بيروت بالأمس وغداً القدس
معن بشور*-البناء
استيقظت العاصمة اللبنانية، بيروت، صبيحة الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر 1982، على دبابات العدو ومدرّعاته تحاول التوغل في أحيائها وشوارعها، بدءاً من منطقة الطريق الجديدة ومحور جامعة بيروت العربية، وقد ظنّت قوات جيشها أنها لن تجد مقاومة بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية والجيش العربي السوري، فينجحون باحتلالهم لبيروت لتكون العاصمة العربية الثانية بعد القدس تحت الاحتلال .
فوجئ الصهاينة بمقاومة تندلع في كلّ أحياء بيروت وأزقتها، وبالشهداء يرتقون وهم يحملون بنادقهم وقاذفات الأر بي جي، وبالمقاومة الظافرة تنطلق، وبأول الشهداء من أبناء الطريق الجديدة، أبناء رابطتها وتجمع اللجان والروابط الشعبية، الشهيدين محمد الصيداني وعصام اليسير، يفتحون نار سلاحهم الخفيف ويوقفون مع أبناء الطريق الجديدة تقدّم آليات العدو على ذلك المحور.
قال لي صديق يروي لي ما حدث: «كنا نسمع أغنية طالعلك يا عدوي طالع، من كلّ بيت وحارة وشارع» وإذ بنا نرى أبطال المقاومة من كلّ الأحزاب والقوى والتنظيمات والتيارات يجسّدون تلك الأغنية بعمليات شملت كلّ بيروت، وأبرزها عملية الويمبي وبطلها القومي الشهيد خالد علوان، وأجبرت المحتلّ أن يخرج مدحوراً من شوارعها بعد أيام، وهو يردّد عبر مكبّرات الصوت: «يا أهل بيروت… نحن خارجون لا تطلقوا النار علينا».
يومها بدأ عصر الانتصارات ليندحر العدو من مناطق لبنانية احتلها في صيف ذلك العام حتى كان الاندحار الكبير للمحتلّ والانتصار الكبير للبنان المقاوم في 25 أيار 2000.
وكما خرج العدو بالأمس مدحوراً من العاصمة العربية الثانية التي احتلها بفعل مقاومتها الوطنية والقومية والإسلامية، سيخرج العدو غداً من العاصمة الأولى المحتلة القدس، بفعل مقاومة لم تهدأ، وانتفاضات لم تتوقف، وأسرى حولوا سجونهم إلى معابر وأنفاق للحرية.
الخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى.