الراعي للمسؤولين: تصالحوا مع السياسة والشعب
تشكيل الحكومة
الراعي، وخلال ترؤسه قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي، في بكركي، أشار إلى أنّ “اللبنانيين ليسوا في أزمة نظام بل في أزمة انتماء إلى جوهر الفكرة اللبنانية، فالأزمة وقعت بسبب عصيان النظام وصولاً إلى امتلاك الدولة والعبث بالوطن والمواطنين”. ولفت إلى أنّ ما يجري على صعيد تأليف الحكومة “أكبر دليل على ذلك، ولا علاقة له بالمواد الدستورية، خصوصاً المادتين 53 و 64 المتعلقتين بطريقة التكليف والتشكيل والتوقيع، بل العلاقة بهوية لبنان الواحد والموحد والحيادي والديمقراطي والميثاقي وذي السيادة في الداخل وتجاه الخارج، وبالثقة المتبادلة التي هي روح الميثاق الوطني والتعاون في الحكم والإدارة”. وسأل “لم هذا التأخير المتعمد في تأليف الحكومة”؟ مضيفاً أنه “كنا في مرحلة شروط وشروط مضادة، فصرنا في مرحلة تحديات وتحديات قاتلة، تودي بالبلاد والشعب والكيان، فلأن الجماعة السياسية والسلطة عاجزة عن معالجة أزماتنا الداخلية المؤدية إلى الموت، دعونا إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان نهيئه نحن اللبنانيين، كاشفين عللنا المتأتية من عدم تطبيق وثيقة الوفاق الوطني بكامل نصها”.
تصالح المسؤولين
وتوجّه الراعي إلى المسؤولين السياسيين ودعاهم إلى “التصالح مع السياسة ومع الشعب الذي بددتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة. وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع”. وسأل “كيف لا يثور هذا الشعب وقد أخذ سعر صرف الدولار الواحد يتجاوز الـ10000 ليرة لبنانية بين ليلة وضحاها؟ كيف لا يثور هذا الشعب وقد هبط الحد الأدنى للأجور إلى 70 دولاراً؟ وقد فرغ جيبه من المال، ولا يستطيع شراء خبزه والمواد الغذائية والدواء، وتأمين التعليم والطبابة”؟ ولفت إلى الناس تطالب بحقوقها التي تستحق أن يدافع عنها، وأن توضع في رأس معايير تأليف الحكومة، مضيفاً: “كنا نتطلع إلى أن يصبح اللبنانيون متساوين في البحبوحة، فإذا بالسلطة الفاشلة تساوي بينهم في الفقر”. وتوجّه بأسئلة أخرى، فسأل “كيف تعيش مؤسسات تتعثر وتقفل؟ وكيف يعيش موظفون يسرحون؟ ورواتب تدفع محسومة أو لا تدفع؟ وبعد، هناك من يتساءل لماذا ينفجر الشعب؟ من وراءه؟! فخير أن ينفجر الشعب ويبقى الوطن من أن ينفجر الوطن ولا يبقى الشعب. لكننا باقون، والشعب أقوى من المعتدين على الوطن، مهما عظمت وسائلهم”.
البابا في العراق
وكان الراعي بدأ عظته بالتطرّق إلى زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق. مشيراً إلى أنّ قداسته “يزور في هذا اليوم الثالث مدينة إربيل بإقليم كردستان، والموصل وسهل نينوى وقراقوش التي اجتاحها إرهاب داعش وطرد منها المسيحيين وهدم الكنائس والأديار وقتل وعذب عدداً منهم”. واعتبر أنّ هذه الزيارة “لا تأتي لتعزّز الوجود المسيحي في العراق وحسب، بل لتعزز السلام الذي هو ضمانة الوجود الحر لجميع مكونات العراق بمن فيهم المسيحيون”.
وأكد أنّ السلام هو مبدأ الضمانة في جميع المجتمعات والدول، “صحيح أن الاضطهاد في العراق طال المسلمين واليزيديين مثلما طال المسيحيين، لكن اضطهاد الجماعات التكفيرية والجهادية للمسيحيين اتخذ طابع الإبادة”. ولفت إلى أنّ “مسيحيي العراق عراقيون منذ السنوات الأولى للمسيحية، ومن هناك انطلق التبشير بالإنجيل في بلاد الرافدين وبلاد فارس وآسيا الصغرى والكنيسة لا ترى شرقاً من دون المسيحية المؤسسة لحضارته والمتآلفة مع الحضارة الإسلامية ولا ترى وجوداً مسيحياً من دون الآخرين وعلى حساب الآخرين”. فدعا الجماعة المسيحية إلى الصمود في أرضها ومواجهة الإرهاب والتمسك بقيم الحرية وكرامة الإنسان.