هآرتس: الأحكام السعودية بحق معتقلي حماس “مهراً” قدمه ابن سلمان لتوثيق العلاقات مع إسرائيل
اعتبرت صحيفة هآرتس إسرائيلية أن الأحكام العالية التي فرضها قضاء النظام السعودي بحق المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين بمثابة “مهر” مقدم من ولي العهد محمد بن سلمان إلى إسرائيل.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن هذا “المهر” مقدم من ابن سلمان إلى إسرائيل من أجل تعزيز العلاقات التطبيعية، وقالت إن ابن سلمان يعلم أن مفتاح واشنطن يبدأ من “تل أبيب” لذلك قدم “المهر” مجددا من أجل التقرب مع إسرائيل وصولا للإدارة الأمريكية الرافضة لسياساته وجرائمه.
وسلطت الصحيفة الضوء على انهيار العلاقة بين السعودية وحركة “حماس” خلال الأعوام الماضية، واعتبر الكاتب في الصحيفة “محمد شحادة” أن إسرائيل هي “العامل الحاسم” في تغيير علاقة السعودية بـ”حماس”، من خلال إحداث انفصال كامل بينهما، ويحتاج ابن سلمان” لعلاقات وثيقة مع إسرائيل لحمايته من تبعات أخطائه، لا سيما جريمة اغتيال الكاتب الصحفي “جمال خاشقجي” داخل القنصلية السعودية بإسطنيول عام 2018.
وبحسب المقال، فإن “حماس” تجنبت التصعيد مع السعودية بدرجة معقولة بعد الأحكام القاسية الصادرة من قضاء المملكة بحق منتمين لها.
ووصف بيان حماس حول القضية معتدلاً، وأرادت بذلك إبلاغ ابن سلمان أنها ما زالت تأمل في أن يتمكن الجانبان من تجاوز خلافاتهما، لكن مع ذلك يبدو أن طلاقا لا رجعة فيه بين الحركة والمملكة.
وأشارت إلى أن هذا الطلاق هو جزء من مهر يعرضه ابن سلمان على حكومة إسرائيل لإقامة علاقات أوثق غير سرية، في محاولة لحماية عرشه وتعزيز قوته الإقليمية.
ويرى “شحادة” أن إسرائيل مسرورة لرؤية الخلاف في العلاقات السعودية مع “حماس” والعلاقات السعودية الفلسطينية بشكل عام.
وأوضح أن ابن سلمان يؤمن بشدة أن الطريق إلى واشنطن يبدأ من تل أبيب، ولذا فهو حريص على “الحصول على حصانة من شأنها أن تحميه من عواقب أخطائه”، ويعتقد أن تقديم نفسه باعتباره “أقرب حليف لإسرائيل في الشرق الأوسط” سيكسبه تعاطف القادة الجمهوريين والديمقراطيين الموالين لإسرائيل، ويدفعهم لدعم حكمه باعتباره “لا غنى عنه لواشنطن”.
لكن يبدو أن الحاكم الطائش وإسرائيل يتجاهلان أن “التحالف القائم على إلقاء الفلسطينيين تحت عجلات الحافلة سيُنظر إليه في الشارع العربي على أنه تحالف بين ملك استبدادي ونظام فصل عنصري”.
وأكد المقال أن ذاك التحالف سيؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية لإسرائيل والغضب ضد الحكام العرب القمعيين، الذي قد ينفجر في النهاية.
وفي 8 أغسطس/آب الجاري، أصدرت محكمة سعودية أحكامًا قاسية بحق عشرات المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين بتهمة دعم الإرهاب (المقاومة الفلسطينية)، تراوحت بين السجن 22 عاماً و4 أعوام، فيما حكمت على عدد قليل بالبراءة، وأخلت سبيل آخرين مكتفية بمدة التوقيف.
ومن بين المحكوم عليهم بالسجن 15 عاما ممثل “حماس” السابق في السعودية محمد الخضري (82 عاما)، مع وقف تنفيذ نصف المدة رغم معاناته من مرض السرطان، فيما قضت المحكمة على ابنه “هاني” بالسجن 4 سنوات.
وجاءت تلك الأحكام بمثابة صدمة كبيرة لحركة حماس، التي كان قادتها متفائلين بأن علاقة الحركة مع ابن سلمان قد تفتح صفحة جديدة، وخاصة بعد أجرت قناة “العربية” السعودية مقابلة مع زعيم الحركة في الشتات “خالد مشعل” في يوليو/تموز الماضي، ولذا يميل قادة حماس بشكل متزايد إلى تفسير الأحكام السعودية في إطار الدفع باتجاه علاقات وثيقة مع إسرائيل، وهو ما يعززه تصريح لوزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي “عيساوي فريج”، في مقابلة على قناة “الحرة” الأمريكية، بأن “إسرائيل على اتصال مباشر الآن مع المملكة العربية السعودية”.
وفي دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة بطوكيو، كانت لاعبة الجود السعودية “تهاني القحطاني” الوحيدة التي أمرتها حكومة عربية بمواجهة لاعبة إسرائيلية، ورغم أنها هزمت وتعرضت لضربات مذهلة في غضون ثوانٍ، إلا أنها أكسبت المملكة لحظة “الغسيل الرياضي” التي كان حكامها يتوقون إليها.
ويعيد “شحادة” بداية تعزيز العلاقة السعودية الإسرائيلية إلى استيلاء ابن سلمان على عرش ولاية العهد من سلفه، الأمير محمد بن نايف، بمساعدة “جاريد كوشنر”، مستشار الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”.
واشار إلى أن عام 2018 شهد تطورا نوعيا في هذا التعزيز، إذ نأى “ابن سلمان” بنفسه عن الفلسطينيين بشكل عام وحركة “حماس” بشكل خاص، بل وصل به الحد إلى الطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “بنيامين نتنياهو” قصف “حماس” وغزة لتحويل الانتباه عن جريمة اغتيال “خاشقجي”.
وفي أبريل/نيسان 2019، أرسل ابن سلمان قوات حكومية لاعتقال جميع ممثلي “حماس” والمتعاطفين معها بالسعودية ووضعهم في السجن، بعد قطع جميع الاتصالات مع الحركة.
والتزمت حماس الصمت في البداية بشأن ما جرى، على أمل حل الموقف من خلال دبلوماسية سرية، لكنها طلبت من جماعة حقوق الإنسان التدخل بعد 6 أشهر، ما يشير إلى انهيار كامل في العلاقة مع السعوديين.
المصدر: هآرتس