ماراتون الحكومة على وقع طوابير البنزين … وبري حذر « تيصير الفول بالمكيول»
محمد بلوط- الديار
حلحلة توزيع الحقائب وأفكار لحسم عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين وأزمة الثقة مؤجلة
باريس : لا تدخلونا في دهاليز السياسة اللبنانية … وتاليف الحكومة مسؤولية لبنانية
الناس في واد والمسؤولون في واد آخر … فالطوابير الطويلة التي امتدت لمئات الامتار الى محطات الوقود تكاد تلخص جزءا بسيطا للغاية من معاناة اللبنانيين الذين باتوا يتعرضون لاشد انواع الاذلال والتهميش والتجويع. بينما يستمر مسلسل تشكيل الحكومة رهينة الشروط المتبادلة بين طرفي النزاع والقابضين على زمام التاليف.
والسؤال الذي يتكرر منذ التكليف وحتى اليوم، ماذا ينتظر المعنيون لتاليف الحكومة طالما ان الجميع في الداخل والخارج يقرون ان الحكومة الجديدة هي مفتاح الحل والطريق الى وقف انهيار البلد ؟
المعلومات المتوافرة للديار امس اكدت ان الرئيس بري، الذي ضاعف جهوده في الايام الاخيرة بدعم وتعاون قويين من حزب الله، مصمم على تسريع وتيرة مسعاه في اطار مبادرتها التي تبلورت اسسها وعناصرها لادراكه كما عبر غير مرة المخاطر الكبيرة المحدقة بالبلاد اذا ما استمرت الازمة الحكومية تراوح مكانها .
لكن الاجواء الايجابية التي جرى الكلام عنها بعد اجتماع الخليلين وصفا مع النائب جبران باسيل في البياضة اول امس والذي امتد الى بعد منتصف الليل، ما زالت بحاجة الى لقاءات مماثلة لاستكمال حل العقد العالقة حيث ان مشكلة تسمية الوزيرين المسيحيين لم تحسم وهي ما زالت بين افكار عديدة، كذلك موضوع منح التيار الوطني الحر الثقة للحكومة لم يحسم ورحل الى ما بعد الاتفاق على التشكيلة، وسجل تقدم حاسم لتوزيع الحقائب.
وفي ضوء ما تسرب من كلام عن هذه الاجواء بقي الرئيس بري في جو ايجابي بحذر ، ونقلت مصادر عين التينة للديار امس عنه قوله ان الجو ايجابي حتى الآن، وانه متمسك بالمثل المعروف الذي يكرره دائما « ما تقول فول تيصير بالمكيول».
واضافت انه يمكن القول ان الاجواء ايجابية الان وهي افضل مما كانت عليه مؤخرا عندما اندلعت حرب البيانات بين بعبدا والتيار الوطني الحر من جهة وبيت الوسط والمستقبل من جهة اخرى .
واعربت المصادر عن ارتياحها لاجواء التهدئة التي سادت، مشيرة الى ان رئيس المجلس استأنف حركته الناشطة بعد ذلك اكان من خلال اتصالاته المباشرة التي اجراها ام من خلال حركة الخليلين، لكن الامور تبقى في خواتيمها املا في استكمال الاجواء الايجابية باتجاه التوصل الى الاتفاق الناجز على التشكيلة الحكومية .
وقالت مصادر الخليلين ان اجواء اللقاء مع باسيل كانت ايجابية، لكنها اشارت الى ان هناك نقطة او نقطتين لم تحسما .
واكد مصدر مطلع في هذا المجال ان هناك اتصالات ولقاءات ستجري لاستكمال الاجواء الايجابية وان الامل في حسم كل النقاط للوصول الى الحلول الناجزة.
وكانت المعلومات التي وزعت عن لقاء البياضة بين باسيل والخليلين تحدثت عن اجواء جيدة وقالت انه» تم تبادل افكار واقتراحات باجواء ايجابية حققت تقدما من شأنه تسهيل تاليف الحكومة من ضمن الاصول الميثاقية والدستورية وبحسب قواعد المبادرة الفرنسية «.
وذكرت مصادر مطلعة للديار ان النقاش دار في جو افضل من اللقاء الذي سبقه وانه اتسم بالايجابية وتناول التفاصيل التي نوقشت في لقاء عين التينة بين بري والحريري .
واضافت ان مقاربة عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين احرزت تقدما بموافقة باسيل على مشاركة الاطراف بطرح مجموعة اسماء مسيحية وان يختار الحريري منها اسمين لوزارتي الداخلية والعدل . غير ان الرئيس المكلف كان اكد انه يرفض حجب تسمية الوزيرين المسيحيين عنه وان من حقه ان يسمي هو بموافقة الرئيس عون .واضافت المعلومات ان الحريري يمكن على الاقل ان يوافق على تسمية وزير مسيحي ويختار الثاني من مجموعة اسماء مطروحة .
وبالنسبة لوزارة الطاقة فان باسيل جدد القول ان التيار غير متمسك بها لكنه رفض اسنادها الى المردة . وتردد ان هذه العقدة باتت بحكم المحلولة باسناد الاتصالات للمردة واعطاء الطاقة لطرف اخر .
وفي شأن شرط الحريري الموافقة على صيغة ال٨،٨،٨ واشراك التيار في التسمية مقابل منح التيار الثقة للحكومة قالت المعلومات ان باسيل بقي على موقفه متسائلا كيف يمكن وضع هذا الشرط المسبق بينما الرئيس المكلف يقاطع التيار، وذكّر ايضا ان التيار لم يسم الحريري في الاستشارات النيابية .
لكن باسيل حرص على تكرار ما قاله في جلسة مجلس النواب الاخيرة ان بغض النظر عن موضوع الثقة سنكون مع الحكومة والى جانبها ومن الداعمين لها في برنامج اصلاحي شامل يحاكي متطلبات توفير الدعم للبنان والمصلحة الوطنية .
اما الحريري، حسب اوساطه، فيرى انه لا يمكن للتيار ان يشارك في الحكومة ويحجب عنها الثقة وليس مقبولا ان يمارس دور الموالاة والمعارضة في وقت واحد .
ووفقا للمصادر المطلعة فان هناك اتجاهين لمعالجة هذه المسألة : ان يتوج الاتفاق على التشكيلة الحكومية بلقاء مصالحة بين الحريري وباسيل قبل اعلان التشكيلة او بعدها، وهذا التوجه يجري العمل عليه منذ فترة .اما الفكرة الثانية فهو ان يترك لنواب التيار الحرية في حجب او منح الثقة بحيث يعطيها عددا منهم ويحجبها اخرون . لكن هذا الطرح لا يبدو مقبولا .
وفيما تردد ان المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل زار بيت الوسط ظهر امس والتقى الحريري اتصلت به الديار بعد الظهر وتبين انه في الجنوب
واكتفى بالقول انه لم يلتق بعد بالرئيس المكلف .
وعن الاجواء التي سادت اللقاء مع باسيل قال « ان النقاش دار في اجواء ايجابية «، مشيرا الى ان البحث مستمر .
وكانت اوساط التيار قد تحدثت عن «ان الهيكل الاساسي للحكومة الجديدة تم التوافق عليه بالكامل في اللقاء مع باسيل، وان التاليف بات متوقفا على موقف الحريري «، مشيرة الى ان الكرة في ملعب الرئيس المكلف.
اما مصادر بيت الوسط فاكدت ان الكرة ليست عندنا، مع العلم ان الرئيس الحريري لا يتعامل مع هذا الاستحقاق المهم على طريقة تقاذف الكرات او تسجيل النقاط . واشارت الى ان لقاءه مع الرئيس بري خلص آلى نتائج ايجابية حول تشكيلة ال٨،٨،٨، في اطار حكومة ال٢٤ وتوزيع بعض الحقائب مقرونة باسئلة منها موضوع الثقة وتسمية الوزيرين المسيحيين وهي اسئلة برسم الطرف الآخر .
السفيرة الفرنسية : لا تدخلونا في دهاليزكم السياسية
وفي معلومات خاصة لـ«الديار» من مصادر نيابية موثوق بها اكدت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو خلال لقائها مع لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية-الفرنسية « ان فرنسا تتطلع الى تاليف حكومة لبنانية قادرة تتمتع بصدقية لبنانيا ودوليا «.
وقالت « ان باريس لا تتدخل باعطاء تسميات لوزراء في الحكومة، ولن تشارك في هذه التسميات «، مجددة التأكيد ان المساعدات الدولية للبنان تتطلب تشكيل حكومة قادرة وتقوم بالاصلاحات المنشودة «.
وحول دور فرنسا في عملية تشكيل الحكومة قالت السفيرة غريو « ان المسؤولية قبل كل شيء هي مسؤولية لبنانية بحتة، وفرنسا كانت وما زالت تلتزم في المساعدة بهذا المجال، لكن لا تقبل ولا تريد ان تحل محل اللبنانيين في هذه العملية «.
وردا على استفسارات بعض النواب قالت السفيرة الفرنسية موجهة الكلام للمسؤولين اللبنانيين « لا تدخلونا في دهاليز السياسة اللبنانية، فالقرار بشأن تاليف الحكومة هو قرار لبناني، ويجب الاخذ بعين الاعتبار تاليف حكومة لبنانية قادرة على التحاور مع المجتمع الدولي وكسب ثقته «.
وحول ما اذا كانت باريس تتجه الى تشجيع تاليف حكومة انتخابات اذا ما فشلت المساعي الحالية وطالت الازمة، اوضحت السفيرة « ان فرنسا لا تتدخل في هذا الموضوع، فاللبنانيون هم اصحاب القرار، وكما عبرت فان هناك حاجة لتاليف حكومة تتمتع بصدقية وتعمل لمصلحة لبنان واللبنانيين وليس لمصالح فئوية او مصالح سياسية ضيقة».
وشددت على دور البرلمانيين في الدبلوماسية المتكاملة التي تؤمن بها فرنسا، مؤكدة انها تدعم ابنان سيدا حرا مستقلا .
واشارت الى انه في ظل استمرار الازمة الحكومية اللبنانية فان فرنسا لم توقف مبادرتها، وهي تركز حاليا على الاستمرار في تقديم المساعدات الانسانية والصحية والتربوية والحاجات الاولية والملحة للمجتمع والهيئات المدنية .
ونقلت المصادر عن السفيرة الفرنسية انها كشفت للنواب اللبنانيين ان لبنان تلقى خصوصا بعد انفجار المرفأ مساعدات بقيمة ملياري دولار، معربة عن املها في العمل مع لبنان في المستقبل لاعادة اعمار ما تهدم وبناء البنى التحتية التي يحتاجها لبنان .
مسلسل اذلال الناس
على صعيد اخر، اجتاحت طوابير السيارات الطويلة الى محطات المحروقات امس ايضا كل المناطق في ظل الحديث عن نقص في الكميات الموزعة وتبادل تحميل المسؤوليات، واستمرار صمت الحكومة واكتفائها بالتفرج على المشهد المذل الذي يعيشه المواطن .
وليست ازمة المحروقات افضل من ازمة الدواء حيث بات عدد كبير من الادوية الضرورية وللامراض المستعصية مفقودا في الصيدليات، بينما مستودعات التجار تحجب الدواء سعيا للربح والاحتكار .
وقد اعلن وزير الصحة حمد حسن امس ان موضوع الدواء حساس جدا، وهناك مسؤول عليه ان يتحمل المسؤولية ويكون مسؤولا عن الارقام التي يعطيها .
اضاف « نحن كوزارة لدينا اكثر من سيناريو لكننا في حاجة الى رقم دقيق لننطلق منه . هناك حاكم مصرف لبنان من جهة وهناك الفرقاء السياسيون المختلفون من جهة اخرى … ونحن كوزارة سنتخذ الاجراءات المطلوبة لان الوضع لم يعد يطاق».
نفط عراقي للبنان
من جهة اخرى اقدمت العراق على مبادرة اخرى تجاه لبنان وقررت الحكومة العراقية تزويد لبنان بمليون طن من النفط بدلا من خمسمئة الف طن لتامين اكثر من نصف حاجة لبنان لمادة الفيول للكهرباء .
وآكد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ان هذا القرار سينفذ بسرعة .
ولاقى القرار العراقي ترحيبا لبنانيا فابرق الرئيس بري الى الكاظمي شاكرا على هذه المبادرة، ومنوها بمواقف المرجعيات والحكومة والشعب العراقي تجاه لبنان .
كما تبلغ رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب القرار العراقي رسميا وشكرها لهذا القرار.