وأن مواجهة أعدائهم لا يمكن أن تتم وتنجح دون تنظيف بيتهم الداخلي واختيار قادة يمثلون مواقف شعوبهم. أهل غزة الذين تكالبت عليهم قوى الشر الصهيوني والأمريكي والغربي والشرقي توجعهم المواقف المنافقة والكاذبة لقيادات عربية عميلة تتعاون مع إسرائيل على اجتثاث المقاومة ومحاربة الإسلام والمسلمين.
نقول لأهل غزة بأن النصر غير محكوم بالكثرة ولا بالمال فرسالة الإسلام لم تنتصر بالكثرة ولكن بالعقيدة والعزيمة والإيمان لا بل خسر المسلمون بعض معاركهم عندما ركنوا إلى عدتهم وعدديهم فقط. غزة بمليون ونصف من السكان يذيقون إسرائيل العذاب وقلة الأمن والخسائر بالمليارات من الاستيراد والتصدير والعمل. أهل غزة يصنعون فجرا جديدا للأمة ويعلمون الأجيال أن الإيمان والإرادة والعزيمة لن تهزمها ترسانة إسرائيل ولا خيانة ذوي القربي المتعاونين مع هذا الكيان الغاصب. أما شعوب العربية فجلها معكم يا أحرار غزة ووجدانها مع مقاتلي القسام والجهاد الذين يسطرون بدمائهم قصص من الشرف والبطولة في الذود عن كرامة الشعوب .
المصدر: أنيس الخصاونة