تحالف في الانتخابات.. ماذا عن التعيينات؟
جوزفين ديب – أساس ميديا
يبدو أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باقٍ في موقعه، تحت قاعدة لم يلتفت إليها البعض، وهي “إبعاد التعيينات عن جدول أعمال الحكومة”. هذه القاعدة التي عاد على أساسها “الثنائي الشيعي” إلى حضور جلسات مجلس الوزراء، وثار عليها اعتراضاً على تعيين مسيحي وسنّي في المجلس العسكري، وكادت تطيّر الموازنة بتهديد وزير المال (الشيعي) بعدم التوقيع عليها.
اليوم وفي مقابل تعيينات الرئيس ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي، طالب حزب الله وحركة أمل بتعيين نائب رئيس جهاز أمن الدولة (الشيعي)، وعلى تعيين رئيس المحكمة العسكرية منير شحاده قائداً لمنطقة جنوبي الليطاني وحصل عليهما بعد أن كان رئيس الجمهورية معترضاً على اسم شحاده لقيادة جنوبي الليطاني. وبالتالي سيوقّع وزير المال يوسف خليل على مراسيم التعيينات، على أن لا يكرّر الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي ما فعلاه في الجلسة ما قبل الأخيرة حين عمدا الى تمرير بند التعيينات من دون إعلام وموافقة الثنائي.
لكنّ هذا “آخر التعيينات”، ولا تعيين بعده. وتقول المعلومات إنّ الرئيس نبيه برّي وافق على التحالف انتخابياً مع التيار الوطني الحرّ، بطلب من حزب الله، لكن بشرط “وقف التعيينات”.
وبينما تعهّد ميقاتي بذلك، تأتي موافقة عون على مضض، ولا سيّما أنّه لا يزال متمسّكاً بصلاحيّات رئيس الحكومة بوضع جدول الأعمال مع رئيس الجمهورية. إذ في مقابل رغبة عون والنائب جبران باسيل الدائمة بإنجاز عدد من الملفّات، من بينها تعيينات إدارية أخرى على طاولة مجلس الوزراء، ينطلق موقف الثنائي من رفض الرئيس برّي أيّ تعيين لباسيل و”جماعته” في الإدارة قبل انتهاء “العهد” وقبل الانتخابات النيابية، إن حصلت.
من هذا المنطلق أيضاً يأتي دفاع برّي وتيار المستقبل وغيرهما عن سلامة، ليس فقط لشخص سلامة، إنّما لعدم فرض باسيل مرشّحه لحاكميّة مصرف لبنان. فعلى الرغم من نفي رئيس التيار الوطني الحر إرادته تعيين حاكم من فريقه، إلا أنّ برّي مصرّ على الوقوف بالمرصاد لأيّ محاولة تعيين يقوم بها فريق رئيس الجمهورية.
الاشتباك حول سلامة
ترجّح المعلومات أن يتواصل الاشتباك السياسي الأمنيّ بين فريق رئيس الجمهورية والفريق المقابل له، على خلفيّة استدعاء سلامة. وقد يتصاعد مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية. والأخيرة بدأت تخرج من الكواليس الشكوك حول إجرائها في مواعيدها الدستورية.
“وحدهم الفرنسيّون مصرّون على إجراء الانتخابات النيابية”، يقول مرجع متابع للمشهد السياسي، في إشارة إلى أنّ الأميركيين متى حقّقوا مطلبهم بترسيم الحدود الجنوبية سيفقدون اهتمامهم بضرورة إجرائها.
في الكواليس كلامٌ عن تبدّل دائم في المعطيات الانتخابية، إلا أنّ التخوّف الغربي هو في الإحصاءات التي تبيّن تقدّم فريق حزب الله في صناديق الاقتراع. فمع تشتّت الأصوات المعارضة للحزب في أكثر من فريق وأكثر من لائحة، ومع الكلام عن أثر ذلك على انخفاض الحاصل الانتخابي، يفرض نفسه واقعٌ جديدٌ بناءً على ما سبق وعلى ما سينتج عنه من محافظة رئيس التيار الوطني الحر على عدد كبير من نوّابه مقابل تحقيق حلفاء حزب الله من الفريق السنّيّ فوزاً إضافياً بالحصول على عدد من مقاعد تيّار “المستقبل” بعد قرار رئيسه الأخير.
هل يؤدّي ذلك إلى تراجع المطالبة بإجراء الانتخابات النيابية؟
الأكيد أنّ الماكينات الانتخابية الوحيدة التي تعمل بشكل كامل هي ماكينات القوات اللبنانية والحزب التقدّمي الاشتراكي وحزب الله.
الأكيد أيضاً أنّ حزب الله مهتمّ بإجراء الانتخابات النيابية لتجديد شرعيّته وشرعيّة فريقه السياسي على الرغم من تخوّفه من تراجع حليفه المسيحي جبران باسيل.
في المعلومات كذلك أنّ حزب الله أبلغ باسيل بأنّ حلفاءه المسيحيين الآخرين هم خطّ أحمر، ويتمثّلون بالنواب إيلي الفرزلي، إبراهيم عازار، كتلة سليمان فرنجية ونوّاب الحزب السوري القومي الاجتماعي. يأتي هذا الكلام بعد محاولة باسيل تبديل عدد من هؤلاء، ولا سيّما مرشّحي الحزب القومي المسيحيين، بمرشّحين للتيار .
معركتان إذاً لم يوفق فيهما “التيار” حتى الآن: حاكمية مصرف لبنان، وزيادة عدد نوابه المسيحيين على حساب حلفاء الحزب.