بين “فول” برّي و”مكيول” القوات”
“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
“لا تقل فول حتّى يصير بالمكيول”. جملة استخدمها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أكثر من مرّة عند كل امتحان كانت تمرّ فيه عمليات تأليف الحكومات، خصوصاً تلك التي يتولّى تأليفها الرئيس سعد الحريري، لما يواجهه من صعوبات متعددة ومتنوّعة في كلّ مرّة يُكلّف بها لدرجة يتبيّن لدى كثيرين، أن إفشال الحريري شخصيّاً هو المطلوب لدى البعض، وليس كما هو ظاهر بأن الاختلاف والخلاف محصوران فقط بتوزيع الحقائب واختيار الأسماء.
السؤال الأبرز الذي يُطرح على بساط البحث السياسي في هذه المرحلة المُعقّدة التي تمر فيها البلاد هو، هل سيستخدم برّي مقولته مُجدداً في ظل المبُادرة التي يسعى من خلالها لتذليل العقبات، ام أن الفول قد صار فعلاً بالمكيول وأن ما ينقص التأليف مجرّد “رتوش” أو بعض “الدلع” السياسي لا أكثر ولا أقل، خصوصاً وأن الأمور الداخلية لم تعد تُحتمل وسط الغليان الشعبي الحاصل جرّاء الوضع الاجتماعي والمعيشي الذي تحوّل إلى قُنبلة موقوتة يُمكن أن تنفجر بالجميع في أي لحظة؟
وسط هذا التلبّد في سماء التأليف والذي يُشبه في بعض جوانبه طبيعة الطقس الحالي، يذهب المعوّلون على مبادرة برّي إلى حد اعتبارها “الفرصة” الأخيرة لاستنهاض ما تبقّى من همم لدى السياسيين والشعب اللبناني على حد سواء، والذهاب فوراً لتصحيح الخلل القائم شرط الإستفادة من الأخطاء السياسية السابقة في عملية البناء المستقبلية، طالما أنه لا مجال في الوقت الراهن، لإجراء أي عملية استئصال أو تبديل للفريق المتواجد في السُلطّة.
في الموازاة، لا بد من الوقوف عند رأي فريق سياسي أساسي في البلد هو “القوّات اللبنانية”، بالنسبة للوضع القائم في لبنان، وبسياسات التأليف والمساعي التي تُبذل من أجل ولادة حكومة تتطلّع إلى مصلحة شعبها، وما إذا كانت فعلاً هذه الحكومة قادرة على انتزاع ثقة شعب يواجه مقولة بري حول “الفول والمكيول”، بـ”من جرّب المجرّب عقله مخرّب”.”
في هذا السياق، تُشير مصادر “قوّاتية” إلى أن “القوّات” وضعت باكراً كل الحلول خارج أي إطار له علاقة بالموضوع الحكومي، وذلك على قاعدة مُثبّتة تقول أن أي حكومة لن يكون باستطاعتها إخراج لبنان من “النكبة” التي أوصلتنا اليها الأكثرية الحاكمة. من هنا فإن “القوّات” لم تُكلّف الحكومة المُستقيلة ولا رئيسها ولم تمنحها الثقة ، لأنها أدركت منذ البداية أن أي حكومة لا يُمكن أن تُنهي أزمة لبنان حتّى ولو كانت حكومة اختصاصيين، طالما أن هناك سُلطة مُتسلّطة ومُمسكة بزمام القرار، لذلك هناك طريق وحيد هو إسقاط هذه “البوتقة” عن طريق إعادة انتاج سلطة جديدة من خلال إنتخابات نيابيّة مُبكرة.
وتُلاحظ المصادر “القوّاتية” أنه “بعد التجربة، تبيّن أن وجهة نظر “القوّات” هي محقّة، بدليل أنه” بموازاة الحكومة المُستقيلة فإن الرئيس المُكلّف تم تكليفه منذ أكثر من خمسة أشهر، ولغاية اليوم لم تتألّف الحكومة ولا نشهد إلّا تراشق بيانات ومواجهات إعلامية وسياسية في ظل أزمة ثقة تبدأ في آخر قرية لبنانية، ولا تنتهي بآخر لبناني موجود في أخر مجاهل العالم. لذلك المُشكلة هي مع الأكثرية الحاكمة التي يجب أن تتغيّر وإلّا لا مجال للتفكير بالإنقاذ”.
وتكشف المصادر نفسها أن “كل هذا الكلام قاله الحكيم، للنائب بهيّة الحريري التي يكنّ لها كل تقدير واحترام، وذلك خلال زيارتها معراب قبل أيّام من تكليف الرئيس سعد الحريري حيث دعت يومها الى عدم تفويت “الفرصة” لإعادة استنهاض لبنان، فكان رأي “الحكيم” بأنه وفقاً لتجارب سابقة مع هذه السلطة، فإنه لا يوجد أي فرصة وأن موقف “القوّات” ليس موجّهاً ضد الرئيس الحريري، بل ضد هذه الأكثرية المُمسكة بزمام السلطة.
وتُضيف المصادر، أنه في “الوقت الذي يئن فيه الشعب اللبناني من الجوع ويُعاني من كل هذه الأزمات بسبب ممارسات السلطة الحالية، نرى أن هذه الأخيرة مُنشغلة بالمكاسب و”الثلث المعطل”، بينما المطلوب التفرّغ بشكل كامل لمعالجة قضايا الناس وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه” . وتسأل في هذا المجال، “من قال أن خلافات تشكيل الحكومة لن تنتقل إلى طاولة مجلس الوزراء؟ ولذلك ترى “القوّات” أن مبادرة برّي قد تنجح وقد لا تنجع أسوة بمبادرات سابقة لقيت الفشل.