خبير في شؤون أفغانستان يتحدث للوقت: ما الذي يدور خلف كواليس استضافة باکستان لـ”ملاغني برادر”؟
الوقت – بعد وقت قصير من الإعلان عن اتفاق بين وفدي طالبان وكابول في الـ 2 من كانون الأول بشأن شروط وجدول أعمال محادثات السلام باعتبارها خارطة طريق لمحادثات السلام الجارية في الدوحة، قام وفد رفيع المستوى من كبار مسؤولي طالبان بقيادة “عبد الغني برادر” بزيارة إسلام أباد يوم الخميس للقاء المسؤولين الباكستانيين في زيارة تستغرق يومين.
وخلال زيارته الأخيرة لكابول، أكد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان دعم إسلام أباد الكامل لتقدم المحادثات ووقف العنف في أفغانستان، وأكد لمسؤولي كابول أن باكستان ستدعم هذا المسار.
لطالما نظر شعب وحكومة أفغانستان إلى العلاقات الخفية والسرية بين باكستان وطالبان بعين القلق والشك، لذلك تتجه الأنظار الآن إلى زيارة مسؤولي طالبان إلى إسلام أباد ومحتوى الاجتماعات.
وفي هذا الصدد، ولمزيد من المعلومات أجرى موقع الوقت التحليلي الإخباري حواراً مع الخبير في شؤون أفغانستان وشبه القارة الهندية “بير محمد ملازهي”.
ما هو هدف زيارة وفد طالبان لباكستان؟
عقب ما حدث في الدوحة، أي الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين وفدي طالبان والحكومة الأفغانية على مبادئ خارطة الطريق الرئيسة للمفاوضات، قرر الجانبان تعليق المحادثات للتوجه إلى مقرهما وإجراء المشاورات. ونظراً لتأثير باكستان على مجلس شورى كويته، فإن الملا برادر، بصفته كبير مفاوضي طالبان، تحدث مع قيادة طالبان في كويته (مركز إقليم بلوشستان الباكستاني)، ورأى من الضروري ان يتحدث مع المسؤولين الباكستانيين، وإجراء التنسيق الضروري بشأن ما يجب فعله من عدمه لحماية مصالح طالبان وباكستان بصفتها الداعم السياسي والمالي والعسكري واللوجستي لهذه الحركة، لذا فإن الهدف الرئيس هو أن يكون الملا برادر على اطلاع وثيق على وجهة النظر الباكستانية حتى يعرف بعد 20 يوماً من بدء المحادثات أي القضايا هي الخط الأحمر وأي القضايا يمكنه التصالح فيها.
ما هي الخطوط الحمراء لباكستان ومصالحها وما تأثير ذلك على عملية التفاوض؟
لدى باكستان عدة قضايا رئيسة في أفغانستان، أهمها خط “ديورند” الحدودي، وهذا يعني أن الأفغان يجب أن يقبلوا ويعترفوا بهذا الخط الحدودي الذي أنشئ عام 1893 في عهد عبد الرحمن خان بين أفغانستان والهند البريطانية ممثلة بـ “مورتیمر دیورند”.
فمنذ ذلك الحين، وعلى الرغم من ظهور خمسة أنظمة ذات أيديولوجيات مختلفة في أفغانستان، بما في ذلك حكومة طالبان، لم تعترف أي من هذه الحكومات بخط الحدود هذا، وان عدم الاعتراف بهذا الخط الحدودي يعني أن الأفغان يعتقدون أن ثلاث مناطق على الأقل، وهي المنطقة 7 باعتبارها منطقة قبلية و”بختونخواه”، وإقليم بلوشستان الباكستاني تنتمي لأفغانستان.
للتذكير فقط إن 47 ٪ من الأراضي الباكستانية تنتمي إلى مقاطعة بلوشستان، إضافة إلى حقيقة أن هناك نحو 1500 كيلومتر من الحدود المائية في منطقة مخمران، ونظراً لأهمية هذه القضية، فمن الطبيعي أن تكون القضية الرئيسة لباكستان هي خط “ديورند”.
الخط الأحمر الثاني هو منع الهند من توسيع نفوذها في أفغانستان، نفوذ الهند الحالي في أفغانستان غير مقبول لإسلام أباد لأن باكستان تشعر أنها محاصرة من قبل الهند من جميع الجهات، من الشرق والغرب، إن الشعور بالحصار الهندي لباكستان جاد للغاية، لذا فإن منع توسع النفوذ الهندي في أفغانستان هو أحد الأهداف الاستراتيجية لإسلام أباد.
المسألة الثالثة للباكستانيين هي سهولة الوصول إلى آسيا الوسطى عبر أفغانستان، أي إن إسلام أباد لا تقبل أي قيود من كابول على التجارة مع آسيا الوسطى.
القضية الرابعة لباكستان هي أنه يجب أن تتولى السلطة في أفغانستان حكومة تابعة لباكستان اذا صح القول، أو على الأقل في تنسيق مع إسلام أباد.
كيف سيكون تأثير هذه المطالب في ضوء كانت حكومة كابول تسعى في السنوات الماضية لتوسيع العلاقات مع الهند؟
إذا وصلت طالبان إلى السلطة، فستكون قادرة على إيجاد توازن في علاقات أفغانستان مع باكستان والهند. ويبدو أيضاً أنه قد تم التوصل إلى اتفاقات وراء الكواليس بين باكستان وطالبان حول هذا الأمر.
قامت الهند باستثمارات كبيرة في القطاع الاقتصادي الأفغاني، بما في ذلك بناء سد سلما على نهر هرير، وإنشاء مبنى البرلمان الأفغاني وطريق دل آرام في ولاية قندهار بطول 2017 كلم على نفقتها الخاصة، إضافة إلى تدريب القوات الجوية الأفغانية.
تلك هي الخطوات الاستراتيجية التي تتخذها الهند لتوسيع نفوذها في أفغانستان، وباكستان بدورها الآن تصرّ من أجل تحقيق التوازن على تولي مسؤولية تدريب الشرطة والجيش الأفغاني، وخاصة تدريب مقاتلي طالبان في الجيش الباكستاني ثم دمجهم في الجيش الأفغاني وقوات الأمن.
هناك أيضاً أشياء تحدث خلف الكواليس في المحادثات لا يتم الإعلان عنها، ولكن يبدو في النهاية أنها توفر نوعاً من التوازن في علاقات أفغانستان مع باكستان والهند، ومن ناحية أخرى تأخذ بعين الاعتبار علاقات أفغانستان مع روسيا والصين والغرب.
أثبتت التجربة أن أفغانستان تحقق السلام عندما تلعب دوراً محايداً في التنافس بين القوى الإقليمية والدولية. كما في زمن ظاهر شاه، حيث كانت لأفغانستان علاقات جيدة مع جميع الدول، لكن المشكلة بدأت عندما قام محمد داود خان بانقلاب عام 1963، ولأنه كان يميل إلى الروس لاقى رفضاً ومواجهة من الغرب، وبعد استدارته إلى الغرب، أثار هذه المرة رد فعل موسكو وحدث انقلاب ماركسي، لذلك يجب إنهاء هذه الحلقة المفرغة من أجل تحقيق السلام والاستقرار من خلال حياد أفغانستان.