باسيل يؤنِّب وزراءه.. تتبعون ميقاتي
أساس ميديا
تلقى بعض الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحرّ بانزعاج كبير مضمون اجتماعهم مع رئيس التيار جبران باسيل. فهم جماعة استدعاهم باسيل إلى مبنى ميرنا الشالوحي، ثمّ كان الاجتماع الثاني في اللقلوق مع كلّ وزير بمفرده. والاجتماعان كانا بمنزلة مضبطة وتهديد بأنّ الثقة بهم، وإن استمرّت الحكومة، لم تعُد موجودة. فهل كان القصد دفعهم إلى الاستقالة في حال فشلت مساعي تشكيل الحكومة، ولم يتّفق باسيل مع رئيس الحكومة المكلّف على تلبية شروطه؟
رئيس وزراء التيار
ليست المرّة الأولى التي يمارس فيها باسيل مثل هذا السلوك مع وزرائه من ممثّلي التيار في الحكومة. ففي حكومة حسان دياب استدعى وزراءه إلى اجتماع في اللقلوق لاستعراض أعمالهم ومكامن التقصير، وفتَح لهم جردة حساب طويلة عريضة.
في اللقاءين كان هدف باسيل استنهاض الوزراء في مواجهة ميقاتي وليس الاستسلام له والتماهي معه في كلّ كبيرة وصغيرة، وهما أساس التهمة. وقد عبّر عن امتعاضه من طريقة إدارة الرئيس المكلّف مفاوضات تشكيل الحكومة. وكان باسيل اشترط، منذ بدأ الحديث عن تشكيل حكومة جديدة، تعيين ستّة وزراء سياسيين جدد فيها ليصبح عدد الوزراء ثلاثين وزيراً، على أساس أن تكون حكومة سياسية يمكن أن تملأ الفراغ الرئاسي. سقط الاقتراح فأراد الاستعاضة عنه باستبدال الوزراء الحاليين بوزراء سياسيين. في تبريره الأمر أنّ كلّ فريق سياسي يجاهر بوزرائه في الحكومة، بينما تتمّ المواربة في تمثيل التيار الوطني الحر ويُطلَب منه وزراء غير منتمين إليه ولا محسوبين عليه مباشرة.
هذه النظرية التي تبنّاها باسيل كان ثمنها اختيار وزراء لم يجتمع معهم ولا كانت بينه وبينهم معرفة مسبقة. وزيران فقط كان يعرفهما مسبقاً، والباقون تعرّف عليهم قبل تسميتهم بساعات.
حزب الله وأمل مثالاً
في الممارسة الحكومية شعر باسيل أنّه “أكل الضرب”، فظهر ضعف البعض وغياب فاعليته، بينما صار البعض الآخر أقرب إلى رئيس الحكومة. وزير أو اثنان خرجا عن القاعدة. لكنّ التأنيب شمل الكلّ، ومن بينهم وزراء العدل هنري خوري والخارجية عبد الله بوحبيب والشؤون الاجتماعية هيكتور حجار.
بعض الوزراء ممّن شملتهم مضبطة الاتّهام استفزّهم سلوك باسيل. لم يجد مبرّراً لاتّهامهم بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فكلّ الوزراء ينسّقون معه، ولا يقتصر عليهم فقط. سأل باسيل: لماذا لا يكون التنسيق على غرار تنسيق وزراء حزب الله وحركة أمل أو الوزراء الآخرين مع أحزابهم ومرجعيّاتهم الحزبية؟ ولماذا لا يلتزمون كغيرهم بمواقف التيار من القضايا المطروحة؟
وكمن يردّ التهمة لصاحبها أجابه أحد الوزراء قائلاً: لم يسبق أن اتّفقنا على أمر وجرى عكسه، ولم يسبق أن دعوتَ إلى اجتماع وأخللنا بالموعد. عاود باسيل الكرّة مجدّداً وبصريح العبارة أبلغ الوزراء المحسوبين عليه في الحكومة الحالية أنّهم ما عادوا أهلاً لثقته كما الحكومة مجتمعة. فهو يرى أنّ أداءهم الحكومي لا يجري بالتنسيق معه على غرار ما يلتزم به الوزراء الحزبيون أو ممثّلو بقيّة الأحزاب في الحكومة. لم يغفر لوزير الخارجية – الذي وعده قبل تعيينه بعام أنّه سيكون وزيراً للخارجية ووفى بوعده – تغريده خارج سربه ثمّ إعلانه تأييد الخارجية اللبنانية أوكرانيا في حربها مع روسيا، وتمريره قرار التجديد لليونيفيل بالشكل الذي حصل. ولم يغفر لوزير العدل تعاطيه مع المواضيع القضائية المطروحة، ولا لوزير الشؤون إقامته شبه الدائمة في السرايا.
باسيل يفقد سلطته
قالها باسيل بصريح العبارة: “قبل تسميتكم كنت على معرفة باثنين منكم، بينما الآخرون تعرّفت على وجوههم في ما بعد. وطالما اختبرت عملكم فلن تكونوا موضع الثقة مجدّداً، خاصة إذا استمررتم في هذه الحكومة”. وفي تقييم باسيل قلّة من الوزراء سجّلت حضوراً في هذه الحكومة بينما كثرتهم بدة كأنّها ما كانت.
عاتب باسيل الوزراء على عدم التزامهم بتعليمات التيار، فاعترض البعض على التعميم وطالب بأن يُفاتَح كلّ وزير ويُناقَش على حدة. استدعاهم فرادى إلى اللقلوق، واعترض بعضهم على فحوى التأنيب الذي سمعه، واعتبر أنّ قراره كان منذ البداية أنّه أدّى قسطه للعلى ولم يعد مهمّاً بقاؤه أو تنحّيه عن منصبه، وأنّه على العكس بذل أكثر ممّا يجب وفعّل وزارته بالتحايل لتصمد قطاعاتها. وردّاً على مسألة التنسيق أجابه أحد الوزراء قائلاً: “أنت لم تنسّق وليس نحن”.
خلّف ما سمعه الوزراء خيبة لديهم. من بينهم من صار أقرب إلى المغادرة قبل الاجتماع وليس بعده. وذلك بعدما لم يعُد في الوزارات ما يستأهل الصمود كلّ هذا الوقت، كما يقول وزير أساسي في الحكومة ممّن أمضى وقته باحثاً عن سبل الاستمرار على رأس وزارته. وبينما يعتبر نفسه قام بواجباته يأتيه من يعاتبه على أدائه ويتّهمه بالعمل إلى جانب رئيس الحكومة، بينما هو لم يسبق أن عقد مثل هذا الاجتماع طوال فترة العمل الحكومي.
قالها باسيل والرسالة وصلت، وجلّ ما يريده في حال تعثّر مفاوضات تشكيل الحكومة استقالة الوزراء المحسوبين على التيار في الحكومة، لعلمه أنّ مثل هذا القرار لن يلتزم به الوزراء الستّة. فبعضهم صار محسوباً على ميقاتي وأقرب إليه منه إلى التيار ورئيسه.