الحدث

وقّع يا “ريّس”… وأنت الاقوى!

ايناس كريمة-لبنان24

كما كان متوقعاً في اليومين الماضيين، أرسل رئيس الجمهورية ميشال عون رسالة الى مجلس النواب حول التأخير في تشكيل الحكومة في محاولة لتحميل الرئيس المكلّف سعد الحريري مسؤولية التعطيل، وذلك بعدما بات عون عاجزاً عن إيجاد ثغرات دستورية لسحب التكليف من الحريري.

لكن عون، والذي تصرّف دستورياً ربطاً بصلاحياته الممنوحة له، تجاهل تماماً بأنه أيضاً، والى جانب الحريري، يتحمّل جزءا من مسؤولية التعطيل، اذ ان التوقيع الثاني بعد توقيع رئيس الحكومة هو لرئيس الجمهورية. ومن هُنا يصبح السؤال جائزاً حول سبب امتناع “فخامته” عن التوقيع على التشكيلة التي قدّمها الحريري له.

وبمعزل عن صحة الخطوة وحق عون الدستوري بالطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة الى جلسة عامة لمناقشة رسالته، الا ان هذه الرسالة وكما تحمل في طياتها عملية اتهام سياسي يراد منها، ربما، استثماراً اعلاميا كمجمل القضايا التي لا يفوّت “الوطني الحر” فرصة لاستغلالها “شعبويا”، تُلزم في الوقت نفسه رئيس الجمهورية مسؤولية الأزمة السياسية التي تتفاقم يوما بعد يوم وينتج عنها سلسلة أزمات متراكمة على كافة الصعد، وتفرض عليه أن يسعى عوضاً عن “الشكوى” الى تقديم بعض التنازلات لتمهيد الطريق أمام ولادة حكومة إنقاذ تدير شؤون البلاد وتتخذ الاجراءات اللازمة والجدية من أجل تخفيف حدة الانهيار.

مما لا شك فيه أن رئيس الجمهورية يستطيع حتماً اخراج نفسه من مأزق التعطيل عبر التوقيع على تشكيلة الحريري الحكومية، والذهاب نحو خطوة سحب الثقة مع حلفائه في مجلس النواب لتصبح بعدها حكومة تصريف اعمال، غير أن بعض الاوساط السياسية اعتبرت بأن عون يخشى عدم التزام حلفائه بحجب الثقة عن الحكومة. ولكن، وإن صدقت المعطيات، نستطيع أن نزيد على قائمة الازمات الراهنة، “ازمة ثقة” عون بحلفائه وبالتالي لا يد للحريري بأي شكل من الأشكال بـ “جريمة التعطيل”.

ولعلّ كلمة “جريمة” تبدو فاقعة في وسط حلبة الصراع الحكومي، ولكن أوليس تغاضي السلطة عن مصالح اللبنانيين والتلهّي في معركة المصالح جريمة بحق المواطن الذي فقد كل مقوّمات الحياة والحق في العيش الكريم في ظلّ التراخي الفاضح الذي تمارسه الاطراف المعنية بالإنقاذ؟

وإذا أيّدنا الحريري في شروطه، ونظرنا الى تعنّته بعين المصلحة الوطنية، وسواء أعجبتنا تشكيلته الحكومية أم لم تعجبنا، فإنه على الاقل في نهاية المطاف سعى الى تحضير مسودّة حكومية لتقديمها الى فخامة الرئيس، ما يجعل عون أمام خيارين؛ إما أن يتحمّل مسؤولية التعطيل الى جانب الحريري أمام الرأي العام ويعترف بأن المناكفات السياسية هي العقبة الأساسية في درب التأليف، أو أن يوقّع على تشكيلة الحريري عوضاً عن التململ ورمي كرة “التأخير” في ملعب الاخير.

من الواضح أن الرئيس ميشال عون يعمل على الاستفادة من الوقت الضائع ليصيب “ثلاث عصافير بحجر”؛ إذ يبدو أن جملة أهداف وضعها عون نصب عينيه من شأنها أن تجعله رابحاً في كل الاتجاهات.
اولا، تضييق الخناق على الرئيس سعد الحريري لإجباره على الرضوخ لشروطه وتشكيل حكومة من دون أي تنازلات من “العهد”.
ثانيا، محاولة تحسين وضعيته وترميم صورة عهده أمام الرأي العام والإيحاء بأنه يسعى بكل ما أوتي من جهود لإيجاد الحلول الدستورية وغير الدستورية لتشكيل الحكومة، في مقابل عرقلة الحريري المتمسّك بشروطه حتى النهاية رافضاً لأي تسويات داخلية وفق بنود بعبدا!

ثالثا واخيرا، احراج الحريري ومحاصرته وسحب البساط من تحت اقدامه ودفعه مجددا نحو خطوة الاعتذار لتحلّ مكانه شخصية سنية اخرى ليحقق بعدها عون، بحسب رأيه، انتصارا سياسيا ساحقاً على قاعدة “انا الاقوى!
وقّع يا “ريّس” … وانت الاقوى!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى