السيد لربط نزاع مقابل ربط النزاع السعودي
ناصر قنديل-البناء
بالإضافة لتأكيد المعادلات والمواقف حمل خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله العديد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة على خط الاشتباك السياسي الكبير الذي أعلنته السعودية على لبنان، متخذة من حزب الله عنواناً لهذا الاشتباك، وبعيداً من التعليق المتسرع المتصف بالتباهي والاستعراض الكلامي للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، يفترض بصناع القرار في الرياض محاولة قراءة ما بين سطور الخطاب، ونقاطه التي ظهرت أو التي سقطت على لسان السيد كما أشار ممازحاً لسقوط النقاط من الحروف، في تلميح للغة العربية الأصلية التي كانت لغة القرآن الأولى من دون تنقيط، فالشق الذي يخص السعودية لا يختزل بتعليق من نوع “الحق لا يتجزأ… فهناك فرق شاسع بين نفي الواقع وبين محاولة تبريره والافتئات عليه”، إذا يبدو هذا التعليق أقرب للتذاكي منه للذكاء اللازم لاستيعاب الرسائل.
تبدو فرضية ربط النزاع الأكثر ملاءمة للسعودية من سائر الفرضيات التي استعرضها وفندها السيد نصرالله، كفرضية الغضب المفرط من تصريح يشبه الكثير من الكلام المقال لأن التسرع من سمات العنجهية، أو فرضية الربط باليمن من باب اعتبار حزب الله صانع الهزيمة السعودية لاستصعاب الاعتراف بحق اليمنيين بتفوقهم، والإنكار صفة لا يرغبها السعوديون في تفسير مواقفهم، خصوصاً عندما ينبع من نظرة استعلاء على شعوب الجزيرة والخليج ومنهم شعب اليمن، أما فرضية هيمنة حزب الله على الدولة فتنم عن جهل لا يقبله السعوديون على أنفسهم، وهم يدعون العلم بكل شيء، فتكون فرضية ربط النزاع، التي تعني وضع ورقة الضغط الاقتصادي على لبنان فوق الطاولة، بانتظار ما يجري وما سيجري في المنطقة، من سورية إلى اليمن والملف النووي الإيراني، لأن في لبنان ثقباً سيادياً أتاح لهم النفاذ.
مقابل ربط النزاع السعودي أقام السيد نصرالله ربط نزاع مواز، فهو مطلع على محاضر اجتماعات المفاوضات السعودية- الإيرانية، ولذلك يجب أخذ كلامه من موقع العارف والشريك، فلا جدوى من تباهي الجاهل بالمعرفة أمام العارف، والأميركي يتأقلم مع فشل الرهان على إسقاط لبنان فلماذا تجربون المجرب، ولا جدوى من الإيحاء بعكس المعلوم عن غياب أي إحاطة دولية للموقف السعودي، وزيارة وزير خارجية الإمارات إلى سورية بداية اعتراف أوسع بالهزيمة التي لحقت بكل قوى الحرب على سورية، فلماذا الإصرار على مواصلة بعض فصولها الانتقامية، وما عاد ينفع الإنكار، وفي لبنان لا هيمنة للحزب على الحكومة لكن لديه مع حلفائه قدرة منع الهيمنة المعاكسة، فما فائدة المبالغة بالرهان على ثقب السيادة الأسود وحدوده ضيقة، وفي لبنان حلفاء السعودية صنفان، صنف لا يريد الحرب وصنف لا يقدر عليها، فما قيمة النفخ بهؤلاء وشحذهم نحو التصعيد أملاً بمغامرة حرب أهلية لن تقع، وإذا كان ربط النزاع هدف السعودية فمن المفيد التذكير بأن ما يحدث وما سيحدث في مأرب هو سقف ربط نزاع ليس في صالحهم.
اكتفى السيد نصرالله بالدعوة للصمود، ودعوة السعودية لتحذو حذو الأميركيين، بقبول التسليم بلا جدوى التصعيد لأن نتائجه ستكون عكسية، وليحذو حذو الإمارات فيقتنعوا بأن الحرب على سورية قد فشلت وانتهت ويخرجوا من حال الإنكار واختراع حرب فرعية منها عنوانها حزب الله، وليسبقوا سقوط مأرب بوقف النار وفك الحصار، ويتقبلوا أن النصر يمني خالص، فذلك هو الطريق الأقرب.