الامارات: الوجهة إلى طهران!
تشهد المنطقة تحركات متسارعة للإمارات، تنم عن إعادة نيتها في تشبيك علاقاتها مع عدد من الدول خاصة دول الجوار، وأولها الجمهورية الإسلامية. ولا يمكن عزل هذا التحرك أيضاً عن التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة الدولية، من اقبال عربي كبير على سوريا والرغبة الجامحة لدى بعض القوى في المشاركة بإعادة الاعمار ولو كانت إشارات من خلف الكواليس، وأبو ظبي من بينها، حيث استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، في 9 تشرين الثاني الجاري، إضافة لإعادة التموضع الاماراتي في المناطق اليمنية بعد انسحابها من الحديدة.
الباحث السياسي الإيراني محمد غروي أشار في حوار مع “موقع الخنادق” إلى انه “لا شك ان هذه الزيارة لطحنون بن زايد وهو أرفع مستوى إماراتي ورجل المهمات الصعبة، حينما تقرر الامارات القيام بأي عمل له علاقة بموضوع استراتيجي ومهمة صعبة، يتم ارسال طحنون بن زايد لهذه المهمات، وواضح بأن الرجل لديه قدرات واسعة في الداخل الاماراتي وله القدرة على المفاوضات والمناورة”.
لافتاً إلى ان “طحنون بن زايد جرى استقباله إيرانياً بشكل سري عام 2019، وهذه ليست الزيارة الأولى التي سيقوم بها إلى طهران ولن تكون الأخيرة، هناك بوادر لاستدارة إماراتية باتجاه المنطقة، لأنها تغيرت كثيراً وهي ذاهبة لتغيرات أكبر، بدءاً بسوريا مروراً بأفغانستان، وصولا إلى إيران ومحور المقاومة”.
وعن ملامح المرحلة المقبلة، يقول غروي انه “لا شك بأن الامارات تدرك جيداً بأن المرحلة القادمة هي ليست مرحلة أميركا في المنطقة ولا “إسرائيل”، إنما عنوانها “إيران ومحور المقاومة”، هذا عدا أن العنوان الاقتصادي يلعب دوراً هاماً في نظرة الامارات إلى المنطقة، خاصة ان كل التحليلات تقول بأن المنطقة خاصة إيران ستذهب باتجاه انفتاح اقتصادي كبير، فيما لو توصلت الأطراف 5+1 مع إيران إلى توافقات لو جزئية بشأن الاتفاق النووي.
وفيما لو حصل هناك اتفاق جزئي، فان العلاقات الاقتصادية ستتطور، والامارات ساعية لتطوير الاقتصاد المنهار في الداخل الاماراتي في ظل أزمة كورونا، وغيرها من الأزمات الداخلية في الامارات، وهي لا يمكنها الابتعاد عن إيران في المنطقة، وأقصد هنا اقتصادياً، حيث ان هناك علاقة اقتصادية كبيرة جدا بين ايران والامارات، لم تنقطع حتى ما بعد الأزمات التي حصلت بين إيران والامارات في هذا الاطار. لذلك الاماراتي ومنذ أكثر من شهرين هو يسعى للملمة أطراف نزاعاته مع دول المنطقة، قام بزيارة إيران عام 2019، وزيارته إلى سوريا وهذا الانفتاح الكبير الذي حصل بين الامارات وسوريا وصولا إلى زيارة طحنون إلى طهران”.
وأشار غروي إلى انه “ربما ستكون الامارات هي مبعوثة سعودية إلى إيران خاصة ان الجلسات الأربع التي حصلت في بغداد لم تصل إلى نتائج إيجابية، ربما تكون الامارات هي وسيط بين الإيراني والسعودي بالتوازي مع الوسيط العراقي.. كما ان عودة سوريا إلى الجامعة العربية التي لن تكون بمعزل عن واشنطن، لكنها لن تكون بمعزل عن إيران أيضاً”.
وأضاف غروي “هناك تبدل في جميع السياسات في المنطقة، خاصة فيما يخص مأرب وبعد انتصار مأرب ليس كما قبله، الاماراتي شغّل راداراته مبكرا وهو علم ان مأرب ستتحرر قريباً، وهو ذهب أبعد من ذلك إلى تشاورات مع الإيرانيين والسوريين فيما يخص مرحلة ما بعد مأرب. والانسحاب من السواحل الغربية لليمن وتسليمها دون مقابل هذا بحد ذاته تنازل كبير اماراتي لمحور المقاومة… زيارات الامارات إلى طهران تخفي ما تخفيه من أسرار يجب أن ننتظر الوقت لنعرف مزيداً من التفاصيل ولكن ما هو واضح ان الامارات تسعى لعلاقات جيدة ووطيدة مع إيران خاصة فيما بعد الاتفاق النووي، وما بعد السقوط الأميركي في المنطقة، وما حصل في بحر عمان، والخروج الأميركي من العراق، ومن سوريا الحضور الأميركي في المنطقة بدأ يأخذ لوناً خفيفاً، وأتصور ان الاماراتيين يحسون ان اعتمادهم على واشنطن لم يعد كما كان، هم يذهبون إلى الأطراف الإيرانية”.
وأشار غروي أيضاً إلى “الكوريدور التجاري الذي وافقت عليه الامارات، من إيران إلى تركيا والذي يوفر الكثير من الوقت والتكاليف على كل من الجانبين ايران والامارات، الآن بعد طول انتظار وافقت الامارات على هذا الكوريدور الاقتصادي. هناك إشارات عديدة لهذا التقارب وننتظر إلى ما ستحمله الأيام المقبلة”.
الكاتب: الخنادق