بعد إدراجها حرس الثورة على قائمة الإرهاب.. ما سر عداء كندا لإيران؟
في عام 1979 وبعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، سارعت كندا إلى سحب مئات العاملين والمواطنين الكنديين من ايران، بدون ان يكون هناك سبب يقتضي ذلك، فالعلاقات الدبلوماسية كانت طبيعية بين البلدين، الا ان كندا أرادت من خلال هذا الإجراء اظهار الاوضاع في ايران على انها غير مستقرة وغير امنة. ولم تكتف كندا بهذا الاجراء الاستفزازي، بل قامت أيضا بتهريب عدد من الجواسيس الأمريكيين العاملين في وكر التجسس الامريكي في طهران، الى خارج ايران، عبر التنسيق مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، باستخدام جوازات سفر كندية بتأشيرات إيرانية مزورة، ولم يمر وقتا طويلا على فعلتها هذه، حتى اقدمت على اغلاق سفارتها في طهران عام 1980.
كما أغلقت سفارتها دون سبب وجيه، وافقت كندا بدون سبب ايضا على فتح سفارتها في طهران عام 1988، وتم استئناف العلاقات الدبلوماسية مرة اخرى بين البلدين. ولكن مع هذا بقيت كندا أسيرة الثلاثي الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، حيث استخدم هذا الثلاثي كندا كورقة ضغط ضد إيران، فظلت تكرر ما يلقنها الثلاثي المذكور، ضد ايران بمناسبة أو بدونها ، خاصة عن البرنامج النووي الايراني السلمي، والهولوكوست، وعملية التسوية، وحرية التعبير، وحقوق الإنسان ،ومعاملة النساء وأتباع الديانة اليهودية، والبهائيين، بل حتى تدخلت في النظام القضائي الايراني واتهمته بعدم الاستقلالية.
رغم كل ذلك تعاملت إيران بمسؤولية وحكمة مع “ورقة الضغط” الامريكية البريطانية الاسرائيلية، المسماة كندا، الا انها كانت تحذرها بين وقت وآخر من تغلغل اللوبيات الصهيونية في مراكز القرار فيها، والتأثير السلبي لهذا التغلغل على العلاقة مع إيران، وكذلك التأثير السلبي الامريكي والبريطاني على هذه السياسية، ولكن دون جدوى، ففي عام 2012 قطعت كندا علاقاتها مع ايران وأغلقت سفارتها في طهران، بذريعة أن ايران “تشكل أكبر خطر على السلام والأمن العالمي اليوم”. وانها تدعم الحكومة السورية ضد التكفيريين ومرتزقة امريكا والغرب واسرائيل وبعض الانظمة العربية، وكذلك بسبب خطابها المناهض ل”إسرائيل” وانتهاكات حقوق الإنسان، ولم تنس التذكير بالملف النووي الايراني السلمي، كما بررت قرارها باحتجاج مجموعة من الطلبة الإيرانيين ضد السفارة البريطانية، وهو احتجاج اعتبرته كندا، بأنه يجعل الدبلوماسيين الغربيين يشعرون بعدم الأمان في طهران!!.
اليوم ونحن في عام 2024 وتحديدا في 19 من شهر حزيران الحالي، أدرجت كندا حرس الثورة الإسلامية على قائمة المنظمات الإرهابية، داعية مواطنيها إلى مغادرة إيران!!. وبرر وزير الأمن العام الكندي دومينيك لوبلان، قرار بلاده هذا بالقول أن إيران “أثبتت ازدرائها بحقوق الإنسان، وأظهرت نية لزعزعة استقرار النظام الدولي”!!، و”قد يجري التحقيق مع كبار المسؤولين الحكوميين الإيرانيين الحاليين والسابقين الموجودين في كندا وإبعادهم”!!.
من الواضح أن القرار الكندي، كتب بأيدي الثلاثي المشؤوم أمريكا وبريطانيا والكيان الاسرائيلي، فهو يأتي في ظرف في غاية الحساسية والخطورة بالنسبة لهذا الثلاثي، فالكيان الاسرائيلي مطارد من قبل العدالة الدولية، المتمثلة بمحكمة العدل الدولية، لارتكابه ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك مطارد من قبل المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت، لدورهما في تجويع أهالي غزة، والمطارد ايضا من الرأي العام العالمي وخاصة الغربي، والذي تجسد في التظاهرات التي اجتاحت أغلب مدن اوروبا وامريكا، وكذلك مطارد من قبل منظمة الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، لرفضه وقف مجازره التي لم يسبق لها مثيل في العالم، منذ الحرب العالمية الثانية، فقد قتل اصدقاء كندا، الرافعة زورا لواء الدفاع عن الانسان وحقوقه، خلال 9 أشهر فقط ، 38 ألف فلسطيني، وأكثر من 10 الاف اخرين مازالوا مدفونين تحت الأنقاض، واصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني إصابات العديد منهم حرجة، ومنهم من بترت اعضاؤه، واغلب هؤلاء الضحايا من الاطفال والنساء، بشهادة تقارير اممية، بينما تم تهجير أكثر من مليوني إنسان، بعد أن تم تسوية 70 الى 80 بالمائة من غزة بالأرض.
ان “طوفان الأقصى”، لم يأت على اسطورة “الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر” فحسب، بل أخذ معه ورقة التوت التي كانت تغطي عورة الغرب الاستعماري الاستعلائي العنصري الإرهابي. فإن كندا وشعاراتها عن حقوق الانسان والحيوان والأقليات وحرية التعبير، ازاء ما يجري من ابادة تدمي القلوب في غزة؟، الم تسمع الحكومة الكندية بالتهديدات العنصرية للصهاينة بقتل حتى الأطفال والنساء في فلسطين وخاصة في غزة؟، اذا لم تسمع ذلك، ألم تر تلك الفجائع من على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي؟
الم تسمع بخطة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ، التي كشف عنها تسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، لطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة؟، ألم تر اتاوا العوراء الفعل الشنيع ، لنسخة “داعش” الاصلية”، عندما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتنكيل بشاب فلسطيني جريح خلال اعتقالها إياه من حي الجابريات في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة. حيث ربطته على مقدمة سيارة عسكرية ، وهي تجوب به طرقات الحي الذي تقتحمه قوات الاحتلال منذ ساعات الصباح الأولى اليوم السبت؟، الم تحرك كل هذه الفجائع المسجلة بالصوت والصورة، المشاعر الرقيقة للحكومة الكندية؟!.
الكارثة، ان الغرب المتشدق بالديمقراطية، وبعد 9 أشهر من العار الذي ألم به، بسبب مشاركته في قتل الفلسطينيين، نراه اليوم، يعلن وبكل وقاحة، عن استعداده، دعم “إسرائيل” في حال أرادت تكرار فجائع غزة في لبنان، فقد ذكرت شبكة سي ان ان الامريكية، ان مسؤولين أميركيين، طمأنوا وفدا من “كبار المسؤولين الإسرائيليين بأن إدارة الرئيس جو بايدن مستعدة لدعم إسرائيل إذا اندلعت حرب شاملة بينها وبين حزب الله”!!. وهو ما يعني ايضا ان ذنب امريكا، كندا، ستقف الى جانب “اسرائيل”، في حال اعتدت على لبنان.
لم يعد خافيا على احد، ان اي اجراء تتخذه كندا، ازاء ايران، هو إجراء “اسرائيلي” بامتياز، مدفوع بتشجيع أمريكي بريطاني، والإجراء الأخير جاء على خلفية الهزائم والانكسارات و الإخفاقات والفضائح، التي يعاني منها هذا الثلاثي منذ 9 اشهر، وهو يعلم ان هذه الهزائم سببها الاول والاخير، وجود محور المقاومة الذي تقوده إيران، وهو المحور الذي حال دون الاستفراد بغزة، وتصفية القضية الفلسطينية، وترك الكيان الاسرائيلي، يعيث فسادا في المنطقة دون حسيب أو رقيب، فكندا تعرف ، كما تعرف امريكا وبريطانيا، إذا كان هناك من ارهابي في المنطقة والعالم، فهذا الارهابي ليس سوى الاسرائيلي، وكل من يدعمه، ومن يطلق يديه ليقتل ويدمر، ومن يغطي على جرائمه، ويشيطن، كل من يقف في وجهه.
*أحمد محمد
المصدر
الكاتب:
الموقع : www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-06-23 01:06:07
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي