تقدُّم متسارع في فيينا لعودة متزامنة للاتفاق… و13 ألف توقيع لرفع العقوبات عن سورية / عون يحوّل توقيعه المرسوم ورقة ضغط بوجه هيل لـ «مفاوضات تحفظ الحقوق»/ بوتين يهاتف الحريريّ بدل اللقاء… والشركات الروسيّة مهتمّة بالمرفأ والنفط /
كتب المحرّر السياسيّ-البناء
بينما تمضي إيران في التخصيب المرتفع لليورانيوم عند نسبة الـ 60%، ويلوّح الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني ببلوغ نسبة الـ 90%، رداً على العمليات التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني أملاً بإعاقته وتخديماً للضغط التفاوضيّ، تقاطعت المعلومات الدبلوماسية من فيينا عند تأكيد تطور بارز على خط التفاوض رفع التفاؤل ببلوغ نقطة حاسمة خلال الأيام المقبلة لصالح العودة للاتفاق، ضمن مفهوم التزامن بين رفع العقوبات الأميركية وعودة إيران إلى موجباتها، وتقول المعلومات إن دوراً روسياً أساسياً في تقديم الضمانات للفريقين سيكون عنصراً رئيسياً في تحقيق هذا التقدّم، وفقاً لورقة روسية تدعو واشنطن لرفع فوريّ لكل العقوبات التي تعيق التجارة الإيرانيّة والتي تطال مؤسسات النفط والغاز وفتح الاعتمادات والمؤسسات المصرفيّة، مقابل عودة إيران الى التخصيب المنخفض لليورانيوم، وفتح الباب مجدداً أمام الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة ومفتشيها للعودة الى إيران.
من بيروت نحو الفاتيكان ونيويورك تحرّكت تواقيع ثلاثة عشر ألف اسم داعية لرفع العقوبات والحصار عن سورية، والتقى بدعوة من الأحزاب الوطنية جمع من الشخصيات لإعلان الوثيقة، من أمام مقرّ الأمم المتحدة ومنظمة الأسكوا في بيروت، حيث تحدث باسم الموقعين المطران دانيال كورية.
لبنانياً، لا تزال زيارة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل في الواجهة، مع كلام حكومي لهيل بدا في منتصف الطريق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وهو ما قالت مصادر متابعة للزيارة إنه يرتبط بالطريقة التي أدار من خلالها رئيس الجمهورية ملف مرسوم ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، بحيث بات مشروع المرسوم، “نصف مرسوم”، فهو قابل للتحوّل الى مرسوم ملزم يصعب تعديله من أية حكومة مقبلة من دون أزمة وطنية كبرى تتهم خلالها، أي حكومة تسعى لتعديله بالتنازل عن الحقوق الوطنيّة، ولا ينقص ليحدث ذلك سوى توقيع رئيس الجمهورية، الذي أبلغ هيل أنه سيمتنع عن التوقيع إذا ضمن عودة المفاوضات بضمانة وساطة أميركيّة منصفة، وامتناع كيان الاحتلال عن البدء بالتنقيب في حقل كاديش الواقع في قلب المنطقة التي تحدّدها الخرائط اللبنانية الجديدة، طالباً معونة أمميّة تقنية للمساعدة في مطابقتها مع القواعد التقنيّة والقانونية الدولية. وتعتبر المصادر أن تصرف رئيس الجمهورية نجح في دفع الموقف الأميركي نحو قبول الطلبات اللبنانية، لكنه ترك تأثيراً على التعامل الأميركي مع موقع رئيس الجمهورية من تشكيل الحكومة، بعدما تحسّن موقع رئيس الجمهورية موضوعياً بسبب إمساكه بورقة المرسوم، خصوصاً أن متابعة المفاوضات تحتاج إلى تسريع ولادة حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري من وجهة النظر الأميركيّة، ومن وجهة نظر الفريق المناوئ لرئيس الجمهورية، ما بات يستدعي مسارعة الرئيس الحريري لملاقاة رئيس الجمهورية في منطقة وسط لتسريع تشكيل الحكومة.
في هذه الأثناء، كان الرئيس الحريري في موسكو يتابع لقاءاته مع كبار المسؤولين الروس، ويتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلاً من اللقاء الذي كان متوقعاً بين الحريري وبوتين، وقال بيان صادر عن مكتب الحريري إن الاتصال مع بوتين استمر خمسين دقيقة وإن الحريري عومل كرئيس حكومة خلال زيارته، بينما كان لافتاً كلام الحريري بحضور رئيس الحكومة الروسية عن دعوة الشركات الروسية إلى المشاركة في الأعمال في لبنان، فيما قالت مصادر روسية إن موسكو مهتمة بمشروع إعمار واستثمار مرفأ بيروت وبمشاريع توليد الطاقة الكهربائيّة، ولها اهتمام خاص بملفات التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية.
وتصدّر ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية محادثات وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل لا سيما خلال لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا. وإذ كرّر هيل المطالبة بالإسراع في تأليف الحكومة، أعلن استعداد بلاده للمضي قدماً في وساطتها بين بيروت والكيان الإسرائيلي.
ووفق بيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية شدد عون خلال المحادثات مع الوفد الأميركي برئاسة هيل، على «أهمية الاستمرار في مفاوضات ترسيم الحدود واستكمال الدور الأميركي من موقع الوسيط النزيه والعادل. وأكد الرئيس عون على أنه «يحق للبنان أن يطور موقفه وفقاً لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي ووفقاً للأصول الدستورية». وطالب عون: أولاً، «باعتماد خبراء دوليين لترسيم الخط وفقاً للقانون الدولي. ثانياً، التزام عدم القيام بأعمال نفطية أو غازية وعدم البدء بأي أعمال تنقيب في حقل كاريش وفي المياه المحاذية». كما أكد عون «أنه مؤتمن على السيادة والحقوق والمصالح ولن يفرط بها، وثانياً تجنيب لبنان أي تداعيات سلبية قد تتأتى عن أي موقف غير متأنٍّ. ثالثاً بذل كل الجهود ليكون ترسيم الحدود موضع توافق بين اللبنانيين وليس موضع انقسام بهدف تعزيز موقف لبنان في المفاوضات».
وكان لافتاً تصويب هيل على حزب الله من بعبدا، ما يدعو للتساؤل إذا ما كان ذلك رسالة الى المعنيين بتأليف الحكومة لعدم تمثيل حزب الله في الحكومة. فأشار هيل إلى أن «حزب الله والنشاطات غير الشرعيّة يمنعان قيام دولة سليمة كما أن إيران تموّل ذلك»، مضيفاً «أميركا لن تترك أصدقاءها ولبنان ونحن مستعدون لتسهيل المفاوضات على الحدود البحرية التي ستكون لها منافع اقتصادية لمعالجة الأزمة».
ومن بعبدا، انتقل هيل الى السراي الحكومي والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وتمّ البحث في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان. وأكد دياب حاجة البلاد إلى تشكيل حكومة لمعالجة مختلف الأزمات، والشروع بورشة إصلاحات، انطلاقًا من الخطة التي وضعتها حكومته.
وسأل هيل دياب، بحسب معلومات «البناء» عن رؤية الحكومة وأدائها تجاه الشعب اللبناني في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، فكان ردّ رئيس الحكومة بالتأكيد بأن الحكومة تقوم بواجباتها للحد من الأزمات قدر الإمكان، ضمن الإطار الذي يسمح به الدستور لتصريف الأعمال.
وحضر الملف اللبناني بشقيه الحكومي والسياسي والاقتصادي في لقاءات ومباحثات رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في موسكو. وجرى اتصال هاتفي بين الحريري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتركز الاتصال الذي وصفته مصادر الوفد اللبناني بالممتاز على موضوع الأزمة الحكومية في لبنان. وتمّ التفاهم على مواصلة البحث بين الجانبين الروسي واللبناني للاستفادة من الدعم الروسي للبنان في مختلف المجالات وتسهيل الأرضية أمام الشركات الروسية للاستثمار في لبنان والشركات اللبنانية للاستثمار في روسيا. وأفاد بيان صادر عن الكرملين «أنه تم التأكيد من قبل الجانب الروسي على موقف روسيا المبدئي في دعم سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه. كذلك تناول البحث المسائل الإقليمية الملحّة واستعداد الجانبين للعمل المشترك من أجل تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين في لبنان”. أضاف البيان أن “الجانبين تطرقا الى عدد من قضايا التعاون المشترك مشددين على ضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتفعيل الاتصالات بين الهيئات المختصة في مجال مكافحة عدوى فيروس كورونا بما في ذلك تزويد لبنان بلقاحات روسية”.
وكان لافتاً ما صرّح به مستشار الحريري جورج شعبان بأن “التعاطي مع الحريري في روسيا كان على أساس “رئيس حكومة” وهذا ما أظهرته البيانات الرسمية للكرملين ووزارة الخارجية”.
في المقابل لفت رئيس تيار المرده سليمان فرنجية أن “الحكومة وترسيم الحدود والشؤون السياسية والاقتصادية والتطورات الاقليمية والدولية كانت موضوع اللقاء مع ديڤيد هيل”.
ولفتت أوساط سياسية لـ”البناء” إلى أن “الجهود الدولية الرامية لتأمين توافق حول تأليف الحكومة في لبنان مستمرة ولم تتوقف، لكنها لم تصل الى خواتيم إيجابية حتى الساعة”، ورأت أنه “رغم الحراك الدولي لكن الظروف لم تنضج بعد بانتظار جملة ملفات واستحقاقات من المتوقع أن تنعكس على الساحة اللبنانية كالمفاوضات الأميركية الغربية – الايرانية حول الملف النووي، ومفاوضات إنهاء الحرب المستمرة في اليمن والحل السياسي في سورية والانتخابات الرئاسية السورية في ظل استمرار الحصار المالي والاقتصادي المفروض على دمشق من خلال قانون قيصر الذي يصيب لبنان أيضاً ويحول دون انفتاحه الاقتصادي على المحيط الجغرافي العربي”، مشدّدة على أن لبنان لن يخرج من أزمته في ظل استمرار هذا الحصار الخارجي والأميركي تحديداً على سورية ولبنان.
وفي هذا السياق، توافد العديد من الشخصيّات والفاعليات وممثلي الأحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية ورجال الدين وممثلي الجمعيات والاتحادات الطالبيّة، ووفد من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى باحة مقر الأمم المتحدة في بيروت ـ “الاسكوا” لتنفيذ وقفة تنديداً بالحصار الجائر على سورية وللمطالبة بوقف كلّ الإجراءات القسريّة والقهريّة التي تنتهك الحقوق والقيم الإنسانية.
واستُهلّ الاعتصام بكلمة لمطران بيروت للسريان الأرثوذكس المطران دانيال كورية الذي تلا نصّ مذكرة موجّهة إلى بابا الفاتيكان فرانسيس، وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيسة مفوضيّة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين. وتحمل المذكرة تواقيع آلاف الشخصيات السياسية والحزبية والدينية والاجتماعية والأكاديمية العلمية والثقافية والفنية والطالبيّة والإعلاميّة.
وأشارت المذكرة الى أن “الحرب الإرهابيّة المفروضة على الشعب السوريّ، والتي دخلت عامها الحادي عشر، طالت ببلائها مختلف جوانب حياة السوريين، الذين ظلوا صامدين متمسّكين بأرضهم يدافعون عن وحدة وطنهم وسيادته، ويحاربون الإرهاب نيابةً عن البشريّة جمعاء، وهذه حقيقة أدركها العالم”. واعتبرت المذكرة أنّ “الحصار المفروض على الشعب السوري وامتداده الى اللبنانيين، نادراً ما شهدته البشرية في وحشيته وشموليته لمختلف جوانب الحياة والصحة في ظل انتشار وباء كورونا”.
وشدّدت المذكرة على ضرورة الإسراع في دعم عملية إعادة الإعمار في سورية من أجل تحفيز عودة النازحين والمهجّرين السوريين إلى ديارهم وتوفير فرص الحياة الكريمة لهم، وأشارت إلى أن الدولة السوريّة أصدرت كل ما يعطي الثقة والأمان للنازحين لعودتهم الطوعيّة الكريمة، وتوفير البنى التحتية اللازمة لعودتهم علماً أنهم غادروا مناطقهم خوفاً من اضطهاد التنظيمات الإرهابيّة إلى أماكن تواجدهم داخل سورية، إضافةً إلى لبنان ودول النزوح الأخرى.
وأكد عميد القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي المحامي ريشار رياشي باسم الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية أنّ “منع عودة النازحين السوريين وإرهاق اللبنانيين أيضاً بهذا الملف وعرقلة إعادة إعمار سورية تحت حجج مختلفة، كلّ ذلك من وسائل الضغط والقهر، فما لم يحصلوا عليه بواسطة الحرب يحاولون تحصيله عبر سياسة الحصار التجويعيّ لكسر إرادة صمود شعبنا”.
في غضون ذلك، حضرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لا سيما المحروقات والرغيف، في اجتماعات الرئيس دياب في السراي الحكومية حيث ترأس اجتماعاً ضمّ الى جانب وزير الاقتصاد راوول نعمة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، وممثلين عن نقابة صناعة الخبز في لبنان، على أن يعقد وزير الاقتصاد اجتماعات لاحقة مع رؤساء النقابات لوضع آليات للحلول.
وعلمت “البناء” أن الاجتماع لم يتوصل الى حل لأزمة الخبز والخلاف لا يزال سيد الموقف بين النقابة ووزارة الاقتصاد، فيما يحمّل وزير الاقتصاد النقابات مسؤوليّة التمنّع عن تسليم الافران الخبز، تفيد نقابة الافران لـ”البناء” أن “سبب الأزمة هو ارتفاع كلفة صناعة الخبز بعد ارتفاع أسعار المواد الأوليّة التي تنتج الخبز مثل الخميرة والأكياس والسكر”، موضحة أن “من أوقف التوزيع على السوبرماركات ليس الأفران بل الموزعون بسبب ارتفاع الكلفة”.
على صعيد موازٍ، سجل سعر صفيحة البنزين 95 أوكتانا ارتفاعاً 100 ليرة لتصبح بـ 38800 ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سعر صفيحة البنزين 98 أوكتان لتصبح بـ 40000 ليرة، ترأس دياب اجتماعًا حول موضوع أزمة المحروقات، حضره وزير الطاقة والمياه ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وعضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس، وممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا.
وأكد غجر أن “السبب الأساسي للشح الحاصل هو التهريب إلى خارج الأراضي اللبنانية بسبب الفرق في الأسعار بين لبنان وسورية”، وطمأن المواطنين بأن الحكومة لن ترفع الدعم عن المحروقات خلال وقتٍ قريب وبالتالي لا داعي للهلع وتخزين البنزين. وطالب غجر من القوى الأمنية ومن الجيش اللبناني تفعيل الرقابة على الحدود الرسميّة وغير الرسميّة للحد من التهريب.
وعلمت “البناء” أن “عمليات تهريب المحروقات الى سورية تزايدت الى حد كبير في الآونة الأخيرة ولم تنفع كل المحاولات للحد منها، إذ أن عمليات التهريب تحصل بالاتفاق بين المهرّبين من لبنانيين وسوريين مع عدد كبير من شركات استيراد النفط والموزعين وتقاسم الأرباح فيما بينهم”، وقد طرحت بعض الحلول في الاجتماع لكن مصادر مطلعة على الملف لفتت لـ”البناء” إلى أنه رغم كل الحلول المطروحة فإن لا حل لأزمة المحروقات والبنزين تحديداً إلا برفع الدعم كي تقف عمليات التهريب وتقنين استخدام مادة البنزين مع اعتماد البطاقة التمويلية وحصر الدعم بالعائلات الأكثر فقراً وبالتالي تخفيف حجم استيراد هذه المواد ما يؤدي الى تخفيف الضغط على الدولار في مصرف لبنان”.
وأصدر مصرف لبنان دعوة إلى المصارف كافة للمشاركة في الدورة التدريبية التي سوف يعقدها بشأن المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة يوم الاثنين المقبل. كما دعا مؤسسات الصرافة كافة للمشاركة في الدورة التدريبية التي سوف يعقدها مصرف لبنان حول المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة الثلاثاء والأربعاء والخميس المقبلين.
على صعيد آخر، قرّر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، إخلاء سبيل الموقوفين: الرائد في أمن الدولة جوزيف النداف، الرائد في الأمن العام شربل فواز، الرقيب أول الجمركي الياس شاهين، الرقيب أول الجمركي خالد الخطيب، جوني جرجس ومخايل المر، وردّ طلبات بقية الموقوفين.