خطوة شكليّة تخدم “الميقاتيّة السياسيّة” ومشروع استمراريتها إقرار الموازنة في الحكومة تسقطه “الشعبويّة” في المجلس
“مش مصدق” الفرصة، اسرع رئيس الحكومة الى قصر بعبدا، مستطلعا من جهة، ومنسقا من اخرى، الخطوات مع “جنرال بعبدا” لعقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل، وفقا لرغبة الثنائي والتزاما ببنود “الطبخة”. فميقاتي الذي كبرت فرحته مع فك اسر حكومته، يحاول تمرير استحقاق صندوق النقد “بالتي هي احسن” مستفيدا من الايجابيات المستجدة لتسجيل نقاط تخدم “ميقاتيته السياسية” ومشروعها لما بعد ايار وربما تشرين ايضا.
فالجلسة الاولى بعد شل الثنائي الشيعي العملَ الوزاري لاكثر من شهرين، ستعطي انطباعا “اوليا” عمّا ستكون عليه الجلسات في المرحلة المقبلة، دون ان يعني ذلك ان “القطوع” مر، ذلك ان هذه الاشارة قد تكون “بلفة” بما ان الجميع سيحرص على ابداء ايجابية وتعاون وهدوء بعد “فرصة التعطيل الطويلة”، “فالثلج ما لح يطول ليدوب ويبان المرج”، حيث لكل من الجالسين الى الطاولة اجندته وبرنامجه الانتخابي وما بعد بعده.
صحيح ان حارة حريك نجحت في حصر النقاش المالي داخل البيت الواحد وكذلك موضوع الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي، ما يريحها ويسمح لها بخلق قوة موازية لمتطلبات صندوق النقد الدولي، بعدما “احبطت” مسعى رئيس الجمهورية بنقل هذا الملف الى طاولة الحوار، مع ما يعنيه من صعوبة للتحكم بمساره لتنوع الافرقاء. فحزب الله قادر على طاولة الحكومة “بالمونة” و”الترغيب” وربما الضغوط على فرض “رؤيته الاقتصادية التي تتمشى مع سياساته برفض الهيمنة الدولية على القرار الاقتصادي اللبناني، وربما من خلفه السياسي”.
من هنا كان خيار العودة الى الطاولة بحسب مصادر متابعة “قرارا استراتيجيا” كجزء من المواجهة مع واشنطن وحلفائها، بعدما احست “الضاحية” ان ثمة من يريد ان يسحب البساط من تحتها، لذلك ووفقا للمصادر فان مناقشات الموازنة لن تكون بالسهولة المتوقعة، اذ ستخضع الحارة ارقامها وبنودها، للتمحيص والتدقيق والتشريح المفصّل، رغم الوقت الضاغط الفاصل عن بدء الاجتماعات مع صندوق النقد في بيروت، مع تشكيك المصادر في امكان انهاء النقاشات حولها واقرارها لاحالتها الى مجلس النواب قبل موعد المفاوضات، دون اسقاط عامل النقاشات في مجلس النواب التي ستتخذ طابع “الشعبوية” عشية الانتخابات النيابية، علما ان حزب الله قد يتبع “استراتيجية التعديلات المزدوجة” على خطي النقاشات في الحكومة وكذلك في المجلس النيابي، لتمرير رؤيته.
فضلا عن ذلك ثمة نقطة اساسية، ترتبط، وفقا للمصادر بالضرائب والرسوم المفروضة والمتعلقة “بالجدول رقم 9″،وهو سيكون المشكلة الاساسية، ذلك ان ما جرى تسريبه من مسودة الموازنة يظهر ارتفاعا كبيرا في الارقام ما سيفوق قدرة اللبنانيين على تحملها، من وقف عملية الدعم كليا عن المواد الحيوية التي لا يزال مصرف لبنان يمولها، تخفيض عدد موظفي الدولة، رفع تعرفة الكهرباء والاتصالات والمياه، تعديل سعر الدولار الجمركي، وصولا الى محاربة التهريب عبر المعابر الشرعية منها وغير الشرعية، وضبط الحدود.
خطوات قاسية وغير شعبية، فضلا عن ان لبعضها ابعادا سياسية، لن يكون من السهل على “الحزب” السير فيها، تقول المصادر، فجزء مهم من الطبقة التي ستصاب بهذه الاجراءات هي من بيئته، خصوصا ان اي عملية تصحيح للاجور لن تحصل في الوقت الحاضر، رغم بعض “جرعات المورفين” التي ستعطى على سبيل سلف ومساعدات مالية او غلاء معيشة، وهو ما لا يمكن منطقيا لحزب الله ان يقبله بالصورة التي تشملها الموازنة، اذ سبق لاكثر من مسؤول في الحزب ان رفض بعض الزيادات التي ترتبط بالحياة اليومية والاساسيات للمواطنين. للتذكير هنا فان “ثورة واتساب” في 16 تشرين الاول 2019 بدأت من شوارع الضاحية.
غير أن الشكوك تبقى قائمة في مكامن الحذر حيال امكانات نجاح هذه المحاولة في ضوء الشروط التي تفرضها بعض القوى السياسية وسياسة التحدي المتحكمة بالعلاقات في ما بينها والممكن ان تنفجر في اي لحظة استنادا الى التجربة.
كل ما سبق ، يجعل السؤال حول قدرة مجلس الوزراء على اقرار “الموازنة – المجزرة” مشروعا. فما يصح زمن الانتخابات لا يصح في غيره، فكيف والاوضاع التي تمر بها البلاد استثنائية. ولكن بما “انو ما بينخاف على الطبقة الحاكمة وابداعاتها” يصبح بذلك “كل شي معقول” ومن “الموجود جود”، فلا حرج باتفاق “جنتلمان” من تحت الطاولة في مسرحية تقاسم ادوار، تمرر موازنة “مسخ” في الحكومة، وتحيلها الى مجلس النواب بعد “اخذ ورد ولت وعجن”، ليخرج “استيذ ساحة النجمة” “دستة من ارانبه” تجعل من المستحيل بتها قبل موعد الانتخابات النيابية المبدئي، فيصبح مشروعُها والاتفاقُ النهائي مع صندوق النقد في ذمةَ البرلمان والحكومة اللذين سيفرزهما استحقاق ايار… في حال حصل… وهنا بيت القصيد…