موضوعات وتقارير

النفاق و الأثر الاجتماعي الخطير


النفاق سمٌّ يتغلغل في الشخصية وفي كل زاويةٍ من زوايا المجتمع، ونلاحظه في الأشخاص في حياتنا اليومية, إلى السياسيين والمحاميين ورجال الأعمال وغيرهم، وابرز ملامح الشخصية المنافقة هي الازدواجية والتورية والكذب.
قال الله عزّ وجلّ: ( بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
والنفاق حالة فردية ومجتمعية فقد يصاب به الفرد وكذلك قد تجد مجتمعا يعيش حالة النفاق وهو يظن انه يعيش الصدق والاستقامة.
ولابد ان النفاق إذا وجد في شخصية ما جعلها شخصية سالبة ومؤذية على المستويين الاجتماعي والشخصي.
والنفاق على انواع فمنه ما هو ظاهر ومكشوف, ومنه ما هو مغلف بذكاء وخبث شديدين, فالنفاق السطحي المكشوف يكون ضرره على المنافق نفسه اكبر من ضرره على المجتمع المحيط به لأنه واضح ومكشوف للأخرين, ومع الوقت سيكون هذا الشخص موقع شك و تحت المراقبة من الأخرين ولا يؤخذ بكلامه وبالتالي سيكون كيده في نحره.
للمنافق بعض السلوكيات التي تكشفه وتظهر حقيقته، ومن أهم صفات المنافقين هو ما يلي :
قول شيء وفعل شيء آخر.
معاملة الناس معاملة غير عادلة, حيث تجد الازدواجية في الشخصية أو الجهة المنافقة فتتقرب وتحابي الأغنياء وذوي السلطة وتجافي وتظلم الفقراء والضعفاء.
تقديم النصح في مجالات متعددة للآخرين وعدم العمل بها.
الدعوة إلى التسامح الزائف مع من يخطئون في حقهم.
العيش بطريقة معينة في الظاهر وطريقة مختلفة في السر.
وضع القواعد وعدم اتباعها.
ادعاء الأخلاق والفضيلة.
طلب أشياء من الآخرين مع العلم بأنهم لا يرغبون القيام بها وتهرب المنافق مما طلبه من الاخرين.
معاملة شخص في وجهه بشيء وفي غيابه بشيء آخر.
التظاهر بالغنى والثراء رغم الفقر والحاجة.
تغيير الرأي ومخالفة الثوابت لنيل استحسان الآخرين.
انتقاد تصرفات الآخرين رغم أن المنافقين يقومون بمثلها.
مساعدة الناس فقط اذا تماشى ذلك مع مصلحتهم الشخصية.
التظاهر بالاعتناء بالآخرين بينما يكون دافعهم هو خدمة أنفسهم.
مطالبة الآخرين بالتقشف المالي في الوقت الذي ينفقون فيه بسخاء على أنفسهم.
التحدث عن أهمية اتباع الناس للأخلاق, والتستر على سوء أخلاقهم.
الحكم على الآخرين، لكن عندما يتم الحكم عليهم يتهمون الآخر بأنه غير عادل وغير متسامح.
التصرف بطريقة معينة في وجود الناس، والتصرف على العكس تمامًا أثناء غيابهم.
وللمنافق علامات كثيرة ولكننا اوردنا نموذج من اخلاقيات المنافقين للتوضيح.
اما النفاق المجتمعي الذي يصيب اكثر من فرد وينتشر بالمجتمع كما تنتشر الأوبئة والفيروسات التي تنتشر بشكل وبائي فهو حقيقة موجودة وواقع نعيشه كل يوم.
وهذا النفاق خطير جدا لان المجتمع المصاب بهذا النفاق سوف ينكر تماما هذه العدوى و من سيكتشف هذه الإصابة سيكون عددهم قليل وبالتالي فإن المجتمع المنافق سيوفر ارضية خصبة للدول لتظلم دولا اخرى على سبيل المثال( فلسطين المحتلة والمجتمع اليهودي والصهيوني).
مثال على النفاق المجتمعي : أن يدخل شخص لشراء سلعة ما من المحال التجارية ثم يفاجئ بان السعر تغير عن الامس فيشتري المادة دون اي ممانعة او نقاش لكنه يخرج للمجتمع ويتحدث مع من يجالسهم عن الغلاء, ويصبح حديث المجتمع عن الغلاء وعن الضغط النفسي والمعيشي وعن قطع الكهرباء والماء والمشتقات النفطية, رغم ان هذا واقع نعيشه في المجتمعات النامية وخاصة في الشرق الاوسط إلا أنه يشكل قيمة مضافة وضغط نفسي على الناس, ويصبح حديث المجالس عن الضغط المعيشي على المواطن وعن انتظارهم على طوابير الخبز والتموين والبنزين وغير ذلك, فيجتر المجتمع مشكلته دون البحث عن حلول لها.
يستطيع المجتمع اجتراح حلول ابداعية لمشاكله الحالية ومثال ذلك : أن ينشئ دورات رأس مال صغرى وسوق موازي للأسواق الجائرة, وحركة تجارية موازية للحركة التجارية التي تمارس الضغط ضد المواطن وبالتالي يصبح لدى المجتمع حكومته الخاصة التي تدير شؤونه اضافة الى الحكومة المنفصلة عن الواقع و التي تحاول ادارة الامور من وراء كراسي عاجية ومكيفات ومكاتب فخمة وهي منفصلة عن الواقع.
إن حاولنا ان نطرح حلول وتكاتفنا سوية يمكننا ان نتخلص من مرض النفاق المجتمعي, والازدواجية في المعايير, و لا شك أنه بيدنا الحلول ويجب ان نعمل على مبدأ بدل ان نلعن الظلام نشعل شمعة.
الرأي السائد عموماً هو أن النفاق فشل أخلاقي، في الواقع غالباً ما يُنظر إليه على أنه أحد أسوأ الإخفاقات الأخلاقية، ومع ذلك سنصادف كل يوم هؤلاء المنافقون الذين يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، سنصادف أناساً غير صادقين وأناساً غير أمناء، لكننا بالتأكيد سنصادف أيضاً أناساً عظماء وعقولاً نزيهة وعظيمة.

نحن ندفع ثمناً باهظاً بسبب النفاق، فهو يضعف شعورنا باحترام الذات والنزاهة، أتساءل ما الذي يمنعنا من المضي قدماً وبناء مجتمع قائم على أسس جديدة تعزز التفكير العقلاني الصادق وتعزز القيم الحضارية والأخلاقية، من المهم بالنسبة لنا أن نحافظ على كلماتنا وأفعالنا, وأن تكون منسجمة و متطابقة مع أفكارنا ومعتقداتنا.
ملك الموسوي29/6/2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى