ٍَالرئيسية

الرياض وبكين… مصالح متبادلة قوية ومتنامية

شفقنا-عقد مؤتمر التجارة العربية الصينية مؤخرا في الرياض وسط ظروف تنظر المملكة العربية السعودية إلى الصين كشريك رئيسي في العالم متعدد الأقطاب، ومن المتوقع أن يقترب البلدان من بعضهما البعض بسبب نمو المصالح المشتركة. وهذا يدل على نوع النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي ظهر على ارض الواقع. ان العالم متعدد الأقطاب في هذا السياق يعني نظاما عالميا لا يهيمن عليه الغرب ولا يعرف بأنه صراع بين قوتين عظميين، كما حدث خلال الحرب الباردة.

ويرى المسئولون في السعودية أن المملكة جزء مهم من هذا العالم متعدد الأقطاب، والتي لعبت دورا مهما في تنمية اقتصادها والمنطقة بشكل عام وإفريقيا وآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية، كما ترى بأن التعاون الاقتصادي بين الصين والمملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية بأسرها سيكون جزءا مهما من هذا العالم.

في فترة ما بعد الحرب الباردة، تم الاعتراف بالولايات المتحدة كقوة بارزة في العالم وأقوى قوة على وجه الأرض اقتصاديا وعسكريا وجيوسياسيا. أدى صعود الصين ودول البريكس (الأسواق الناشئة مثل البرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا)، وكذلك الغضب في أجزاء كثيرة من العالم بسبب الحروب التي تقودها الولايات المتحدة وحملات العقوبات، إلى زيادة الدعوات لنظام عالمي يتم توزيع القوة بين مختلف البلدان.

هذا وتعتبر المملكة العربية السعودية نفسها جزءا من هذا العالم متعدد الأقطاب وذلك من خلال موازنة علاقاتها الودية مع الصين والولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الرياض لاعبا عالميا أكثر نشاطا، حيث استخدمت قوتها المالية النفطية لزيادة التجارة والاستثمار الدوليين واكتساب النفوذ في جميع أنحاء العالم.

في هذا الصدد، فإن هناك الكثير من الفرص أتيحت للشركات الصينية والشركات السعودية للاستثمار في دول ثالثة على الصعيد الدولي بطرق تعزز تنمية البلدان النامية الأخرى.

يعتقد المسئولون السعوديون أن المؤتمر التجاري العربي الصيني يظهر اتجاها متناميا نحو التعاون والشراكة بين بلدان الجنوب، حيث أن منطقة الجنوب لديها الآن العديد من مراكز التميز في التكنولوجيا ورأس المال، ولم تعد تعتمد على الشمال المتقدم كما كان الأمر في النظام العالمي السابق.

غالبا ما يتم تلخيص العلاقة التي استمرت أكثر من 80 عاما بين الرياض وواشنطن في شكل علاقة النفط مقابل الأمن. للولايات المتحدة وجود عسكري في المملكة العربية السعودية، وتبيع أسلحة متطورة إليها وتوفر التدريب والعمليات المشتركة من خلال الجيش السعودي. لكن العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية توترت في السنوات الأخيرة، ذلك ان إدارة بايدن انتقدت المملكة لانتهاكها حقوق الإنسان وحاولت التأثير على حجم إنتاج النفط، لكن دون جدوى.

وفي الوقت نفسه، ان الصين أحرزت تقدما لسنوات كشريك تجاري رئيس للمملكة العربية السعودية لا سيما اقتصاديا كما تعد أكبر مشتر لنفطها. بطبيعة الحال، علاقات الرياض مع بكين عملية واقتصادية أكثر منها إستراتيجية. هذا يعني أن الصين ربما لن تحل محل دور الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية في وقت قريب.

ومع ذلك، اشترت المملكة العربية السعودية المزيد من الأسلحة الصينية في السنوات الأخيرة؛ خاصة أسلحة مثل الطائرات بدون طيار الفتاكة، التي كانت واشنطن مترددة في بيعها لحليفها في الخليج. كما تشهد عمليات نقل التكنولوجيا ومشاريع البنية التحتية الصينية نموا في المملكة حيث يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تنويع تحالفات بلاده وجعلها أكثر استقلالية.

زار الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة العربية السعودية في ديسمبر، ووقع البلدان اتفاقية شراكة إستراتيجية وصفتها وزارة الخارجية الصينية في ذلك الوقت بأنها “علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية العربية”.

خلق التوازن بين الصين وأمريكا

ما يحظى بأهمية هو تحول كبير من علاقة تجارية إلى علاقة استثمارية كبيرة بين بكين والرياض. تستثمر المملكة العربية السعودية حاليا بشكل كبير في تكرير النفط والبتروكيماويات الصينية، كما تم إجراء استثمارات أخرى في مجال التكنولوجيا من قبل صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية وشركات القطاع الخاص الأخرى. 

من ناحية أخرى، فإن اللافت في المؤتمر العربي الصيني هو أن هذا الاجتماع عقد بعد أيام قليلة فقط من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الرياض. بينما يعتقد بعض المحللين أن علاقة السعودية المتنامية بالصين تشكل تهديدا للولايات المتحدة. المملكة العربية السعودية شريك لجميع الاقتصادات الكبرى على مستوى العالم، والصين بالتأكيد واحدة من الدول البارزة في هذا المجال.

ومع ذلك، يقول بعض الخبراء إن للسعودية علاقة استثنائية مع الولايات المتحدة، وأن هذه القضية كانت جزءا من العلاقات الدولية للبلاد منذ إنشاء المملكة العربية السعودية الحديثة، وتمت البرهنة على هذا الأمر خلال زيارة الرئيس بايدن العام الماضي.

ويذهبون إلى أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر مستثمر أجنبي للمملكة، في حين أن علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة والصين ليست حصرية؛ هذا يعني أنه لن يكون هناك انقطاع في العلاقات مع كل منهم. لكن من المؤكد أن ما يحدد الإستراتيجية السعودية هو المصالح الوطنية للبلاد القوية والمتزايدة مع الصين.

المصدر: بازار

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-06-24 20:16:08
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى