حماوة الخطاب «الإنتخابي» تهدّدالإستقرار والإستحقاق
هيام عيد- الديار
تتراكم الأزمات يوماً بعد يوم في المشهد الداخلي وتمتزج ما بين الأمنية والسياسية والمالية والقضائية، لترسم مساراً غامضاً بالنسبة للإستحقاقات المرتقبة وفي مقدمها الإنتخابات النيابية، التي باتت محور أي تحرك أو إجراء أو خطوة محلية وخارجية في آن، إذ تتوقع أوساط نيابية بارزة أن تزداد «الحماوة» في الخطاب السياسي من دون الإلتفات إلى النتائج والتداعيات التي قد تكون خطيرة على الواقع العام وخصوصاً لجهة زعزعة معادلة الإستقرار الداخلي وضرب العلاقات السياسية القائمة بين مختلف الأطراف وبالتالي زيادة الإنقسامات في الشارع على إيقاع الأزمة الإجتماعية.
وتكشف هذه الأوساط أن ما سُجل من تراشق سياسي وتصعيد في الأسابيع الماضية على محور تعديلات قانون الإنتخاب، ومن دون إضافة الأحداث الأمنية والتطورات القضائية، يكفي لأن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويستحضر مراحل صعبة من التجاذب السياسي والطائفي، عندما كانت كل جسور التواصل مقطوعة بين جميع الأطراف السياسية والحكومة في حالة من الشلل والتعطيل.
وليس من المفاجىء، تضيف الأوساط النيابية، أن ينقلب المشهد الداخلي خلال أيام معدودة، في سياق تدريجي من التفاهمات بعد ولادة الحكومة، والإستقرار بعد بدء البحث بالحلول الإنقاذية في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي على حدّ سواء، معتبرة أن هذا التطور يعود إلى دخول الساحة في مدار الإنتخابات النيابية والرئاسية، وكأن الأولى تمهّد للثانية وترسم مسارها وتحدد طبيعة السباق ووتيرته.
وإذا كان من المبكر الحديث عن هذه الإستحقاقات اليوم بينما الأزمات تتراكم أمام الجميع من دون استثناء، ترى الأوساط نفسها أن البعد الذي يرتديه الخلاف داخل المجلس النيابي بالدرجة الأولى، يُنذر بتراجع كل الخلافات الجانبية وبتركيز السجالات في هذا المجال ، على الأقل خلال المرحلة الإنتقالية الفاصلة عن موعد الإنتخابات إذا كانت ستجري في آذار. ومن هنا فإن الأوساط لا ترى أن هناك أي فصل لكل ما يسجل من مواقف خارجية وتحديداً أميركية بعد دفعة العقوبات الأميركية الجديدة، وبين التطورات المحلية الأخيرة، مشيرةً إلى أن حصيلة هذه المستجدات كلها، تؤكد أن الأمور سوف تتجه نحو المزيد من التصعيد والتشنج على جبهة الإستعدادات الإنتخابية، ومن دون الأخذ في الإعتبار من قبل أي طرف، مدى وحجم الضرر الذي سيترتب على المواطنين الذين قد لا يجدون وقوداً في سيارتهم للتوجه إلى مراكز الإقتراع يوم الإنتخاب، والذين بطبيعة الحال لن يكترثوا إلى موعد هذا الإستحقاق الذي قد يكون قد أُفرغ من مضمونه، وذلك في حال استمر التدهور على الصعيدين المعيشي والخدماتي تزامناً مع الحروب الكلامية والحملات، التي تجاوزت حدود التصعيد السياسي إلى تعبئة الشارع وتحضيره لاية تحركات أو احتكاكات ذات طابع معيشي أو اجتماعي أو نقابي أو حتى انتخابي في المرحلة المقبلة.
وعليه وبالإستناد إلى هذه المعطيات السلبية ، تؤكد الأوساط النيابية البارزة أن الحماسة اللافتة لفتح باب الصراعات الطائفية والمذهبية، تنذر بتهديد أية تحالفات انتخابية سيكون الجميع محكومون بها من أجل تمرير الإستحقاق الإنتخابي، وإن كانت تستدرك موضحةً أن رفع السقوف السياسية وتأجيج الخلافات داخل صفوف الفريق الواحد، لا تفسير له إلاّ «تهديد» الإنتخابات ومحاصرتها في دائرة من الخطر الشديد جراء المقايضة بينها وبين الإستقرار العام.