الحدث

ماذا يريد أصحاب الشائعات المغرضة؟

اندريه قصاص -لبنان24

يطيب لبعض الأشخاص، الذين يطويهم النسيان، تعميم أجواء سلبية عن وضع البلد، بهدف لفت الأنظار محاولين بذلك العودة من جديد إلى دائرة الأضواء والإهتمام، خصوصًا أن ما يرّوجون له من أفكار، بعدما أدخلوا أنفسهم في نادي المبصرّين والمنجّمين والفلكيّين، يلقى رواجًا لدى عامّة الناس، تمامًا كما تستهويهم أخبار المنجّمين وكاشفي أسرار المستقبل.

وقد إستفاد هؤلاء الأشخاص من حال اليأس التي يعيشها المواطنون نتيجة الوضع الإقتصادي المزري، على رغم المحاولات الكثيرة التي تقوم بها الحكومة، وهي التي لا تملك لا ترف الوقت ولا الإمكانات المتاحة، بإعتبار أن الأزمة المعيشية المتفاقمة يومًا بعد يوم تفوق قدرات الدولة المحدودة بعدما تخطّت هذه الأزمة محدودية القدرات اللبنانية الذاتية.

فما يعيشه المواطن لا يُحسد عليه، وهو لا يزال يصارع ويباطح، على رغم قساوة ما يتعرّض له في يومياته، إلاّ أن ذلك لا يبرّر ما يقوم به هذا البعض من خلال دفع هذا المواطن إلى الإستسلام والتسليم بما هو مكتوب من دون ان تكون له حرية الإعتراض أو الشكوى، وذلك لأسباب لم تعد خافية على أحد، وهي أسباب غير بريئة، وبالتأكيد لها أهدافها بعدما أصبح معروفًا أن ثمة جهات متضرّرة من إمكانية تحقيق بعض الإنجازات الحكومية على أكثر من صعيد، وبالأخصّ في مجال الأمان الإجتماعي، وإن بخطوات متواضعة، مع إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ثلاثة أمور متوازية، إن لجهة إقرار موازنة متوازنة بالحدّ الأدنى المطلوب من ضمن الإمكانات المتوافرة، أو لجهة دفع عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي نحو نهايات مقبولة من قِبل المجتمع الدولي، فضلًا عن إجراء إنتخابات نيابية في موعدها، مع المراهنة على أن تحمل في مؤشراتها بعض التغيير المطلوب، أداءً وسلوكياتٍ وتطلعات.
وهذه العناوين مع غيرها من الهوامش، التي لا تقّل أهمية في مدلولاتها عن العناوين الكبرى، يبدو أنها تزعج بعض الذين لا تتناسب وضعيتهم وحيثياتهم مع أي تطور إيجابي قد يصّب في خانة رفع بعض الحيف اللاحق بالمواطنين نتيجة كمّ هائل من الأخطاء المتراكمة، والتي إنفجرت دفعة واحدة في وجوههم من دون سابق إنذار أو تحذير، فأصبحوا بين ليلة وضحاها “على الأرض يا حكم”.
قد يقول البعض أن الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وحتى الأمنية، غير مطمئنة وغير مشجّعة، وفي هذا القول الكثير من الواقعية، ولكن هناك فرقًا شاسعًا بين توصيف الحال وتشخيص الداء ومحاولة إيجاد ما يناسب من أدوية لمعالجة هذا الداء، وبين غرز السكيّن في الجرح أو صب الملح عليه. وهذا ما يقوم به أصحاب الغايات التي باتت مكشوفة، والتي لم تعد تنطلي على أحد، مع الإشارة إلى ضرورة تحرّك النيابات العامة، عفوًا، للإستقصاء عن مصدر هذه المعلومات، التي تتحدّث عن سيناريو “جيسبوندي” لما هو آتٍ، حتى أن هذا البعض ذهب بعيدًا في “فبركاته”، فصورّ أن لبنان مقبل على حرب كونية قد تّشنّ عليه من الجهات الأربع.
فرأفة بهذا الشعب، الذي أطلقت عليه كل الصفات، من “عظيم” إلى “أطهر الطاهرين”، وهي صفات محقّة وصحيحة، أوقفوا ما تحيكون له في “الغرف السوداء”، وأتركوه “يقبّع شوكه بيديه العاريتين”، إذ يكفيه ما عاناه على إمتداد سنوات الحرب، وما يعانيه اليوم من حروب معيشية قد تكون مفاعيلها أخطر من الحروب العسكرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى