لبنان يخسر وجهاً مضيئاً.. الشيخ عبد الأمير قبلان في ذمة الله
فقد لبنان اليوم وجهاً مشرقاً من وجوهه المضيئة بعد صراع مع المرض، وبخسارته يخسر لبنان من كان دائماً داعية للوئام والتسامح والعيش المشترك.
وبمشيئة الله وتسليماً لارادته، أسلم رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان الروح، وكان همه طوال حياته أن يرى الوطن الذي بذل من اجل كل التضحيات عزيزاً مكرماً، وان يكون شعبه موفور الكرامة.
ويعدّ الشيخ الراحل من العلماء البارزين في الطائفة الشيعية سواء في لبنان والعالم، وربطته علاقات وطيدة بسماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر وآية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين والعلامة الشيخ مفيد الفقيه وغيرهم.
نبذة عن الشيخ عبد الأمير قبلان
ولد عام 1936 م في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، إحدى قرى جبل عامل التي تميزت بحوزاتها الدينية ونبوغ علمائها.
تميز سماحته وهو في صغره بدماثة أخلاقه وباستقامة مسلكه وبشغفه لطلب العلوم الدينية، فاصطحبه والده إلى النجف في العراق والتحق في حوزتها وتابع دراسة المقدمات من نحو وصرف ومنطق وعقائد.
وانتقل الشيخ قبلان بعد ذلك إلى دراسة اللمعة الدمشقية على يد العلامة الشيخ محمد تقي الجواهري، ثم درس الكفاية في الأصول على يد السيد إسماعيل الصدر، والرسائل في الأصول على يد العلامة السيد محمد حسين الحكيم، وتابع دراسة المكاسب على يد الشيخ محمد تقي الجواهري، أما المرحلة الثالثة فكانت دراسة الأصول والكفاية بجزأيها مع شرح مفصل، على يد المقدس آية الله السيد إسماعيل الصدر، لينتقل بعدها إلى درس الخارج على يد المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي في الأصول والفقه، كما درس قسماً من الفقه على يد المرجع السيد محسن الحكيم.
وخلال فترة دراسته العلمية نشأت بين الشيخ قبلان وأساتذته علاقة مميزة استحق ثقتهم واحترامهم وتقديرهم لعلمه ولفضله، وأقروا له بالعلم والورع، ونال إجازتين في الاجتهاد من قبل السيدين الكريمين إسماعيل الصدر والسيد كاظم شريعتمداري، كما منحه السيد أبو القاسم الخوئي والسيد محسن الحكيم والسيد حسين الحمامي وكالات عامة شرعية مع التنويه بمزاياه الخلقية والعلمية وجهده المتواصل في نشر الدعوة والتبليغ الديني، وأطلق عليه سماحة السيد محمد باقر الصدر لقب (ذو الشهادتين) تقديراً لإخلاصه ولصدقه ولتفانيه في العمل الديني.
وفي سنة 1957 كلفه المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم إدارة شؤون التبليغ الديني في بلدة (ناحية الغراف بالقرب من الناصرية)، فأنشأ مكتبة عامة وأقام مشروعاً دينياً، وإلى جانب توليه التدريس في حوزة النجف، راح يعقد حلقات التدريس الديني ويلقي المحاضرات ويهتم بشؤون الناس، واستمر في ذلك حتى العام 1962، حيث تتلمذ على يديه عدد كبير من علماء الدين اللبنانيين والعراقيين والباكستانيين والهنود.
ونزولاً عند رغبة سماحة السيد حسين مكي (مرجع المسلمين الشيعة في سوريا آنذاك) وبطلب من سماحة المرجع الديني السيد محسن الحكيم عاد الشيخ قبلان سنة 1963 إلى لبنان وانتقل إلى بلدة برج البراجنة تلبية لطلب من الجمعية الإسلامية فيها. وهناك، بدأ الشيخ قبلان مهامه الدينية، وباشر بإتمام بناء مسجد الإمام الحسين بن علي، واشترى قطعة أرض مجاورة للمسجد، بنى عليها حسينية ومدرسة (التكامل الإسلامية)، كما أنشأ مستوصفاً صحياً مجاوراً للمسجد الذي تولى إمامته منذ العام 1963.
في العام 1994، انتخب الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كما أنتخب الشيخ قبلان بالإجماع نائباً للرئيس.
وعلى أثر إصابة سماحة الإمام شمس الدين بمرض عضال ودخوله إلى المستشفى في أوائل شهر تموز من سنة 2000، تولى سماحة المفتي قبلان مهام رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نزولاً عند رغبة الإمام شمس الدين الذي كان يرغب أن يُنتخب الشيخ قبلان رئيساً للمجلس وهو على قيد الحياة على أن يتولى الإمام شمس الدين نيابة الرئاسة.
“لبنان24” الذي أفجعه الخبر الحزين يتقدّم من دولة الرئيس نبيه بري ومن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومن عائلة الفقيد الغالي بأحر التعازي، سائلًا ألله عزّ وجلّ أن يتغمدّ الراحل الكبير بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله ومحبينه الصبر والسلوان.