موضوعات وتقارير

لا اخفاق عسكري او تقني لحزب الله .. المهاجم على الحدود ..

تتوقف الاوساط الشعبية والسياسية والاعلامية وحتى العسكرية ، عند تساؤلات متعلقة بنقاط محدد لما يجري على جبهة جنوب لبنان مع العدو ..
ليس لكلية المعركة العسكرية هناك ، بل ما له صلة بتحول وتبدل الاشتباك هناك ، خصوصا ما يتعلق بارتفاع عدد الشهداء للحزب بشكل يومي ، واسباب ذلك التي لا يجد احداً اجابة لها وفق التحليل الذاتي والشخصي لكل جهة او فرد ..
لكن اذا اردنا الاحاطة بشكل مهني بعيداً عن العاطفة وابتداع اسباب لا وجود لها، واخذنا بالمعطيات الراهنة والثابتة يمكن لنا ان نصل لتصور واقعي حول هذه التساؤلات ، وهذا لا يحتاج الى خبرة عسكرية اكاديمية او فعلية ، ولا لمصدر معلومات من جبهات القتال ..
اولا قام ح زب الله بشن هجوم تدريجي على العدو بدأ على مواقع محددة ومن ثم توسع الى اخرى ، استخدم اسلحة معينة لذلك معروفة لدى الجميع ، كما الاهداف التي يشن هجمات عليها بهذه المواقع ، حتى ان مساحة الاشتباك باتت معروفة للجميع بل اكثر من ذلك نقاط انطلاق الهجوم الفعلية والمحتملة ..
حقق من خلال ذلك نسبة عالية من الاهداف التي وضعها لهذه الهجمات، ابقى العدو لمدة اسبوعين بحالة دفاع خلف تحصيناته بعد ان اجهز لنسبة ليست بصغيرة على ابراج مراقبته واتصالاته ..
العدو المقابل انتقل بالايام الاخيرة من حالة الدفاع الى الهجوم الاستباقي مستخدماً سلاح المسيرات والطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة ، قام ايضاً بعمليات تحصين اكبر لمواقع يهاجمها الحزب واخرى متوقع ان يهاجمها ..
بالمقابل لم يغير الحزب باستراتيجية هجماته مع العدو رغم ان الاخير قام بذلك على نحو كبير ، !!؟
لان الحزب يعمل وفق خطة عسكرية شاملة تعتمد على المراحل والاهداف المحددة ، ولن يستدرج الى قاعدة اشتباك يريدها العدو بهذا التوقيت وهي تسمى (بحرق المراحل )
واستكشاف مبكر لتدخل الحزب بالحرب الدائرة بفلسطين ، بل يريد الحزب ان يبقي ذلك بيده لكي يعمي العدو عن اي استباق لمرحلة اخرى من الاشتباك بشكلها ونوعها وتداعياتها ..
هذا الامر عسكرياً يعي الحزب انه صعب جداً ومعقد وله اثمان بشرية ، لكنه استرتيجياً له مكاسب جمة بالنصر وتحقيق الاهداف ، وهو ما يحول الخسائر البشرية الى انجازات عسكرية بالانتصار وتحقيق الاهداف ..
اما فيما خص الجانب التقني حول المعركة ، بات واضحاً لدى العدو استخدامه المفرط للمسيرات التي تعمل بشكل دقيق وفاعل ضد اهداف للحزب ،
الذي لم يدخل حتى الان اي عمل دفاع جوي لتأمين منطقة عملياته ، وهذا ايضا يضاف الى سياسية عدم استعجال حرق المراحل مع العدو كما يرغب ، الامر الاخر هناك تطور نوعي لهذه الطائرات يبدو ان العدو عمل على مدى سنوات بتحديثها وتطوريها على نحو جعلها اكثر دقة ورصد واستشعار لاي هدف ثابت او متحرك ..
بالمقابل وهذا هو الاهم بالنسبة لنا جبهة ال م ق اومة ومقاتليها ، وبهذا الصدد لا جديد يذكر بالعمل العسكري التقني الذي يستخدمه الحزب منذ بدء الاشتباك ،
لكن ما يجب ذكره هو التذكير والاحاطة بشيء محدد يتعلق بالجهة التي تبادر عادة للهجوم العسكري لا الدفاع ..
حتى الساعة سقط ٤٢ شهيد للحزب ؟ مقارنة بحرب تموز سقط ١٨٠ شهيد ؟ هل هي مقارنة واقعية ، بالتأكيد لا ، لا وجود لذلك ، اليوم يخوض الحزب اشتباك هجومي بمنطقة عمليات تشكل ٥٪؜ من مساحة منطقة عمليات حرب تموز التي كان يأخذ فيها وضعية الدفاع لا الهجوم ..
اليوم الحزب يهاجم من مناطق مكشوفة للعدو المحصن ولديه الغطاء الجوي الكامل والفاعل والاقوى بالعالم ،
بحرب تموز العدو كان يهاجم وهو مكشوف لمجموعات الحزب التي تتصدى له..
اما الجانب الاخر من ما هو متعارف عليه بالخسائر البشرية المحتملة للجهة المهاجمة ، نذكر بمحطة هجوم القصير الذي قام الحزب بشنه عام ٢٠١٣ وفي يوم واحد سقط له ٤٠ شهيد وعشرات الجرحى بمواجهة مقاتلين لديهم نفس الفكر الوحشي مع العدو لكن الاخير متفوق عليهم بالقدرات والتدريب والسلاح ويملك اعتى سلاح جو يملك تقنيات دقيقة بكشف الاهداف واصابتها اصابة دقيقة ومحكمة ..
التذكير بهذه المحطة له علاقة بما يعرف بالعلم العسكري ، مرحلة الاستكشاف الميداني للجهة المهاجمة والتي غالباً ما تتعرض بالمرحلة الاولى من الاستكشاف لخسائر بشرية كبيرة وان ترافق ذلك مع قصف تمهيدي عنيف وواسع قبل بدء هجومها ..
بعيداً عن العاطفة وكل ما يتصل بذلك ، ووفق القواعد المهنية ، لا اجد اي اخفاق عسكري او تقني من الحزب تسبب بارتفاع عدد الشهداء ، خصوصاً وانه لا يزال يعمل بقاعدة اشتباك هجومية محددة النسق نمطاً وسلاحاً منذ بدء هجماته على العدو وحتى كتابة هذه السطور …

عباس المعلم / كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى