إيران تدْرس الردّ الأميركي: سنأخذ وقتنا
طهران | سلّمت الولايات المتحدة، ليل الأربعاء – الخميس، ردّها على الملاحظات الإيرانية على المقترح الأوروبي بشأن إحياء الاتفاق النووي المبرَم عام 2015. وإذ تحدّثت تقارير غير رسمية عن أن هذا الردّ لا يتمثّل بـ«نعم» أو «لا»، بل يقع في منزلة متوسّطة بين الاثنتَين، فإن ذلك قد يدفع الطرفَين إلى خوض جولة مفاوضات جديدة، علماً بأن أيّاً منهما لم يدلِ إلى الآن بتعليق رسمي حول تفاصيل النصّ الأوروبي المقترَح، أو وجهات النظر الإيرانية والأميركية حياله. وعقّب منسّق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، على خطوة بلاده الأخيرة بأنه «على الرغم من الاقتراب من الاتفاق، بيد أن بعض الخلافات لا تزال قائمة»، فيما انكبّت إيران على دراسة التعليقات الأميركية، على أن تُعلِن رأيها بخصوصها بعد الانتهاء من البحث. وتُفيد مصادر إيرانية مطّلعة بأن الدراسة بدأت على مستوى الخبراء، وستستغرق الوقت الذي تتطلّبه، وبعد الانتهاء منها، سيُحال الأمر إلى مراكز صُنع القرار لتدقيقه على مستويات أعلى، فيما أوردت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، نقلاً عن مصدر مطّلع، أن «الردّ الأميركي يتركّز على الضمانات الاقتصادية»، واصفةً إيّاه بأنه «أقلّ من التوقّعات الإيرانية». وبحسب المصدر، فإنه «الآن، يجب رؤية ما إذا كانوا سيعتبرون ذلك أفضل المُتاح، أو ممارسة مزيد من الضغوط للحصول على تنازلات أكثر».
وشدّد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أوّل من أمس، على ضرورة «توفير مصالح إيران ومراعاة خطوطها الحمر»، معرباً عن أمله بأن «يعود وزراء خارجية أطراف الاتفاق إلى فيينا للخروج بمحصّلة المحادثات، وذلك بعد الانتهاء من الدراسات التخصّصية في طهران». كما شدّد على ضرورة «إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملفّ الضمانات المتعلّق بثلاثة مواقع مشتبهٍ في وجود أنشطة نووية عسكرية فيها»، مؤكداً أن بلاده «جادّة في ما تبقّى من مسألة الضمانات». وفي تصريح آخر أمس، أعلن عبد اللهيان «أنّنا نمرّ بالمراحل النهائية»، معتبراً أنه «إذا ما تحلّت واشنطن بالواقعية، فيمكننا التوصّل إلى حلّ لتحقيق الاتفاق النووي». من جهته، وصف مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الردَّين الإيراني والأميركي على المقترح الأوروبي بأنهما «معقولان»، آملاً أن «تتوصّل الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق إلى نتيجة». ونبّه كبير المفاوضين الروس ومندوب روسيا لدى المنظّمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، إلى أن تقديم أيّ اقتراح جديد سيؤدي إلى إطالة أمد محادثات فيينا، مستدركاً بأن «المشاركين في العملية التفاوضية، وفقاً للتقليد الدبلوماسي المألوف والمتعدّد الأطراف، لهم الحق في إدخال تغييرات على نصّ الاتفاق».
في هذا الوقت، أجرى المسؤولون الإسرائيليون، خلال الأيام الماضية، مشاورات مكثّفة مع الجانب الأميركي، في محاولة للحيلولة دون توقيع الاتفاق في اللحظة الأخيرة، بعدما حاولت إدارة جو بايدن طمْأنة تل أبيب إلى أن الصفقة تراعي مصالحها، من دون أن تُفلح في ذلك. وفي أحدث جولة من المحاولات الإسرائيلية، زار وزير الدفاع، بيني غانتس، أوّل من أمس، واشنطن، للقاء نظيره الأميركي وبقيّة مسؤولي الإدارة، مُعلِناً أن الهدف من هذه الزيارة «نقل رسالة واضحة تتعلّق بالمحادثات الجارية بين القوى الغربية وإيران»، محذراً من أن «الصفقة العتيدة ستمسّ الأمن الدولي والإقليمي». ويُعدّ غانتس ثاني مسؤول إسرائيلي يزور الولايات المتحدة على جناح السرعة، في أعقاب تواتر الأنباء عن حصول تقدّم في المحادثات النووية، ليبلغ السلطات الأميركية «استياء إسرائيل العميق من تلك التطوّرات». وكان قد سبقه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حالوتا، إلى واشنطن هذا الأسبوع أيضاً، حيث التقى نظيره الأميركي جيك سوليفان، ومساعِدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان، فيما لم يفلح في لقاء وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لأسباب تعود إلى جدول أعمال الأخير، علماً بأن حكومة لابيد تتّهم بلينكن وفريقه بأنهما أكثر مرونة حيال إيران وتَشوُّقاً إلى إحياء «خطّة العمل المشتركة الشاملة» معها، من سوليفان والآخرين، وفق وسائل إعلام إسرائيلية. وفي الإطار نفسه، ذكرت مصادر عبرية أن لابيد حاول التحدّث إلى بايدن هاتفياً، بيد أن البيت الأبيض أبلغه أن الرئيس في «إجازة»، وأن المكالمة ستتمّ «قريباً». وكان لابيد قد استبق تسليم واشنطن ردّها، بإعلانه صراحة رفضه النص الحالي للاتفاق النووي، مُلوِّحاً بأن «إسرائيل تَعتبر نفسها غير ملتزمة به». لكنه عاد ليقول إن «الأميركيين قبلوا معظم البنود التي طلبتها إسرائيل، ووضعوها في النص، وهو تغيير مرحَّب به». وعلى رغم ما تَقدّم، فإن رئيس «الموساد» الإسرائيلي، ديفيد برنياع، حذّر من أن الاتفاق النووي الوشيك «كارثة استراتيجية»، باعتبار أنه «سيسهّل على إيران حيازة أسلحة نووية على المدى الطويل، وهي جهود لم تتخلَّ عنها أبداً»، كما قال.