الحدث

هل ورّط بوتين نفسه بملف أوكرانيا؟

اعتبرت مجلة “إيكونوميست” الأميركية أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، “ورط نفسه” و”ألحق الضرر” ببلاده، سواء أقدم على غزو أوكرانيا أم لا، بل أنه أيضا حقق مكاسب لأوكرانيا التي أصبحت أكثر أهمية للغرب من أي وقت مضى.

وقالت المجلة، في تحليل لها تعليقا على الأنباء المتضاربة بشأن سحب وحدات روسية من حدود أوكرانيا، إنه “حتى لو انسحبت القوات، فإن هذه الأزمة لم تنته بعد. ومهما حدث، حرب أو لا حرب، فقد أضر السيد بوتين ببلده”.

وكانت موسكو أعلنت إعادة وحدات عسكرية حشدتها على حدود جارتها إلى ثكناتها، لكن الاستخبارات الغربية وجدت لاحقا أن المزيد من القوات قد أرسلت على خطوط المواجهة، بينما تؤكد واشنطن أن روسيا قد تشن هجوما “في أي وقت” على أوكرانيا.

وتزايدت المواجهات المسلحة على خط المواجهة في شرق أوكرانيا في الأيام الأخيرة، بينما أبلغ مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن أكثر من 1500 انتهاك لوقف إطلاق النار، بين الخميس والجمعة، وهو رقم قياسي هذا العام.

وأجرى الجيش الروسي السبت، تحت إشراف بوتين، تجارب على صواريخ قادرة على حمل شحنات نووية.

والأحد، أكد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أن روسيا تستعد “لما يمكن أن تكون أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945”.

ويترأس الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأحد، اجتماعا لمجلس الأمن القومي سيخصص لبحث الأزمة الأوكرانية، وذلك قبل أيام قليلة من محادثات بين وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، الخميس.

وتشير “إيكونوميست” إلى أن العديد من المراقبين يرون أن بوتين استطاع من خلال التهديدات بغزو أوكرانيا أن يجعل نفسه محط اهتمام العالم “من دون إطلاق رصاصة واحدة”، وقد يحصل على تنازلات من حلف “الناتو”، وفي الداخل، استطاع تأكيد “حنكته السياسية وصرف الأنظار عن المتاعب الاقتصادية وقمع المعارضة”.

إلا أن “هذه المكاسب تكتيكية، وحتى لو تحققت، فقد باء بوتين بالفشل من المنظور طويل الأمد ومن الناحية الاستراتيجية”، فعلى الرغم من اتجاه الأنظار نحوه، فقد أثار حافزا لخصومه، فبقيادة بايدن، الذي وصف بوتين ذات مرة بأنه “قاتل” وافق الغرب على حزمة عقوبات أشد صرامة مما كانت عليه في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم.

ووجد “الناتو” هدفا متجددا في حماية الدول التي تواجه روسيا، ولم يعد مستبعدا انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، بعد أن فضلتا البقاء على مسافة من هذا الأمر، وغيرت ألمانيا نظرتها إزاء خط أنابيب” نورد ستريم 2″، وأصبحت أوكرانيا، التي “أهملت” في السنوات الأخيرة، تتمتع “بدعم دبلوماسي وعسكري غير مسبوق من الغرب. وهذه الروابط، التي نشأت خلال أزمة، لن تتفكك فجأة إذا انسحبت القوات الروسية”.

ورغم محاولته تحصين اقتصاد بلاده من العقوبات الغربية، لم يتمكن بوتين من إزالة الضرر تماما، إذ لايزال الاتحاد الأوروبي يستحوذ على 27 في المئة من إجمالي الصادرات الروسية، وسيحمل خط أنابيب غاز سيبيريا الذي يمتد نحو الصين، عند اكتماله في عام 2025، فقط خمس ما يذهب الآن إلى أوروبا.

وفي حال حدوث صراع خطير، فإن العقوبات على شبكة المعاملات المصرفية السريعة أو على البنوك الروسية الكبيرة ستقطع النظام المالي، وقد تسبب قيود الاستيراد، على غرار ما حدث لشركة “هاواوي” الصينية، مشاكل كبيرة لشركات التكنولوجيا الروسية.

ويمكن لبوتين إما أن يتعايش أن يتجه أكثر نحو الصين، ومع ذلك، فإن هذا من شأنه أن يجل روسيا تابعة لها. وسيكون لهذا التحالف “من المستبدين” تكلفة نفسية داخل روسيا، وسوف يظهر اعتماد بوتين على المسؤولين الأمنيين الروس الذين يرون في ديمقراطية أوكرانيا وتعميقها العلاقات مع الغرب تهديدا لقدرتهم على السيطرة على روسيا ونهبها.

وستكون علامة أخرى للرأسماليين الليبراليين والتكنوقراط الذين هم الدعامة الأخرى للدولة الروسية على أنهم خسروا، وسيغادر البلاد المزيد من أفضل وألمع النخب، وسيتزايد الجمود والاستياء في المعارضة التي سوف تتعرض لوحشية.

ويقول التقرير إن الحرب ستلحق ضررا أكبر بكثير بروسيا من تهديد الحرب، لأن الغرب أصبح أكثر قوة وعزما على إدارة ظهره للغاز الروسي، وسوف تصبح أوكرانيا مصدر متاعب مستمرة لروسيا، واستنزاف من المال والرجال، وسيكون بوتين “منبوذا”، والدولة الروسية نفسها ستلحق بها العقوبات على المدى القصير، وستتعرض للانكفاء الذاتي والقمع على المدى الطويل.
(الحرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى