أهداف الإمارات من محاولة التقرب من سعد الحريري
الوقت- في حين مهدت الأزمة المالية والسياسية غير المسبوقة في لبنان الطريق لمشاركة جهات أجنبية في البلاد، كان هناك تنافس متزايد وملموس بين دول حاشية الخليج الفارسي في الأشهر الأخيرة للعب دور في تطورات لبنان والحصول على موطئ قدم لهم.
وفي هذا الصدد وبعد زيارة وزير الخارجية القطري إلى لبنان وتقديم المساعدة المالية في حال تشكيل الحكومة وإعلان الاستعداد لاستضافة لقاء سياسي مع كل الفئات اللبنانية في الدوحة لتجاوز الأزمة الحالية والمأزق السياسي، تشير تقارير إعلامية الآن إلى أن الإمارات تحاول أن تصبح داعماً رئيساً لسعد الحريري.
ووفقا لموقع العربي الجديد قدم ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد عرضا ماليا لسعد الحريري خلال زيارته الأخيرة للإمارات لإعادة تنظيم مؤسساته السياسية والاجتماعية.
كما اقترح بن زايد على الحريري نقل أسرته التي تعيش في الرياض منذ 20 عاما إلى أبو ظبي. هذا ويمكن دراسة أهداف الإمارات من هذه المقترحات في ثلاثة أبعاد.
المواجهة مع الإخوان
لا يزال المناخ السياسي لمجلس تعاون دول الخليج الفارسي عقب توقيع اتفاق المصالحة لإنهاء الحصار على قطر الشهر الماضي، يدور حول وجود تنافسات سياسية وجيوسياسية بين الأعضاء. الإمارات التي جعلت أحد المحاور الرئيسية في سياستها الخارجية لمواجهة توسع نفوذ الإخوان في المنطقة، لا تزال ترى فيهم منافساً وتهديدا كبيرا لمصالحها في عدة مناطق مثل ليبيا والسودان واليمن ومصر وتونس، مع التركيز على قطر وتركيا.
وفي هذا الصدد، فإن أحد الجوانب المهمة في اهتمام الإمارات الأخير بالمسألة اللبنانية يتعلق بالشعور بالتهديد بإمكانية توسيع نفوذ الإخوان في لبنان. حيث سافر رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري إلى تركيا للقاء اردوغان في أواخر كانون الثاني (يناير) من أجل الحصول على مساعدة اقتصادية، ثم التقى المسؤولين القطريين في الدوحة بعد شهر واحد تلبية لذات الغرض. وعلى عكس التدخلات الحاسمة للسعودية والإمارات في لبنان، فإن التعاون مع قطر يلقى الآن ترحيباً من قبل العديد من التيارات السياسية اللبنانية، بما في ذلك حزب الله والتيار الوطني الحر بقيادة ميشيل عون، وهذا يعني من وجهة نظر أبو ظبي أن هناك أرضية لخلق قطب معاد في التطورات في لبنان. حيث تستند السياسة الخارجية لدولة الإمارات إلى استراتيجية استثمار ممولة سياسياً هدفها تحقيق طموحات أبوظبي في كسب النفوذ.
وخلال زيارة الحريري لأبو ظبي وسط بدء الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر 2019، أعلنت الإمارات عن وعدها بإيداع ما يصل إلى مليار دولار في البنك المركزي اللبناني ورفع حظر السفر الإماراتي الذي وضع عام 2016 إلى لبنان.
الامارات تحل مکان السعودية في الاستراتيجية الآمریکیة الإقليمية
لا شك أن انتقال الإمارات إلى لبنان ليس امرا عبثياً، بل يمثل استراتيجية جديدة في التعامل مع لبنان تقوم على قراءة جديدة للتطورات والالتزام بالأجندة الأمريكية. حيث انه في إدارة ترامب السابقة، سعت امريكا إلى إبقاء حزب الله خارج مجلس الوزراء من خلال زيادة الضغط على الاقتصاد اللبناني (من خلال عقوبات قانون قيصر) ومنع المساعدات الاقتصادية الدولية من الوصول إلى الحكومة اللبنانية.
يبدو الآن أن الإمارات تستعد للخروج من ظل الشقيق الأكبر أي السعودية في مجلس التعاون، نظراً لريادتها في التطبيع مع اليكان الصهيوني، والعلاقة الباردة بين واشنطن والرياض في العصر الجديد، فضلاً عن القوة الاقتصادية المتزايدة والنفوذ السياسي على السعوديين. حيث يمكن قراءة دعوة سعد الحريري لنقل عمله وحياته من السعودية إلى الإمارات بهذه الطريقة بالضبط.
الفوائد الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط
يمكن أن يكون السعي وراء المصالح الاقتصادية دافعا رئيسيا آخر لدولة الإمارات للعب دور في التطورات في لبنان.
من حيث الموقع الجيوسياسي والجغرافي الاقتصادي، يقع لبنان بجوار البحر الأبيض المتوسط وموارده الوفيرة من الطاقة، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة مركزا للمنافسة بين دول مثل قبرص ومصر وتركيا واليونان والكيان الصهيوني.
يتطلع لبنان، الذي يعاني من أزمة مالية واسعة النطاق، إلى استغلال موارد الغاز البحري في البحر المتوسط. حيث يواجه لبنان حاليا تحديا خطيرا لإسراف الكيان الصهيوني في تطوير البنية التحتية في المنطقة، لكن التخطيط لكسب عائد من هذه الموارد سيكون محوريا لسياسات الحكومة اللبنانية في المستقبل.
منذ توقيع الإمارات والبحرين اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني في 15 سبتمبر، اتخذت الإمارات العديد من الخطوات لتعزيز وجودها في شرق البحر المتوسط.
وقعت الإمارات ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، العديد من الصفقات التجارية والترانزيت مع الصهاينة، وعرضت شركت موانئ دبي (شركة موانئ البحر العالمية في دبي) على تل ابيب استئجار ميناء حيفا، الذي يتم تطويره من قبل الصين. شركة ، وفي أكتوبر وقعت شركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية EAPC عقدا لنقل النفط الخام الإماراتي إلى أوروبا عبر خط أنابيب يربط مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر وميناء عسقلان على البحر المتوسط.
وفي غضون ذلك في ديسمبر، انضمت الإمارات إلى منتدى الغاز المتوسطي (EMGF) كمراقب، وناقش مسؤولو الطاقة الإماراتيون والإسرائيليون وممثلو مجموعة أدنوك التعاون الثنائي في مجال النفط والغاز.
وبناء على ذلك يمكن القول أن التنقيب الأولي عن الغاز في شرق البحر المتوسط هو أحد أسباب اهتمام الإمارات بالمشاركة في التطورات في لبنان.