بين الرهان على الخارج وتهيّب الانتخابات.. لا حكومة في الأفق
هتاف دهام – لبنان24
يختصر مصدر سياسي المشهد السياسي الراهن، عندما يقول رداً على سؤال عن الملف الحكومي “إن أصحاب القرار في لبنان لا يعلمون مآل الامور”، مضيفا البلد على حاله وينحدر نزولا يوما بعد يوم، وهناك شبه يقين أن تأليف الحكومة أصبح رهن ترابط الحسابات الداخلية مع الخارجية، لأن القوى اللبنانية لا تتحرّك إلا وفق حسابات إقليمية ودولية، وغير مستعدة لتغيير أولوياتها حتى لو خرجت الأوضاع الاجتماعية عن السيطرة ودخل لبنان نفق الفوضى غير البناءة. فكل الاتصالات التي قادها حزب الله في الايام الماضية لم تنجح في اجتراح المخارج للأزمة التي يبدو أنها طويلة وتنذر بالأسوأ في حال صحت معلومات المقربين من حزب الله ان لا حكومة في أفق.
وعلى النقيض مما تقدم، فإن الاتجاه الأرجح، وفق شخصية سياسية بارزة على علاقة وطيدة بالاميركيين لـ”لبنان24″، أن يتم تأليف الحكومة قريباً وقبل شهر أيلول المقبل، رابطة الحل في لبنان بمفاوضات النووي الإيراني التي ستفضي إلى اتفاق أسرع مما يتوقعه البعض، أي قبل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد ابراهيم رئيسي. وليس بعيداً، ووفق الشخصية نفسها، فإن اجتماع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى نظيريه الفرنسي جان إيف لودريان والسعودي الأمير فيصل بن فرحان في إيطاليا، والاتفاق حول ضرورة أن يظهر القادة السياسيون في لبنان قيادتهم الحقيقية من خلال تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير الإغاثة التي يحتاجها الشعب اللبناني، من شأنه أن يترك أثرا ايجابيا، فاللقاء تطرق أيضا إلى ملفات المنطقة المترابطة، وبعث برسائل طمأنة للرياض حول الاتفاق النووي الذي لن يكون على حسابها علماً أن السعودية نفسها تحتاج للقاء كهذا لتعزيز مكانتها، خاصة وأنها تخشى التراجع الأميركي في الإقليم لصالح إيران التي سوف يتوسع هامش تحركها في لبنان وسوريا والعراق ،علما أن أي انسحاب أميركي من المنطقة سيرسم تقدما أوسع لروسيا في لبنان، بعدما تقاسمت وايران مناطق النفوذ في سوريا.
لا يصح وفق المتابعين الرهان على أي تفاوض أميركي -إيراني، خاصة وان الاتفاق غير محسوم وغير محدد بوقت، وبالتالي، يفترض بالمعنيين الانصراف إلى تأليف حكومة في أسرع وقت تجنب البلد ما يُخشى منه على مستوى الامن الاجتماعي مع رفع الدعم وغلاء الأسعار. لكن ثمة من يقول إن المعنيين بالتأليف يتهيبون تحمل المسؤوليات، لأن القرارات الموجعة التي سوف تتخذها الحكومة العتيدة، سوف تفقدهم شعبيتهم التي أكثر ما يحتاجونها في الوقت الراهن، فمعركة الانتخابات النيابية قد فتحت قبل عشرة اشهر، بعدما أصبح احتمال التمديد للبرلمان بعيدا ودونه عقبات خارجية، في ظل إبلاغ المجتمع الدولي عبر موفديه، القوى السياسية الأساسية بأن الاستحقاق النيابي بجب أن يجرى في موعده.
ومن هنا يتحضر المعنيون بريبة لذلك خاصة وان هناك رفضا للقانون النافذ، في حين ان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط قد يكون الشخصية الأساسية الأبرز التي قرأت التطورات الخارجية وبدأت العمل على تحصين البيت الدرزي والوحدة الداخلية، فهو لا يريد معركة كاسرة مع أحد في الانتخابات التي يطمح البعض من خلالها أن يحافظ على مكاسبه السياسية ويوظفها في الاستحقاق الرئاسي في حين أن البعض الاخر يرغب في تغيير المعادلة الراهنة.
وبانتظار ما ستكون عليه اتصالات الساعات المقبلة مع الرئيس المكلف الحريري سعد الذي عاد أمس إلى بيروت، فإن التوجس سيد الموقف من استمرار الأمور على ما عليه من عناد وكيدية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف وبقاء الملف الحكومي في دائرة المراوحة، وهذا سيقود حتما إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال لإدارة الإنتخابات النيابية في أيار المقبل، علما أن المعلومات تشير إلى رسائل تلقاها الرئيس حسان دياب في هذا الخصوص.