تحقيقات - ملفات

هل ينجح “رجل المهمات” في واشنطن؟

كتب أمين القصيفي…

المنطقة في خضم مخاض مفتوح على رسم معالم الأدوار وحدود النفوذ الجديدة لسنوات مقبلة، بين مختلف اللاعبين الدوليين والإقليميين. والجميع يحاول تجميع الأوراق وتحسين شروط جلوسه على طاولة رسم خرائط المرحلة المقبلة، السياسية والميدانية، مع تسجيل أرجحية موصوفة للولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترمب بطبيعة الحال.

مصادر سياسية متابعة، تعتبر، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “إن صح ما تردد عن زيارة سيقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى العراق، وتسبق زيارته إلى واشنطن منتصف الشهر الحالي، فهي لن تكون بعيدة عما يُحضَّر من تفاهمات، خصوصاً أن زيارته إلى العاصمة الأميركية، في حال تمت، ستكون بالتزامن مع بدء المفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في هذا الموعد، كما يروَّج”.

وتشير، إلى أن “ترمب نجح في إقامة اتفاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بينها . والجميع يلاحظ المسافة التي يأخذها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي عن إيران، والدور اللافت الذي يلعبه في تحجيم أدوار الجماعات المسلحة الموالية لها، لغاية الآن. ولا يغيب عن أحد مدى التشابه في الوضعين العراقي واللبناني من زوايا عدة، أبرزها الحضور القوي لإيران في هاتين الساحتين، اللتين شكّلتا على مدى السنوات الأخيرة رئة مهمة يتنفس منها النظام الإيراني لمواجهة الحصار والالتفاف على العقوبات، في سياق الصراع القائم مع الولايات المتحدة”.

وتلفت المصادر ذاتها، إلى أن “اللواء إبراهيم لطالما لعب أدواراً بارزة في محطات عدة، يغلب عليها التأزم والأفاق المسدودة، إلى حد وصفه بـ(رجل المهمات المستحيلة). من هنا، ليس غريباً إمكان زيارته إلى العاصمتين العراقية والأميركية، علماً أنها ستكون بارزة في هذه اللحظة، وسط الجمود القاتل على صعيد الاستحقاق الحكومي بعد إسقاط مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نسختها الأولى، مع جدار الصد الذي أقامه الثنائي الشيعي في وجهها، ما أدى إلى اعتذار السفير مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة، ومراوحة الوضع في جمود وشلل قاتلين وسط الانهيارات المتناسلة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وصحياً”.

وتضيف المصادر السياسية، القريبة من كواليس جولة إبراهيم المحتملة، أن “المدير العام للأمن العام ما كان ليتحرك في هذه اللحظة، لو لم يكن هناك شيء ما على درجة من الأهمية أو الخطورة يتم التحضير له. وتحركه ليس بمبادرة ذاتية بطبيعة الحال، بل سيكون بتكليف من السلطة الحاكمة المشلولة والعاجزة والمختلفة على كل شيء، لكنها تتفق على إبراهيم كنقطة تقاطع لتكليفه بمهمات وأدوار، لكونه شخصية مقبولة من أطراف خارجية مختلفة”.

 

وتعتبر، أنه “إن كانت التفاهمات والاتفاقات المتسارعة في المنطقة وانعكاسها على الأوضاع اللبنانية الكارثية، بالإضافة إلى ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل، من ضمن محادثاته المتوقعة في أميركا، لكن إعلان واشنطن، بعد ساعات، عن التحضير لحزمة عقوبات جديدة على  وحلفائه والمتعاونين معه، قد يكون المحطة الأهم في زيارة إبراهيم. علماً أن وفوداً رسمية تحظى بتغطية ودعم مرجعيات أساسية في البلد، فشلت في السابق في زحزحة واشنطن قيد أنملة عن مسار العقوبات القاسية”.

وبالاستناد إلى ذلك، تطرح المصادر “علامات استفهام حول نجاح إبراهيم في مهمته، إن حصلت، بوقف العقوبات على حزب الله وحلفائه، وسائر أطراف السلطة الحاكمة المتهمة بالفساد والتسبب بالانهيار الحاصل في لبنان، وبلوغه هذا الدرك من التعفن على مستوى سائر إدارات ومؤسسات الدولة، من دون أن تنفي “تمكنه من إحداث خرق ما على مستوى تأجيل بعض العقوبات، لكن بالتأكيد ليس إلغائها”.

وتشدد، على أن “الصراع الأميركي الإيراني أكبر من اللواء إبراهيم، بل أكبر من لبنان كله. فواشنطن تخوض حرباً لا هوادة فيها ضد إيران لتحجيمها وتقليم أظافرها وقصقصة أجنحتها وأذرعها الممتدة في المنطقة، وفي مقدمتها حزب الله. وتعتبر إيران راعية للإرهاب، وتصنِّف حزب الله إرهابياً”.

وتشير، إلى أن “إدارة ترمب مقتنعة بأن سياسة العقوبات على إيران وحلفائها تؤتي ثمارها، إذ أنهكتها وجعلت اقتصادها في الحضيض وسط انهيار الريال إلى مستويات تاريخية. كما أدت إلى تراجع دورها من العراق مروراً بسوريا وصولاً إلى لبنان، حيث تراجعت إلى موقع قوة التعطيل أو الاعتراض بعدما كانت قوة فرض وتحكم مطلقة”.

وتشكك المصادر عينها، في أن “يكون لإعلان اتفاق الإطار بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود بينهما، أي انعكاسات على تليين موقف واشنطن لناحية العقوبات، بما يسهِّل مهمة اللواء إبراهيم. ومن عدم النباهة، رهان بعض حلفاء إيران على ذلك”.

وتلفت، إلى أن “الإدارة الأميركية تعتبر أن تراجع حلفاء إيران عن مواقفهم المتشددة وانتقالهم من شعارات (الموت لإسرائيل، وإزالة إسرائيل من الوجود في 7 دقائق، وهزيمة مشروع الشيطان الأكبر الأميركي في المنطقة)، إلى القبول بإقامة اتفاقات مع إسرائيل الغاصبة والعمل لإقامة حدود نهائية معها بوساطة وضمانة أميركية، لم يكن نتيجة صحوة المحور الإيراني أو اقتناع طهران، وحلفائها، بضرورة الالتزام بالقوانين الدولية والتصرف كدولة طبيعية ضمن المجتمع الدولي، بل بفضل سياسة الضغط والعقوبات على هذا المحور الذي أثبتت التجارب انه لا يفهم إلا بهذه اللغة، من وجهة نظرها”.​

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى