«سيف القدس» تفتح طريق غزّة ــ دمشق
الأخبار- رجب المدهون
شرّع النصر الذي حقّقته المقاومة في معركة «سيف القدس» الباب لعودة العلاقات بين «حماس» والجمهورية السورية، بعد قطيعة استمرّت قرابة عشر سنوات. تجلّى هذا الخرق في إرسال الرئيس السوري، بشار الأسد، تحية إلى الحركة، وردِّ الأخيرة بإيجابية عليها، ما يفتح صحفة جديدة يسعى إليها محور المقاومة بين الطرفين. وتدرك «حماس» أهمية الساحة السورية بالنسبة إليها، إذ كانت في السابق بمنزلة قاعدة فريدة لتطوير قدراتها العسكرية، سواءً بإيصال السلاح إلى غزة، أو إنشاء برامج لتطوير ترسانتها العسكرية وخاصة الصواريخ والطائرات المُسيّرة التي سجّلت قفزة كبيرة فيها، إضافة إلى كونها قاعدة للاستفادة من الخبرات العربية والإسلامية. وعلى هذه الخلفية، لا تزال الأصوات تعلو داخل الحركة بضرورة العودة إلى تلك الساحة الواسعة، لمتابعة تطوير ما وصلت إليه قدرات المقاومة أكثر، حتى تكون أكثر إيلاماً للعدو.
مع انتهاج «حماس» خطّاً براغماتياً منذ أربع سنوات بعد انتخاب قيادة جديدة برئاسة إسماعيل هنية ويحيى السنوار وصالح العاروري، عملت هذه القيادة على ترميم العلاقة مع محور المقاومة بما فيه سوريا، بمساعدة أطراف في المحور، لكنّ العلاقة مع دمشق بقيت تشوبها بعض التحفّظات لدى الطرفين. لكن أخيراً بعد تجديد الثقة بقيادة «حماس» الجديدة قبل شهرين في انتخابات الحركة الداخلية، وفي أعقاب الانتصار الذي حقّقته المقاومة، والمبادرة السورية التي تلته والتجاوب «الحمساوي» معها، بدا واضحاً أن التحفّظات في طريقها إلى الذوبان، خاصة لدى السوريين. صحيح أن لدى الطرفين تحفّظات متبادلة، وربّما اعتراضات داخلية على إعادة العلاقة، وكلّ له منطقه الذي يحاجج به، غير أن إدراك القيادتَين أهمية التطبيع بينهما وحجم المصلحة فيه، قد يكون دافعاً قوياً إلى ردم الهوّة السابقة.
عقب الردّ «الحمساوي» الإيجابي على تحيّة الأسد، ظهرت انتقادات داخل الحركة ومن بعض أنصارها الذين يتّخذون موقفاً سلبياً من النظام في سوريا على خلفية الأحداث فيها، لكن الكفّة في «حماس» تميل بقوة إلى عودة العلاقات مع السوريين، إذ يرى الجناح العسكري في الحركة، وجزء كبير من المكتب السياسي، ضرورة ملحّة في ذلك، على أساس أن الخروج من سوريا أضرّ بمصالح الحركة كثيراً، وضيّق الخناق عليها، وأفقدها ساحة استراتيجية كانت تعمل فيها على تعظيم قوتها العسكرية.
فور بروز مؤشّرات التقارب أخيراً، علت أصوات شخصيات فلسطينية وأخرى عربية مناصرة لـ«حماس» ومعادية للنظام السوري، برفض التطبيع مع الأخير، وهي الأصوات نفسها التي لا تزال منذ سنوات تدعو إلى استمرار القطيعة مع أطراف المحور، من منطلق مذهبي. في المقابل، ترى قيادة الحركة الحالية أن عودة سلسة للعلاقات، من دون ضجيج، كمرحلة أولى، ستكون أفضل لها حالياً، على أن يلي ذلك العمل على تعزيز الثقة بين الطرفين، وصولاً إلى عودة قيادات الحركة وعناصرها إلى دمشق، وإغلاق صفحة ما جرى سابقاً من بعض «الحمساويين» الذين تتّهمهم دمشق بالمشاركة في القتال ضدّ الجيش السوري، على أساس أن ذلك لم يكن قرار الحركة، وقد جرى بصورة فردية. وعلمت «الأخبار» من مصدر قيادي في «حماس» أن الحركة تسعى إلى استثمار الانتصار الذي حقّقته أخيراً لتعزيز علاقاتها داخل محور المقاومة، بما في ذلك سوريا. وأكد المصدر أن «الإشارات الإيجابية الأخيرة ستتمّ ترجمتها قريباً إلى خطوات عملية واتصالات ومباحثات من الوسطاء في المحور، تمهيداً لإنهاء الخلاف السابق والبدء بمرحلة جديدة». كما أشار إلى وجود عدد من الوسطاء الذين تحرّكوا في هذا الملفّ خلال المدة الأخيرة، وخاصة الفصائل الفلسطينية في سوريا إضافة إلى مبادرة سابقة من حزب الله لا تزال مستمرة، مؤكداً أن الحركة تتعامل بإيجابية مع جميع المبادرات.
وتأكيداً لما كشفته «الأخبار» أخيراً، لفت المصدر إلى أن «حماس» ستتشاور مع إيران والحزب الذي سيتمّ عقد لقاءات معه قريباً لتباحث الاستفادة من مخرجات «سيف القدس»، بما فيها قضية عودة العلاقات «الحمساوية» ــ السورية، التي توليها قيادة الحركة حالياً أهمية كبيرة، مشيداً بتصريحات نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، التي تحدّث فيها عن أن «الجهود المبذولة لعودة حماس إلى سوريا قطعت شوطاً مهماً، وأن المعركة في فلسطين تقول إننا أصبحنا على طريق عودة العلاقات بين حماس وسوريا».