أخبار عاجلة

رحلة سعد الحريري المتوقّعة إلى بيروت: خلصت الحكاية؟

 

زياد عيتاني – أساس ميديا

كطالب تخرّج لتوّهِ من جامعة جورجتاون في إدارة الاعمال، يستيقظ سعد الحريري باكراً في مقرّه بمدينة أبو ظبي. يرتدي ثيابه، يرتشف قهوة الصباح، ثمّ ينتقل بسيّارته الخاصّة، من دون فريقه الأمنيّ اللبناني الذي تركه في بيروت، إلى مقرّ شركته الجديدة. يتسلّم البريد، يُراجع الملفّات، ويعقد الاجتماعات، ويتواصل مع الكثيرين، ولا يغادر مقرّ الشركة إلا بعد السادسة مساءً، وربّما أكثر من ذلك. إلا أنّ ما يُميّز هذه اللقاءات والاتصالات أنّها محصورة بالأعمال وليس بالسياسة، وحصّة لبنان والسياسة فيه تلامس الصفر إن أردنا أن نلامس الدقّة.

الرجل يتجنّب السياسة ومشاكلها، ويتجنّب كلّ الأصحاب والرفاق الذين لهم علاقة بالمسار السياسي في بيروت. ليست بمقاطعة ولا بخصام، لكنّه لا يريد السياسة ولا مَن يذكِّره بها من وجوه وأصوات.

يتشكّك الكثيرون، القريبون منه والبعيدون، في حقيقة رغبته بعدم الترشّح في الانتخابات النيابية المقبلة، إلا أنّ القريبين منه، وبعد أن يلتقوا به، وهم قلّة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، خرجوا بقناعة مفادها أنّه “عازم وصادق في رغبته بالعزوف عن الترشّح أو حتى تشكيل لوائح في بيروت وباقي الدوائر”. كلّ مَن التقاهم الرئيس الحريري في الأيام الأخيرة توجّهوا بنيّة إقناعه بحتميّة وضرورة خوض الانتخابات النيابية، وقد أعدّوا لذلك أوراقاً بالمبرّرات والضرورات والمحظورات، إلا أنّهم عندما التقوا به واستمعوا إليه تكوّنت لديهم قناعة واحدة بأنّ الرجل محقٌّ بقراره على المستوى الشخصيّ.

هو المال الدافع الأساس الذي أوصل سعد الحريري إلى قرار الانكفاء عن خوض الانتخابات النيابية، فما وصلت إليه أوضاعه الماليّة قد لا يصدّقها الكثيرون. وبات عليه إن أراد السفر أو التنقّل أن يستأجر طائرة صغيرة لا تتّسع إلا له ولعدد قليل من الأشخاص. فيما أولاده في رحلتهم الأخيرة من الولايات المتحدة إلى الرياض استقلّوا طائرة تجاريّة على غير عادتهم منذ ولادتهم.

ما وصل إليه سعد الحريري لا يزعجه كثيراً على المستوى الشخصيّ، فهو يرى أنّه يبني ذاته من جديد على أسس جديدة وبعد تجربة مريرة. هو مؤمن أنّه قادر على لملمة ذاته، أقلّه بالنسبة إلى عائلته والمحيطين به، خلال عدد قليل من السنوات.

اقتراحات كثيرة قُدِّمت له لثنيه عن قرار العزوف عن خوض الانتخابات النيابية أبرزها:

1- تشكيل لوائح تضمّ كفاءات اقتصادية قادرة على تمويل الحملة الانتخابية.

2- خوض الانتخابات باللحم الحيّ عبر ميزانيّة مقتضبة يدفعها بعض المتموّلين في التيار الأزرق والقريبون منه.

3- تشكيل اللوائح والمراهنة على حتميّة حصول دعم ماليّ عربيّ لتلك اللوائح كخيار وحيد عند دول الإقليم لا بدّ منه.

كلّ الطروحات لم تجد تجاوباً من الرئيس الحريري، فهو يعلم، كما نُقل عنه، أنّ حجب الدعم عن لبنان قرار لا رجوع عنه، وكلّ الوساطات المصريّة أو الإماراتية أو الفرنسية لم تصل إلى نتيجة. وفّرت له الإمارات العربية المتحدة مكاناً للسكن وفسحة لإطلاق الاستثمارات الخاصّة، لكنّ أيّ كلام عن مال سياسيّ لا قدرة على توفيره، أقلّه في هذه المرحلة.

أوامر الرئيس سعد الحريري لعمّته النائب بهيّة ولابن عمّه أحمد، في لقائه بهما أخيراً في أبو ظبي، كانت واضحة: “أوقفوا العمل بماكينة التيّار، فلسنا قادرين على تحمّل كلفتها، ولست مستعدّاً لخداع الناس”. وهذا ما سيكون فحوى الخلوة التي دعا الأمين العامّ للتيّار أحمد الحريري إليها كوادر التيّار، وسيكون الإخراج على الشكل التالي: “وقف الماكينات الانتخابية تحت عنوان إعادة الهيكلة والتنظيم”. وما سيُقال داخل الخلوة سيسمعه نوّاب الكتلة وقيادات الصف الأوّل، وذلك في أثناء الزيارة المرتقبة للرئيس الحريري خلال الأسابيع القليلة المقبلة، والأرجح في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني، والتي سيبلّغهم فيها بكلّ وضوح: “أيّها الرفاق الرحلة انتهت، ومن يريد أن يكمل فليكمل وحده وليتحمّل مسؤوليّاته بنفسه”.

 

في الحلقة المقبلة: هل نصدّق سعد الحريري؟

عن jawad

شاهد أيضاً

ThinkTanks

نظرة إلى فعالية ومشكلات سلاح بحرية حلف “الناتو”

نظرة إلى فعالية ومشكلات سلاح بحرية حلف “الناتو” NATO’s Navy at 75 April 13, 2024 …