طالبان وتغيير سياساتها.. إدارة الظهر لقطر والتوجه صوب الإمارات
شفقنا-منذ أن سيطرت طالبان على كابول، عاصمة أفغانستان ومراكز المدن الرئيسية، نظرت دول الخليج بحذر إلى التطورات في أفغانستان، ولكن بالنظر إلى الحقائق الجيوسياسية الإقليمية، فقد أبقت قنوات الاتصال مفتوحة مع طالبان. يبدو أن قطر، التي قبلت بناء على طلب من الإدارة الأمريكية استضافة مكتب تمثيلي لطالبان في الدوحة، ونتيجة لذلك أصبحت النقطة المحورية للتفاعل والمفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة، وكان لها التأثير الأكبر على الحكام الجدد في كابول.
وتشير التطورات بعد سقوط كابول إلى هذا الاتجاه، لأن قطر لعبت دورا رئيسا في إجلاء أكثر من 43 ألف شخص من أفغانستان، وكذلك التنسيق مع طالبان وإبقاء مطار كابول مفتوحا. كما شاركت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في عمليات النقل الجوي، لكن لم يكن لديهما نفس قنوات الاتصال الموثوقة مع طالبان. كما أن مبادرة أبو ظبي لمنح اللجوء الإنساني لرئيس أفغانستان السابق أشرف غني كانت تعني عدم تأييدها لطالبان.
هذا وكانت الرياض حذرة في التفاعل مع حكومة طالبان الجديدة، وشددت، جنبا إلى جنب مع حليفتها الإقليمية الرئيسية باكستان، على الحاجة إلى تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان وحماية حقوق المرأة.
على الرغم من هذه التطورات، لم تتمكن قطر تعزيز علاقاتها السياسية التي أقيمت في السنوات الأخيرة مع قادة طالبان. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الهيئة الحاكمة لطالبان تحاول إقامة التوازن مع القوى الإقليمية للحصول على أفضل المكاسب لنفسها.
ترتبط هذه السياسة ببند رئيسي آخر على جدول الأعمال طالبان، وهو حماية سيادة أفغانستان. كان للعاملين دورا في المفاوضات بين طالبان والعديد من دول المنطقة لإدارة المطارات في أفغانستان.
يعتبر المجتمع الدولي أن استمرار عمل العديد من المطارات في أفغانستان أمر بالغ الأهمية لضمان جسر المساعدات الإنسانية الدولية إلى أفغانستان. في البداية، تفاوضت حركة طالبان مع تركيا لاستغلال مطار كابول، ولاحقا انضمت قطر إلى تركيا في هذه المفاوضات. على الرغم من ذلك، استمرت حالة الجمود بين الجانبين. كانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية إصرار تركيا على إنشاء مناطق أمنية خاصة، يديرها فقط متعاقدون عسكريون أتراك، حيث يمنع المسئولون الأفغان من الدخول. من الواضح أن هذا الأمر كان يعرض سيادة أفغانستان للخطر حسب طالبان.
وهناك أحدث عرض من شركة GAAC Solutions، ومقرها أبو ظبي، حيث وقعت الحكومة الأفغانية عقدا بقيمة 47 مليون دولار مع هذه الشركة في عام 2020 لإدارة مطارات البلاد. بالنسبة إلى طالبان، كان التوصل إلى اتفاق مع الشركة ذا فوائد سياسية على المستوى المحلي، لأنه يزيل المخاوف بشأن حكم طالبان، ويوازن بين مصالح الدول الإقليمية ذات المصالح في أفغانستان، ويحسن علاقات طالبان مع الإمارات العربية المتحدة.
وأدى عقد المطار مع شركة الإمارات، وكذلك قيام طالبان بحظر تعليم الفتيات في المدارس الثانوية والجامعات خلافا لنصائح الجانب القطري، إلى إلحاق ضرر كبير بعلاقات طالبان بالدوحة.
وبسبب التغييرات في السلطة داخل طالبان، فإن السلطات القطرية تولي أهمية أقل للحفاظ على العلاقات معها. يبدو أن مجلس طالبان، الذي يقوده الملا هيبة الله أخوند زاده أيديولوجيا، يسيطر على العناصر الأكثر براغماتية في الجماعة، وخاصة الذين شاركوا في محادثات الدوحة كما كان لقطر تأثير عليهم منذ سنوات.
وساعد هذا الجمود في العلاقات بين طالبان وقطر بشكل غير مباشر على زيادة التفاعل بين طالبان والإمارات، ويظهر أن الإمارات قد تصبح وسيطا إقليميا جديدا مع طالبان. وظهر هذا في أول زيارة رسمية لوزير الدفاع المؤقت لطالبان الملا يعقوب وأنس حقاني إلى أبو ظبي في ديسمبر 2022.
وكانت الإمارات في الماضي داعما قويا لجمهورية أفغانستان، وتركزت قواتها بشكل أساسي في كابول لتدريب القوات الأفغانية، لكن الإمارات كانت مستهدفة بشكل مباشر من طالبان. لأن سفير أبو ظبي في أفغانستان توفي متأثرا بجروح نجمت عن هجوم طالبان عام 2017، فضلا عن مقتل خمسة دبلوماسيين إماراتيين. وأدانت حكومة الإمارات الهجوم بشدة رغم أن طالبان لم تعلن مسؤوليتها عن التفجير.
على الرغم من ذلك، تواصلت الإمارات مع مختلف الأطراف واستضافت جولة جديدة من المحادثات بين طالبان والولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى سياساتها الخارجية البراغماتية وكذلك في محاولة للحفاظ على علاقاتها السياسية في التعامل مع الصراع في أفغانستان. مع سيطرة طالبان على البلاد، أشارت التصريحات الأولية للمسئولين الإماراتيين إلى حسن النية تجاه حكام أفغانستان الجدد.
لا ينبغي أن ينظر إلى تفاعل الإمارات الحالي مع طالبان على انه خلافا للمعايير والقواعد. يبدو أن الإمارات تريد إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع طالبان وزيادة نفوذها، لا سيما مع الشباب وأعضاء طالبان الجدد، الذين يتبنون لهجة أكثر اعتدالا مقارنة بنظرائهم الأكبر سنا والأكثر عنفا في القضايا الاجتماعية. بالنظر إلى أن الملا يعقوب وتيار حقاني داخل طالبان مسئولون إلى حد كبير عن أمن هذا البلد الذي مزقته الحرب، فإن التفاعل الخارجي معهم يظهر أنهم مهتمين بمصالح دولة الإمارات العربية المتحدة.
من وجهة نظر طالبان، فإن بناء الثقة مع السلطات الإماراتية سيمهد الطريق لمعاملة طالبان ليس فقط نتيجة حكم الأمر الواقع ولكن كحكام شرعيين للبلاد، حيث يظل الاعتراف السياسي في نهاية المطاف هو الهدف الرئيس لطالبان. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها إقناع رجال الأعمال والمغتربين الأفغان الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة بالعودة والاستثمار في أفغانستان.
يعيش في الإمارات ما يقدر بنحو 150 ألف مواطن أفغاني، وقد استثمر أكثر من 500 رجل أعمال أفغاني ما مجموعه 4 مليارات دولار في الإمارات. يبدو أن جذب بعض الأثرياء الأفغان للعودة إلى أفغانستان هو الهدف الأساسي لاجتماعات الملا يعقوب وأنس حقاني مع المهاجرين الأفغان.
يبدو أن التفاعل بين الإمارات وطالبان يرجع إلى البراغماتية من كلا الجانبين، لكن الإماراتيين يميلون إلى تقييم المسئولين المختلفين في طالبان وفي نفس الوقت استخدام القيمة الاقتصادية للمهاجرين الأفغان الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة.
يدرك المسئولون في الإمارات هذه القضية، بان آلية الضغط هذه بيدهم فقط وربما لم تعد مشتركة مع نظرائهم القطريين، وهذه القضية تجعل الإمارات مرتبطة سياسيا بشكل خاص بأي حاكم في أفغانستان.
المصدر: راهبرد معاصر
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-03-04 23:59:53
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي