تحقيقات - ملفات
حراك 17 تشرين نحو المزيد من العنف والسلطة “مشغولة بحالها”
أصبح الأمر لا يحتاج إلى ادلة و براهين الطبقة السياسية والتي أفلست لبنان مستعدة لإحراقه من دون أن تتراجع عن السلطة ما يستدعي التشاؤم جراء اندلاع العنف كبديل عن الخيار السلمي بعد عام من الانتفاضة الشعبية.
لم يتغيرالواقع المأزوم جراء تحايل أطراف على مطالب الشارع الواضحة بالتنحي منذ 17 تشرين الاول عندما انفجرالشارع بوجه الجميع و طرح شعار “كلن يعني كلن”، لم تجراحزاب السلطة، ان جاز التعبير، مراجعة نقدية كما لم تبذل جهدا لاستيعاب المتغيرات العميقة التي ضربت المزاج الشعبي بل تحايلت على الواقع وراهنت على الوقت.
أهدرت السلطة سنة من عمر اللبنانيين في محاولة الترقيع فيما المطلوب تغيير جذري يطال هيكلة دولة عصرية كما ارادها فؤاد شهاب منذ 50 عاما، لكن السلطة على عنادها والشعب على غضبه، حيث لا يمكن وصف العام المنصرم الا بأنه المرحلة الأشد خرابا و قهرا، حيث نزلت المصائب والنوائب فوق رؤوس اللبنانيين فلم يبق مرفأ أو جبال خضراء أو مساكن آمنة او دواء بما يمكن تلخيصها بعبارة الرئيس عون الشهيرة “جهنم الحمرا”.
في هذا الإطار، ثمة إشارات على موجات عنف تلوح في الافق. فما عاد الحشد الشعبي او قطع الطرقات هدف مكونات الثورة الشعبية بعد حال من التعب والاستنزاف من دون أن تحقق التحركات الاحتجاجية غرضها، لذلك يبدو الاتجاه وفق المداولات الحاصلة راهنا تخطي شعار السلمية طالما ان السلطة لم تتورع بدفع الجيش والقوى الأمنية بوجه المتظاهرين لسحقهم، وطالما ان السلطة استخدمت الأجهزة الأمنية والقضاء لملاحقة المتظاهرين السلميين.
يتحفظ قادة المجموعات عن شكل التحركات الاحتجاجية مع التلميح إلى انها أكثر جراءة وعنفا لافهام السلطة بأن زمن التهرب من المحاسبة الشعبية ولى، خصوصا مع تزامن الذكرى السنوية الأولى للثورة مع موعد الاستشارات النيابية لتشكيل حكومة، فيما القاصي والداني يعلم بأن السلطة الحالية لا تملك ترف الوقت الكافي ولا كثرة الخيارات جراء ضغوط خارجية غير مسبوقة.
بل ويشير قادة في الحراك إلى فشل الرهان على سحق ثورة 17 عبر العنف من جهة وتمييع المطالب من الجهة الاخرى، وسط تأكيد بأن الوقائع القادمة ستثبت صحة ذلك، ولعل اكثرما يستوقف هؤلاء العنجهية التي يتعامل بها حكام لبنان مع شعبهم مقابل خنوعهم وانبطاحهم أمام الخارج، فما كان مستحيلا منذ مدة أصبح متاحا وقابلا للنقاش، وما ترسيم الحدود مع العدو الاسرائيلي سوى عينة بسيطة.
أحقية المطالب لا يعفي الحراك من الاعتراف بوجود ثغرات استفادت منها أطراف السلطة، حيث يفيد اكثر من قطب في حراك 17 تشرين عن ارتكاب بعض الهفوات او الأخطاء طوال السنة الماضية ادت إلى التراجع في زخم التحركات، لكن التعويض أتى من المقلب الآخر، حيث لم تبدل السلطة الحاكمة من سلوكها الاستفزازي وحيث لم يتحسن أداء الدولة التي ينخرها الفساد والتبعية “كل وعودهم بالاصلاح كاذبة و سئمنا معزوفة إلقاء كل طرف المسؤولية على الآخر فيما جمعيهم شركاء بالجرم”.