ٍَالرئيسية

الانتخابات التركيةالبرلمانية لاتقل أهمية عن الرئاسية

شفقنا- على الرغم من أن الأنظار تركّز على المنافسة الرئاسية في الانتخابات التي تشهدها تركيا اليوم الاحد ، إلا أن الصراع على البرلمان لا يقل أهمية، خصوصاً بين التحالف الجمهوري الحاكم وتحالف الشعب المعارض، في مسعى للحصول على أكبر عدد من مقاعد البرلمان البالغ عددها 600 مقعد، للوصول إلى أغلبية تريح الرئيس المنتخب.

وتشكّل الانتخابات البرلمانية محطة مهمة في تحديد مسار الحكم في البلاد، فعلى الرغم من انتقال تركيا الى النظام الرئاسي في عام 2018، إلا أن صلاحيات كبيرة بقيت في يد البرلمان، وهو ما يعني أن عمل الرئيس قد يتعرقل في حال لم يحصل تحالفه على الأكثرية البرلمانية.

وشهدت تركيا استفتاء على تعديلات دستورية في 2017 أقرّت النظام الرئاسي، ورفعت عدد نواب البرلمان إلى 600 بعد أن كان 550. وتتكون الدوائر الانتخابية من 87 دائرة، تشمل 81 ولاية تركية، علماً أن بعض الولايات مكونة من أكثر من دائرة، مثل إسطنبول؛ وفيها 3 دوائر، وأنقرة وإزمير وبورصة وفي كل منها دائرتان.

وتسمح الانتخابات البرلمانية التي تجرى وفق قانون الانتخاب الذي تم تشريعه في 2022، بإجراء تحالفات، وبدخول الأحزاب المتحالفة البرلمان بحسب النسبة التي تحصل عليها من الأصوات، ما يعني صعوبة أن تدخل الأحزاب الصغيرة البرلمان، فيما تبلغ العتبة البرلمانية 7 في المائة التي تتيح تشكيل كتلة برلمانية والحصول على دعم خزينة الدولة. ويتنافس في الانتخابات البرلمانية الحالية 24 حزباً، تشمل 5 تحالفات، و151 مرشحاً مستقلاً.

صلاحيات مهمة للبرلمان التركي

وعلى الرغم من أن النظام الرئاسي أعطى الرئيس صلاحيات مهمة، مثل عدم الحاجة للحصول على موافقة البرلمان في تشكيل الحكومة، إلا أن للبرلمان صلاحيات عديدة قد تعرقل عمل الرئيس، منها الذهاب للانتخابات المبكرة، ورفض المراسيم الرئاسية الصادرة من الرئيس. وتدافع المعارضة عن النظام البرلماني المعزز، وتدعو لاعتماده لتكون مقاليد الأمور بيد البرلمان، ومنها الموافقة على تشكيل الحكومة، ورفع الثقة عنها ومحاسبتها، وأن تكون السلطة التنفيذية بيد رئيس الوزراء.

وبعد التحوّل إلى النظام الرئاسي في عام 2018، وجّهت المعارضة اتهامات للرئيس رجب طيب أردوغان بسعيه من خلال الدفع لإقرار هذا النظام لتركيز السلطات في يد الرئيس وتهميش دور البرلمان، واعدة بالعودة إلى النظام البرلماني في حال فوزها. حتى إن زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر، تطمح لأن تكون رئيسة الوزراء في النظام البرلماني في حال تمكنت المعارضة من الفوز في الانتخابات اليوم الأحد وأعادت العمل بهذا النظام.

ويتمتع البرلمان راهناً بصلاحيات كثيرة، خصوصاً في الأمور الحساسة والمهمة التي تتطلب أغلبية الثلثين. فعلى سبيل المثال لا يمكن إجراء تعديلات دستورية في البلاد بدون حصولها على أغلبية الثلثين في البرلمان، أي 400 عضو، وهو ما لم يحققه التحالف الجمهوري الحاكم في البرلمان المنتهية ولايته عندما حاول تشريع مسألة حماية حق الحجاب والعائلة. أما التعديلات الدستورية للذهاب إلى الاستفتاء فتحتاج لموافقة 360 نائباً، وهو أيضاً ما لم يكن متوفراً لدى التحالف الجمهوري الحاكم.

وهناك قرارات أخرى تحتاج للأغلبية، مثل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وهي تتطلّب موافقة 360 عضواً، وفشلت المعارضة في الوصول إلى هذا الرقم في البرلمان السابق، على الرغم من مطالبتها بإجراء الانتخابات المبكرة.

كذلك فإن البرلمان التركي مكلف بالموافقة على القرارات والمراسيم الرئاسية الصادرة من الرئيس، التي تحتاج إلى موافقة الأغلبية من الحضور في جلسات البرلمان. وفي حال لم يتمكن الرئيس المنتخب من الحصول على الأغلبية البرلمانية المريحة له، فقد تكون هذه القرارات عرضة للسقوط في البرلمان، ومثال ذلك صدور قرار فرض حالة الطوارئ في مناطق الزلازل، الذي صدر من الرئيس رجب طيب اردوغان وأقرّ من قبل البرلمان.

كما أن جميع المذكرات الرئاسية بحاجة إلى موافقة أغلبية البرلمان، منها رفع الحصانة عن النواب، أو مذكرات تمديد مهام القوات المسلحة خارج الحدود. وعندما طالب أردوغان بتمديد المذكرة المتعلقة بعمل القوات التركية في ليبيا، عارض حزب الشعب الجمهوري، ولكنها مرّت بموافقة الأغلبية.

كل ذلك يؤكد أهمية دور البرلمان وضرورة حصول الرئيس على الأغلبية البرلمانية التي تسمح له بتنفيذ أجندته، ولكن المعارضة ترى أن آليات الرقابة في البرلمان أضعف من السابق، إذ كان يمكن محاسبة الحكومة وإسقاطها، فيما في النظام الحالي لا يحتاج الرئيس إلى موافقة البرلمان من أجل تشكيل الحكومة، وبالتالي لا يمكن للبرلمان إسقاط الحكومة.

أحزاب كثيرة تدخل السباق

وخلال السباق الانتخابي الحالي، عملت الأحزاب على احتساب كافة الأصوات التي يمكن الحصول عليها، ولهذا طورت المعارضة نموذجاً للتعاون، فحزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد توافقا في 16 ولاية على تبادل الأدوار بقيادة الانتخابات هناك، ووضع الأسماء في قائمة واحدة من الحزبين على أن يتصدرها الحزب الأوفر حظاً في كل ولاية.

مقابل ذلك، دخلت أحزاب صغيرة ضمن قوائم أحزاب كبيرة، كما فعل حزب هدى بار الكردي بدخوله ضمن قوائم حزب العدالة والتنمية، وكذلك فعل حزب اليسار الديمقراطي. مقابل ذلك دخلت أحزاب دواء، والسعادة، والديمقراطي، والمستقبل ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري، ما يعني تشكل البرلمان المقبل من أحزاب كثيرة.

وعن أهمية دور البرلمان في الحياة السياسية التركية، لفت الصحافي التركي إلياس كلج أصلان، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن توزّع النواب سيشكّل أمراً حاسماً للرئيس الذي سيفوز في الانتخابات. وأوضح أنه إذا استمر الرئيس أردوغان في الحكم وتمكن التحالف الجمهوري من الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية، فسيستمر وضع البرلمان كما كان قبل الانتخابات، كهيئة تنفيذية قوية للغاية وملتزمة تماماً من دون أي نزاع.

ولكنه أضاف أنه في حال فاز أردوغان وفَقَد التحالف الجمهوري أغلبيته البرلمانية، فهناك خطر أن تعرقل المعارضة المراسيم الرئاسية بعدم الموافقة عليها، والأمر نفسه ينطبق في حال العكس، بمعنى إن فاز مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو، فيما حاز التحالف الجمهوري على الأغلبية في البرلمان، فسوف يتسبب ذلك في مشكلات للسلطة التنفيذية، مشدداً على أن من يفوز بالرئاسة والبرلمان معاً يمكنه العمل بشكل مريح.

ولفت إلى أنه في بعض الحالات تكون لرئاسة المجلس واجبات حاسمة مثل الاجتماع العام، والدعوة إلى اجتماع طارئ، وسلطة التصويت لرفع الحصانة ومقاضاة النواب، موضحاً أنه “عندما تعمل هذه السلطات جنباً إلى جنب مع الرئيس، فهي تعمل بسلاسة متناهية، ولكن إذا كانت تأتي من أحزاب مختلفة، فسيكون لرئيس المجلس تأثير على النزاعات السياسية بحسب سيطرة الأحزاب على البرلمان”.

وتوقع أصلان أن يكون البرلمان الجديد متعدد الأحزاب والألوان، “أي سيكون هناك 9 إلى 10 أحزاب في البرلمان، ويمكن للأحزاب الصغيرة أن تغيّر مواقفها لتحقيق مكسب سياسي أو لتسجيل موقف ما، ولا يمكن التنبؤ بشكل قاطع بما سيحصل”.

وحول توقعاته للانتخابات البرلمانية، قال “ربما يفقد التحالف الجمهوري أغلبيته البرلمانية، إذ يسود مفهوم أن أردوغان جيد لكن الذين حوله سيئون، وهذا المفهوم سيقلل من الأصوات التي يحصل عليها حزب العدالة والتنمية، لكن استطلاعات الرأي لا تقول ذلك”. وأضاف أن “التحالف الجمهوري قد يحافظ على أغلبيته في البرلمان، ولكن بفارق بسيط كما يبدو، وسبب ذلك دعم حزب الشعوب الديمقراطي لتحالف الشعب، فيما الاختلافات الأيديولوجية في تحالف الشعب أفقدته ثقة بعض الناخبين، وأعتقد أن الرئيس أردوغان سيفوز ويحقق أغلبية بفارق بسيط في البرلمان”.

أما الصحافي إبراهيم آباك، فقال لـ”العربي الجديد”، إنه يعتقد بأن الفائز في الانتخابات الرئاسية سيحقق الأغلبية في البرلمان، لكنه استدرك أن “هذه المعادلة قد لا تنجح، فقد يفوز رئيس ولا يحصل على الأغلبية”. وأضاف “لكن بشكل عام من يختار رئيساً يصوّت لحزبه أيضاً، ونسبة الفرق لا تتجاوز 1 في المائة، ولهذا لا أعتقد بأنه سيكون هناك فرق، إلا أن السياسة التركية مليئة بالمفاجآت”.

وأشار إلى أنه “في حال فوز مرشح بالرئاسة وخسارته الأغلبية البرلمانية، ستكون المرة الأولى التي تحصل وفق النظام الرئاسي، وهو ما يعني أننا سنعيش تجربة أولى من نوعها بحال حصل هذا السيناريو، وبالتالي من المبكر التكهن بكيفية الحكم وآلياته عند الوصول إلى هذه النقطة”. وأكد أن “البرلمان لديه صلاحيات كثيرة لا يمكن إهمالها، فالمذكرات الرئاسية بحاجة لموافقة البرلمان عليها، والمراسيم أيضاً بحاجة إلى موافقة البرلمان، وبالتالي افتقاد الرئيس للأغلبية البرلمانية معناه تقييد يديه، وعدم تمكنه من ممارسة عمله، ويبقى أمره تيسير الأعمال من دون تشريعات وسن قوانين جديدة”.

وختم بالقول “الانتخابات البرلمانية مهمة جداً، وتجرى بالتوازي مع جهود الأحزاب في الانتخابات الرئاسية، بالحصول على أكبر عدد من النواب، لأهمية البرلمان في الحكم، وتشعر التحالفات بضرورة تحقيق الأغلبية البرلمانية إلى جانب الفوز بالرئاسة، لإصدار القوانين وإراحة الرئيس وعدم إقفال نظام الحكم، وبالتالي من المهم للرئيس الحصول على الأغلبية البرلمانية اللازمة”.

انتهى

 

المصدر
الكاتب:Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-05-14 08:24:45
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى