لقّحوا نوابكم لا ينفع الندم.. ما بدّا هالقدّ!
اندريه قصاص-لبنان24
قد يكون من حقّ رئيس الجمهورية، وهو من الفئات العمرية التي لها أولوية في برنامج التلقيح ضد فيروس كورونا، وكذلك للنواب الذين تتجاوز أعمارهم السبعين عامًا، أن يتلقوا هذا اللقاح مثلهم مثل أي مواطن عادي، ولكن المأخذ يبقى في الطريقة التي تمتّ بها هذه العملية، والتي إستفزت رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري، الذي هدّد بتقديم إستقالته من مسؤولياته، الأمر الذي جعل الطاسة ضائعة بين اللجنة الوطنية ووزارة الصحة، التي تصرّفت من تلقاء نفسها من دون العودة إلى اللجنة الوطنية، مما خلق حال إشمئزاز لدى المواطنين، والتي لم يسلم منها لا رئيس الجمهورية ولا النواب الذين تلقوا اللقاح في مجلس النواب.
وبغض النظر عمّا إذا كان يحقّ لنواب الأمة غير المرضي عنهم في الشارع تلقي الجرعة الأولى من اللقاح بهذه الطريقة أم لا، فإن ما يهمّنا الإضاءة عليه هو أن النائب أو أي مسؤول في دول العالم المتحضّر، حيث تُحترم فيها حقوق الإنسان، يقف المسؤول مثله مثل غيره من المواطنين في الصفّ وفق الأولويات المحدّدة في برنامج التلقيح، من دون أن يسمح لنفسه بمخالفة الإجراءات المتخذة، حتى ولو كانت هذه المخالفة شكلية.
فلو أن رئيس الجمهورية، وهو أب الجميع، إفتتح عملية التلقيح جنبًا إلى جنب مع الممثل “ابو سليم”، لفعلت هذه الخطوة فعلها لدى الرأي العام ولكانت ردود الفعل جاءت إيجابية ولمصلحة العهد، الذي يحتاج في هذا الوقت بالذات إلى جرعات من الدعم المعنوي، ولكان تلافى الردود السلبية التي طاولت السلطة السياسية، “التي لا يهمّها سوى نفسها وهي غافلة عن الشعب ومعاناته، وغير مستعدة للقيام بأي جهد إضافي للتخفيف من حدّة الأزمات، التي لم يسبق لها مثيلًا”.
وتأتي هذه الخطوة غير المسبوقة متزامنة مع ما قام به عدد من النواب، الأمر الذي فتح عليهم أبواب جهنم، ولم يعرفوا من أين جاء كل هذا الحقد عليهم من قبل الشعب، حتى أن بعضًا من هؤلاء إضّطروا لتوضيح ما جرى معهم من باب التبرير ليس إلاّ.
فهذه الدعسة الناقصة زادت من نقمة الشعب المتروك يتخبّط لوحده في هذه الأرض الموحلة والمتحركة، إذ أنه كلما تحرّك وتخبّط كلما تسارعت خطوات غرقه.
يضاف إلى كل ذلك ما يتردّد عن أن ثمة من يحاول التلاعب بصحّة الناس وعقولهم، وذلك عن طريق تهريب بعض اللقاحات وبيعها في السوق السوداء، مما دفع بعض المواطنين إلى المطالبة بمحاسبة هؤلاء “العديمي الضمير”، وإنزال أشدّ العقوبات بهم، لكي يكونوا عبرة لغيرهم ولمن يسمح لنفسه بالمتاجرة بأرواح الناس.
وفي تعليق لأحد الظرفاء قال “لقّحوا نوابكم… لا ينفع الندم”، في حين كان وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن يردّ على المواطنين الغاضبين بالقول “ما بدّا هالقد”.
لمعالي الوزير، الذي غاب عن السمع طوال يوم أمس الأول، نقول بدّا هالقدّ وأكثر، لأن الشعب لم يعد يحتمل الخزعبلات، ولم يعد في مقدوره تحمّل نتائج سياساتكم الخاطئة والمغلوطة، التي أوصلت الناس إلى حال غير مسبوقة من اليأس والقرف.