“هوس” ترامب بلبنان وإيران: المفاجآت غير سارة.. وخلفيات لم تظهر بعد!
كتب منير الربيع في “المدن”: غريب هو مدى اهتمام أميركا بالوضعين الإيراني واللبناني، وتركيزها عليهما في هذه المرحلة. فإدارة دونالد ترامب تنظر إلى إيران ولبنان كأولوية الأولويات، على الرغم من خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية. وهذا فيما يُفترض أن تكون الإدارة الأميركية منشغلة بالتحضير للدعاوى القضائية التي سيرفعها ترامب اعتراضاً على نتائج الانتخابات، أو بمغادرة البيت الأبيض، والتفكير في الترشح لولاية جديدة في انتخابات العام 2024.
بين ترامب وبايدن
لكن، سواء في تصريحات ترامب أو زير خارجيته مايك بومبيو، يحتل لبنان وإيران أهمية بارزة في مرحلة الشهرين الفاصلة بين خروج الرئيس من البيت الأبيض وتسلّم الرئيس الجديد.
وقبيل انطلاق جولته في 7 دول في أوروبا والشرق الأوسط، أعلن بومبيو أن هذا الأسبوع سيحمل المزيد من العقوبات على إيران، وكل من يتعاون مع النظام الإيراني. وقد تصدر عقوبات أميركية جديدة على شخصيات لبنانية. وهذا يؤشر إلى مضي أميركا في التصعيد وتثبيت قاعدة واضحة: الانتخابات ونتائجها لا تغيّرا الاهتمام الأميركي بالمنطقة. ورهانات إيران وحلفائها على أن خسارة ترامب الانتخابات تعيد الوضع في المنطقة إلى ما كان عليه أيام ولاية باراك أوباما، محض أوهام.
وتريد الإدارة الأميركية كسر هذه النظرة، ومراكمة خطوات تصعيدية كبيرة، تحرج إدارة بايدن، في حال محاولتها القفز فوق ما فرضه ترامب.
بين باريس وواشنطن
بدأ بومبيو جولته من باريس، فالتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان. وكان الملف اللبناني حاضراً لأن لبنان إحدى الساحات الإيرانية، أو أحد مراكز النفوذ والتحكم الإيراني بسبب حزب الله. وقال بيان الخارجية الأميركية عقب اللقاء: “بحث بومبيو ونظيره الفرنسي تأثير حزب الله “الخبيث” في لبنان وجهود أميركا لتشكيل حكومة مستقرة تركز على الإصلاح”.
ولم يتوان بومبيو عن تكرار مواقف كان قد أطلقها من المبادرة الفرنسية: لا يمكن الرهان على عقد تفاهمات مع حزب كحزب الله. ولا يمكن نجاح المبادرة الفرنسية، فيما الولايات المتحدة الأميركية تفرض عقوبات على الحزب وتعمل على حصاره، بينما تتواصل باريس مع حزب الله، ويزور دبلوماسيوها المعقل السياسي والأمني للحزب في حارة حريك.
وكان ماكرون قد عقد اجتماعاً مع الخلية المكلفة بالملف اللبناني، للبحث في كيفية إعادة تعويم المبادرة الفرنسية. ذلك لأن الدور الفرنسي في لبنان لا يرتبط بتشكيل حكومة وحسب. بل بتأسيس متجدد للحضور الذي يجب أن يكون طويل الأمد، وإن لم تتمكن باريس من تحقيق شيء ما سريعاً. وهي تراهن أيضاً على التلويح بفرض عقوبات على معرقلي مبادرتها، إضافة إلى تهديدها بعدم حصول لبنان على أي مساعدات، باستثناء الإنسانية التي تحمي اللبنانيين من الجوع.
التشدد الأميركي الغامض
والخلاف الفرنسي – الأميركي حول لبنان قصته طويلة، وظهر بقوة بعيد اندلاع ثورة 17 تشرين الأول 2019. فالولايات المتحدة الأميركية تحمست جداً لهذه الثورة، بينما تحفظت باريس عنها. وعندها دعت فرنسا إلى عقد اجتماع ثلاثي ضم مسؤولين من الخارجية الفرنسية والأميركية والبريطانية في تشرين الأول 2019، لم تنجح باريس في تحقيق شيء منه.
وبعد أسبوعين، عقد اجتماع ثان للأطراف الثلاثة في العاصمة البريطانية لندن، ولم يحقق الاجتماع شيئاً أيضاً. وكان السبب الاختلاف بين الرؤية الفرنسية والرؤية الأميركية للوضع اللبناني.
وبعد تفجير المرفأ، اضطّلع الرئيس الفرنسي بمبادرة جديدة، لم تصل إلى شيئ بدورها، وتلقت أكثر من ضربة وصفعة، ولم تخلُ الصفعات من البصمات الأميركية، منذ العقوبات على علي حسن خليل ويوسف فنيانوس إلى العقوبات على جبران باسيل، وما سيليها.
ودعا ماكرون سابقاً إلى اجتماع لمجموعة الدعم الدولية، فشاركت بعض الدول، ولم تتعهد واشنطن بتقديم أي مساعدة، واستمرت على موقفها المتشدد. وكذلك دول الخليج، وخصوصاً السعودية والإمارات. وبعدها برز موقف كل من وزير الخارجية السعودي، والملك سلمان من حزب الله.
هذا كله يؤكد أن الاختلاف بين المقاربتين الأميركية والفرنسية مستمر تجاه لبنان. وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة أساسية: الاهتمام الأميركي بلبنان في هذه المرحلة، لا بد من أن ينطوي على خلفيات لم تظهر بعد. وسيكون له تداعيات أبعادها متعددة، سياسياً واقتصادياً، وربما أمنياً وعسكرياً.
المدن