غزة | بعد وقت قصير من إعلان حركة «حماس» قرارها العودة إلى سوريا، يصل وفد من الحركة، خلال الأيام المقبلة، إلى العاصمة دمشق، ضمن مجموعة وفود فصائلية فلسطينية ستلتقي الرئيس السوري، بشار الأسد، في ما سيمثّل خطوة أولى على طريق إنهاء خلاف عميق بين الجانبَين، أشعله موقف الحركة من الأزمة السورية. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر «حمساوية»، فقد تمّ إبلاغ الحركة بنيّة الأسد استقبال الفصائل الفلسطينية، وأن «حماس» مَدعوَّة إلى هذا اللقاء، وهو ما ردّت عليه الأخيرة بالإيجاب، مؤكدة أن مسؤول ملفّ العلاقات العربية والإسلامية لديها، خليل الحية، ووفداً قيادياً منها، سيكونان ضمن الجمْع المتوجّه إلى دمشق. ولم يحدَّد بعد موعد الاجتماع السوري – الفصائلي، علماً أن الفصائل طلبت تأخيره إلى حين انتهاء لقاءات المصالحة في العاصمة الجزائرية، فيما كشفت مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن ثمّة ترتيبات لعقْد لقاء ثُنائي منفرد، بعيداً عن الإعلام، بين ممثّلي «حماس» والأسد على هامش الاجتماع الموسّع. وأوضحت المصادر أن اللقاء المُشار إليه سيناقش الإشكاليات التي اعترت العلاقة سابقاً، وطُرق تسويتها، وكيفية «قطْع الطريق على المتربّصين» بمسار إنهاء القطيعة بين الطرفَين، كما سيتناول التحدّيات المقبلة التي تُواجه سوريا والقضية الفلسطينية، وإمكانية إقامة مكتب تمثيل للحركة في العاصمة السورية خلال الفترة المقبلة، على رغم أن خطوة كتلك تعترضها عقبات عديدة، بعضها سوري داخلي، وبعضها الآخر مرتبط بـ«حماس» نفسها، التي يرأسها في الخارج خالد مشعل، والأخير لا يزال على موقف معادٍ للقيادة السورية، فيما الأخيرة تُحافظ، بدورها، على نظرة شديدة السلبية إليه. وعلى رغم ما تَقدّم، من المتوقّع أن تَدْفع هذه الزيارة قُدُماً بخطوات «إعادة المياه إلى مجاريها»، وسط دعم من أطراف محور المقاومة لذلك المسار بشكل كامل، ورعاية إيرانية لصيقة، وإشراف مباشر من الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله.على خطّ موازٍ، وقّعت الفصائل الفلسطينية، في العاصمة الجزائر، اتّفاق مصالحة يقضي بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام، لكن من دون تحديد الآليات التي يُفترض من خلالها تجاوُز العقبات السابقة التي حالت دون انعقادها، وعلى رأسها تلك التي فرضها الاحتلال في مدينة القدس. وفي هذا الإطار، أكدت مصادر «حمساوية»، لـ«الأخبار»، أن الحركة وافقت على الورقة الجزائرية ووقّعت عليها، على رغم كونها «فضفاضة على نحوٍ يتيح لأطرافها التملّص منها مستقبلاً»، متهمّةً حركة «فتح» بأنها هي التي دفعت في اتّجاه إخراج الورقة بهذه الصورة. وبيّنت المصادر أن الفصائل طالبت بأن تُجرى الانتخابات خلال 6 أشهر، إلّا أن «فتح» أصرّت على أن يكون ذلك بعد عام من التوقيع، من دون تحديد جدول زمني للخطوات اللازمة، ومن دون تقديم رؤية أيضاً لكيفية إتمام الاستحقاق في القدس. وبذا، لم تختلف المبادرة الجزائرية عن المبادرات العربية السابقة التي طُرحت على مدار 16 عاماً من الانقسام؛ إذ دائماً ما غاب عنها جدول زمني للتنفيذ، إضافة إلى خلوّها من أيّ ضمانات.
ودعت الوثيقة الجزائية إلى «اعتماد لغة الحوار والتشاور لحلّ الخلافات على الساحة الفلسطينية»، تمهيداً لـ«انضمام الكلّ الوطني إلى منظّمة التحرير الفلسطينية». كما دعت إلى «تفعيل آلية الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لمتابعة إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الوطنية». ونصّت، أيضاً، على «تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية، بما في ذلك عن طريق الانتخابات، وبما يسمح بمشاركة واسعة في الاستحقاقات الوطنية القادمة في الوطن والشتات، وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيث ما أمكن، بنظام التمثيل النسبي الكامل وفق الصيغة المتَّفق عليها والقوانين المعتمَدة، بمشاركة جميع القوى، خلال مدّة أقصاها عام واحد من تاريخ توقيع الإعلان»، فيما أبدت الجزائر استعدادها لاحتضان انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الجديد. كذلك، طالبت الوثيقة بـ«الإسراع في إجراء انتخابات عامّة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وفق القوانين المعتمَدة في مدّة أقصاها عام»، مُشدّدة على «ضرورة تطوير دور منظّمة التحرير وتفعيل مؤسّساتها بمشاركة جميع الفصائل»، فضلاً عن «توحيد المؤسّسات الوطنية وتجنيد الطاقات والموارد المتاحة الضرورية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار ودعم البنية التحتية والاجتماعية للشعب الفلسطيني، بما يدعم صموده في مواجهة الاحتلال»، مُعلِنةً، أخيراً، «تولّي فريق عمل جزائري عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، بالتعاون مع الجانب الفلسطيني».