مصادر الإليزيه: على باسيل وقف التعطيل ردّ “حزب الله” على الراعي: تخوين وتهويل و”مسيّرات”!
البطريرك الراعي محيّياً الحشود التي تجمّعت في ساحة الصرح البطريركي أمس الأول (رمزي الحاج)
من خطابه السيادي السبت، مروراً بإعادة التوكيد على مضامينه أمس، وصولاً إلى الإسهاب في شرحه على قناة “الحرّة” اليوم… يبدي البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عزمه على السير في طريق “الاستقلال الثالث” بخطى وطنية ثابتة تترفّع عن الخوض في دهاليز السياسة والطائفة والمذهب، لينطلق على قاعدة “قلنا ما قلناه” التي كرّسها بطريرك “الاستقلال الثاني” نصرالله بطرس صفير في مقاربة “تابو” الوصاية السورية، نحو فصل جديد من تحرير الدولة من الوصايات والقيود وكسر “تابو” مقاربة وصاية السلاح على دورة الحياة المؤسساتية والدستورية في لبنان.
فتحت شعار “لا تسكتوا” الذي ردّده على مسامع اللبنانيين المؤمنين بنهائية الكيان والهوية، حثّ الراعي على خرق جدار الصمت في مواجهة “الحالة الانقلابية” الهادفة إلى “الاستيلاء على مقاليد السلطة”، داعياً إلى إعلاء الصوت الوطني في تأييد الحياد والتدويل، ونبذ كل أشكال “تعدد الولاءات، والانحياز، والفساد، وتسييس القضاء، والسلاح غير الشرعي ومصادرة القرار الوطني”… الأمر الذي أغضب على ما يبدو “حزب الله”، فسارع إلى التخندق على الضفة المعادية لخطاب الراعي، مستهدفاً إياه بصليات من الردود الأولية التي تراوحت بين تخوين وتهويل على المنابر، وبين “مسيّرات” ورسائل ميدانية على الأرض، سواء تلك التي أطلقها مناصروه على متن الدراجات النارية في الضاحية الجنوبية مساءً، أو تلك التي اتخذت شكل “القسم العسكري” الذي أطلقه محازبوه باللباس العسكري رفضاً لحياد لبنان.
ورغم محاولة إعطاء صبغة غير طائفية للرد على البطريرك الماروني عبر استنفار النائب طلال أرسلان لإبداء رفض طرح التدويل، وبموازاة التهويل “المنمّق” على لسان النائب حسن فضل الله بأنّ هذا الطرح يشكل تهديداً “للوجود المسيحي” في لبنان “كما حصل في العراق وليبيا”، مع تشديده على أنّ “وجهة نظر بكركي لا تمثل وجهة نظر كل الشعب” في ظلّ العلاقة “الممتازة” التي تجمع “الحزب” و”التيار الوطني الحر”… غير أنّ الرد الأعنف أتى من منطلق مذهبي تخويني على خطاب الراعي، على لسان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي شدد على “شرعية السلاح” واعتبر أنّ مطلب الحياد فعل “خيانة”، نابشاً في المقابل “مجازر صبرا وشاتيلا والدبابات الإسرائيلية”، وملوّحاً بورقة “إلغاء الطائفية السياسية وإجراء انتخابات نيابية شعبية” في مواجهة مطالب البطريرك الماروني، باعتبار أنّ “قوة التوازن تمرّ جبراً” بهذا المسار.
وعلى الأثر، كان ردّ قواتي مباشر على كلام قبلان، فلفت انتباهه النائب عماد واكيم إلى أنّ “دولة المواطنة” التي تحدث عنها “تستدعي أول ما تستدعيه حلّ الأحزاب الدينية، فهل يريد أن يبدأ مثلاً بحل “حزب الله” للوصول إلى هذه الدولة؟ مذكراً إياه بأنّ “من دفن وثيقة الوفاق الوطني هو من انقلب عليها برفض تسليم سلاحه (…) والخيانة هي في الانقلاب على الطائف، وضرب الدستور والقوانين، والاغتيالات والتصفيات، وعزل لبنان عن محيطه العربي وعمقه الغربي، وتجويع اللبنانيين وتفقيرهم، وتحويل الدولة إلى فاشلة وصورية”.
دولياً، لاقى خطاب البطريرك الماروني استحساناً فرنسياً تجسّد بما نقلته الزميلة رندة تقي الدين عن مصادر الرئاسة في الإليزيه لـ”نداء الوطن” قائلةً: “موقف البطريرك الراعي يتطابق مع رؤية فرنسا الحريصة على السيادة اللبنانية”، وشددت في هذا السياق على أولوية تشكيل الحكومة اللبنانية ووجوب أن يوقف رئيس “التيار الوطني الحر” تعطيل التشكيل.
وأضافت مصادر الإليزيه: “المؤتمر الدولي لا يقدم جواباً واضحاً للمشكلة اللبنانية القائمة، ويبقى الآن على جبران باسيل أن يفعل ما هو ضروري في هذه المرحلة، أي السماح بتأليف حكومة المهمة في لبنان”.