وقالت الصحيفة إن بريطانيا أرسلت 100 عربة مصفحة وفريقًا من المظليين للبنان، للمساعدة فيما أسمته حراسة الحدود مع سوريا. وأضافت أن الغاية الرئيسية من هذه المساعدات تتمثل بوقف الإرهابيين والمخدرات والسلاح من الوصول إلى أوروبا عبر لبنان. ونقلت الصحيفة عن الجنرال سير جون لورمير، المسؤول الدفاعي البريطاني البارز قوله إن تعزيز أمن لبنان سيساعد على منع انتشار الحرب السورية خارج حدودها ويجعل بريطانيا آمنة.
عودة بريطانيا ومعها الولايات المتحدة الامريكية، لمحاولات ملامسة التحكم في الحدود السورية اللبنانية لم يكن جديداً، وهنا يجب التدقيق كثيراً، فإن دعم الجيش اللبناني في مسألة ضبط الحدود السورية اللبنانية، لم يكن وليد اللحظة، ولا حرصا من الإنكليز ومن خلفهم الأمريكيين على سلامة الأراضي اللبنانية، لكن وراء الاكمة ما وراءها، والخوف كل الخوف ان تكون تلك المساعدات، بوابة لعودة القوات الامريكية والبريطانية الى المنطقة، تحت عنوان وحجة مكافحة الإرهاب، كما عادت القوات الامريكية الى العراق بعد انسحابها تحت مسمى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في عام 2014.
القصة بدأت باكراً منذ عام 2009، حين بدأ الجيش اللبناني بتشكيل فوج الحدود البرية الأول، ومهمّته الأساسية مكافحة التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا في منطقة الشمال، ومقرّه شدرا في قضاء عكار، وبالتحديد في الدريب الاعلى، في حين اعتبره الكثير من المراقبين تنفيذا واضحا للقرار 1701، ومن ثم في عام 2011، شكل فوج الحدود البريّة الثاني، ومقرّه رأس بعلبك في قضاء بعلبك الهرمل، وكذلك تشكيل فوج الحدود البرية الثالث ومقرّه أبلح في قضاء زحلة، اما الدعم المالي البريطاني للجيش اللبناني بحسب تصريحات للسفير الإنكليزي في لبنان وصل في 2015 وبحسب مصادر لبنانية اكدت ان بريطانيا تكلّفت ملايين الدولارات لدعم الأفواج البريّة، وحتى الولايات المتحدة تبرعت بحوالي 100 مليون دولار في هذا المشروع.
في هذه الفترة كانت الحدود السورية اللبنانية قد فتحها تيار المستقبل امام تدفق السلاح والمسلحين الى الداخل السوري، والجميع في سوريا لا ينسى الاحداث في تلكلخ، وبعدها القصير وحمص والقلمون وحتى قرى إقليم جبل الشيخ، وكيف كانت طرابلس وقرى البقاع منطلقا للهجمات والامداد للداخل السوري، وهنا كان المشروع البريطاني الأكبر، وتحديدا بعد ان استطاع الجيش السوري، اخراج أجزاء من الحدود اللبنانية عن دعم المسلحين، خاصة منطقة تلكلخ بتاريخ 30-11-2012 والذي قتل فيها اكثر من 25 مسلحا من طرابلس كانوا متجهين لمساندة المجموعات الإرهابية في الداخل السوري، حينها اتخذ القرار البريطاني الأمريكي، بتزويد الجيش اللبناني بمجموعة من أبراج المراقبة للحدود.
بالفعل وصلت أبراج جاهزة وأخرى تم تصنيعها في لبنان بإشراف بريطاني، واستمر انشاء هذه الأبراج حتى انها وصلت في عام 2014 الى 12 برج مع مشروع تدريب 11 الف جندي لبناني، وبناء قواعد عمليات متقدمة، ومراكز مراقبة حدود، هذه الأبراج وهي بيت القصيد، هي عبارة عن عدة طبقات، مزودة بكاميرات مراقبة نهارية وأخرى ليلية تعمل على الاشعة تحت الحمراء، ترتبط هذه الكاميرات ببعضها البعض وتنقل الصورة الى غرفة عمليات للجيش اللبناني وهذا ما يثير الشك حول الهدف من هذه أجهزة المراقبة البريطانية، وهل هي بالفعل امنة ويستفيد منها الجيش اللبناني، ولماذا لم تكن فعالة في ذروة الحرب المفروضة على سورية، ومنعت تدفق السلاح والمسلحين الى الداخل السوري، وساهمت بإفشال هجمات المسلحين، وان وصول العربات العسكرية البريطانية الى الحدود البرية السورية اللبنانية، مع كل ما ذكرناه عن الحركة البريطانية على الحدود يثير الهواجس والمخاوف، عن الضمانات التي تمنع وصول كل نتائج الرصد وصور الكاميرات وأجهزة المراقبة الى الأمريكي والبريطاني، وما هو مدى سرية هذه المعلومات التي من المفترض ان يستفيد منها الجيش اللبناني وحده.
في ظل كل ما شهدته المنطقة من معارك وكيف كان الدور البريطاني والامريكي معطلا لتحرير الجرود من الضغط على الحكومة اللبنانية لمنعها من دخول المعركة، الى تعطيل عمل طائرة المراقبة التابعة للجيش اللبناني، وجميعنا يعلم ان القوات البريطانية والأمريكية تحمل معها اجندة مختلفة، وجعبتها مليئة بالأهداف الخاصة بالمقاومة والجيش السوري، حيث تشير المصادر المختلفة ان وصول العربات البريطانية، والحراك على الحدود السورية اللبنانية وبناء أبراج المراقبة والكاميرات البريطانية، له هدف واضح وهو فصل التواصل الجغرافي بين سوريا ولبنان، وتنفيذ القرار الدولي1559 و1701 والذي حاولت المجموعات المسلحة تنفيذه، وانتهى مع معركة فجر الجرود، بالإضافة الى رصد طرق امداد المقاومة وحصارها، كما نوهت ان ذلك يقيد حركة الجيش اللبناني بعد ضمان انها من تسلح وتمول وحداته العسكرية على الحدود، والامعان في حصار سورية في ظل عقوبات قيصر، والمحاولات الحثيثة لإغلاق معبر البوكمال القائم مع العراق، وتعطيل معبر نصيب الحدود مع الأردن.
إن الحدود السورية اللبنانية، كانت خلال الحرب المفروضة على سورية، جزء من منظومة العدوان عبر اطراف سياسية لبنانية ساهمت في استمرار الحرب، فالكثير من السلاح والمال والمسلحين، تدفقوا عبر هذه المناطق الحدودية تحت نظر بريطاني والولايات المتحدة الامريكية، حيث كانت تعلم المخابرات البريطانية والأمريكية بأن تلك المنطقة كانت الملاذ الامن للمسلحين، ولغرف عملياتهم، وان هذه المنطقة نفسها من القصير الى الزبداني ، وكل المناطق الجبلية الوعرة هناك، كانت البوابة والخاصرة الرخوة لسورية، ولم تحرك ساكناً، حتى جاء فجر الجرود ومعركة ان عدتم عدنا، ليحولها لمنطقة امنة، بعيدة عن مسرح الحرب والعمليات، ما يجعل الحذر هو الواجب والتدقيق هو الأصل في التعامل مع أي تحرك مشبوه على الحدود السورية اللبنانية من بريطانيا او الولايات المتحدة الامريكية، او أي دولة شريكة بالعدوان على سوريا ولبنان.
بقلم حسام زیدان – العالم