«الوطني الحر» و«القوات» يتقاربان رئاسياً لأجل ضمان المستقبل
كتّاب الديار
في الوقت الراهن، بات من الممكن الحديث عن أن كلا من حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» ذهب إلى كشف أوراقه الرئاسية مبكراً، فالأول يسعى إلى إبرام تفاهم مع الكتل النيابية المعارضة، يحول دون وصول مرشح محسوب على قوى الثامن من آذار ويمنع الوصول إلى مرشح توافقي، أما الثاني فيتمسك بمعادلة الرئيس الممثل من أجل فرض نفسه كناخب أول في هذا الإستحقاق، ما يعني أن الجانبين يسعيان إلى فرض نفسيهما بوابة أساسية في هذه المعركة.
في ظل هذه الأجواء، من الضروري التشديد على أن كلاً من «القوات» أو «الوطني الحر» لا يملك وحده القدرة على تأدية هذا الدور، نظراً إلى أنهما بحاجة إلى التفاهم مع مروحة واسعة من الأفرقاء الآخرين، مسيحيين ومسلمين، في حين أن أي تشدد من قبلهما يفتح الباب أمام سيناريوهات أخرى لا يكونان فيها في موقع المقرر، بينما في المقابل غالبية القوى السياسية تفضل الذهاب إلى إضعاف تأثيرهما في الإستحقاق الرئاسي، خصوصاً في ظل بروز طروحات جديدة كان رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط أول المبادرين إلى طرحها.
العودة إلى الإستحقاق الماضي، أي إنتخاب الرئيس ميشال عون، كان واضحاً أن التوافق بين الجانبين، أي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية هو الذي منحهما القوة المؤثرة في اختيار الرئيس، على قاعدة أن تبني ترشيح عون من قبل «القوات» هو الذي دفع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى التفاهم معه، الأمر الذي اضطر جنبلاط أيضاً إلى الإلتحاق بالتسوية، مع العلم أن «التيار الوطني الحر» كان قد استفاد أيضاً من ورقة تمسك «حزب الله» بورقة تعطيل جلسات المجلس النيابي في حال عدم تأمين إنتخاب عون.
في المرحلة الراهنة، لا يبدو أن أيا من الأفرقاء على الساحة السياسية الداخلية قادر على العودة إلى استخدام هذه الورقة، أي التعطيل، نظراً إلى التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك، داخلياً وخارجياً أيضاً، الأمر الذي يضعف «القوات» و»الوطني الحر» معاً، لكن في المقابل هناك ما يجب أن يطرح على بساط البحث، بالرغم من ضعف حظوظه في ظل الخلافات الكبيرة القائمة في الوقت الراهن، هو سيناريو إمكان تكرار تفاهم معراب بين الجانبين، لكن وفق ضمانات أكبر، وصيغ مختلفة، نظراً إلى أن هذا الأمر يعزز حضورهما في هذا الإستحقاق، على قاعدة أن الأفرقاء الآخرين لا يمكن لهم تجاوز رغبة الفريقين المسيحيين الأكبران.
هذا التوافق المحتمل ولو على الشكل وبعض الأمور الأساسية في الاستحقاق الرئاسي، سيهدف بالدرجة الأولى الى تثبيت قواعد سياسية تفيدهما في المستقبل، ففي المرحلة الراهنة لا يوجد أي حظوظ لباسيل وجعجع بالوصول الى كرسي الرئاسة، لكن انتصارهما يكون بتثبيت معادلات تجعلهما المرشحين الأبرز للرئاسة بعد 6 سنوات من اليوم، ولعل هذه النقطة هي التي ستجعل الفريقين يتفقان على مسائل معينة ولو لم يؤد هذا الاتفاق إلى تبني مرشح واحد.