رئيس الحكومة غير راضٍ عن أداء وزير المالية؟ فما الذي يحصل؟ المفاوضات مع صندوق النقد «راوح مكانك».. والفرصة بدأت تضيق
كما برودة الطقس التي تلفح لبنان هذه الايام بعواصفها الطبيعية المتلاحقة، كذلك برودة المفاوضات مع صندوق النقد «الماشية متل الزلحفة» املا في تأجيل ساعة الحقيقة، في انتظار ان تكمر العاصفة الانتخابية، ليملأ الفراغ موازنة وبنود خطة من هناك، اطلالة وزير ومستشار من هناك، كل يغني على ليلاه فيما صندوق النقد على ليلاه يغني.
ففي بلد اللعب على الكلام، هرطقات دستورية وقانونية «عا مد عينك والنظر». فكل ما يخطر «عالبال والخاطر» يمكن قوله، حيث يمحو كلام الليل كل وعود النهار. هكذا انقضى الأسبوع الاول على بدء المفاوضات التقنية الى نتيجة، ان لم نقل سلبية، فعلى الاقل غير مشجعة،علّ ما تبقى من مهلة يعيد «تجليس» الصورة، رغم ان الوقت يضيق وفرصة ليونة رئيس الوفد الدولي قد لا تتكرر، وقد لا يتاح للوزير السابق جهاد ازعور ممارسة «ضغوط « اكبر تصب في مصلحة لبنان. وعليه الى ماذا خلصت المباحثات حتى الساعة؟ والتي بدا فيها ان ممثل مصرف لبنان مرتاح الى التفاوض، وعزز هذا الانطباع، ما نقل عن لسانه ان احد اعضاء وفد البنك الدولي ، الذي ابدى اعجابه بتضامن الفريق اللبناني، خلافا لما كانت عليه الامور في الفترات السابقة؟
تؤكد مصادر متابعة للملف، ان ما توافر حتى الساعة من معلومات يتقاطع عند النقاط الاتية:
– خلاف حول معدل النمو الذي تقدره بيروت بنسبة ال 5% ، فيما يقدره البنك الدولي ب 2%.
– اصرار الفريق الدولي على معرفة تفاصيل خطة التعافي بما فيها خطة اصلاح القطاع المصرفي . ملاحظة هامة هنا، ان خطّة التعافي غير موجودة، والانقسام حولها لا يزال قائماً، وسط اقرار المعنيين بانها لم تجهز بعد. فكيف توضع موازنة قبل الخطّة؟ منطقياً وفي العادة ، تقرّ خطّة العمل وبعدها الموازنة، اما في لبنان «فكله بالمقلوب»، و»الحصان دايمن قبل العربية»، لذلك وضعت الموازنة في انتظار صدور الخطّة، لان الوقت من ذهب.
– الاصرار على معرفة مصير قانون «الكابيتال كونترول» وضرورة اخراجه من دائرة التجاذبات السياسية، حيث المطلوب عدم تفريغه من مضمونه، واحترام المعايير المعتمدة في هكذا حالات. والاهم كيف سيتم استرجاع الاموال التي هرّبت الى الخارج تحت «جنح» المماطلة؟ وهل وافق الصندوق على رقم الخسائر الذي اتفق عليه الجانب اللبناني والمقدر بـ 69 مليار دولار، وعلى كيفية توزيع الخسائر؟
– في موضوع الموازنة ، فان الوفد اللبناني لم يقدم اي ارقام، باعتبار ان الموازنة ككل لا تزال موضع درس، وهي قابلة للتعديل ، مع الاشارة الى ان نسبة العجز المقدرة فيها والتي بلغت حوالى 25% لا توحي بانها اصلاحية من الوهلة الاولى، فكيف تتّجه الحكومة الحالية إلى الصندوق بهذا العجز؟ اضف الى ذلك نقطتي ضعف اساسيتين، تتمثل الاولى بمحاولات التذاكي، كما درجت العادة، خصوصا في ملف الكهرباء، حيث ابقيَ على موضوع سلفاتها من خارج الموازنة، ما قد يرفع العجز بشكل كبير، وثانيا عدم تحديد الجانب اللبناني تماما ما هي النفقات المستثمرة في مجال الدعم الاجتماعي. ويبقى السؤال الاهم كيف يمكن للدولة اللبنانية ان تحصّل الضرائب والرسوم في ظل الانهيار الحاصل بما يتلاءم مع ارقام الواردات الممكن تحصيلها؟ وكيف تنوي البحث مع الصندوق من دون أي إصلاح؟
– اعتبار صندوق النقد ان الحل الاساس ونقطة البداية لاي حل او خطة تعاف منتجة هي في تحرير سعر الصرف، وهو إجراء سيُعيد الثقة لليرة اللبنانية ويُخفض ضغط الطلب على الدولار.
في الخلاصة، كل الايجابيات التي يتم ضخها، لا تمت الى الواقع بصلة، حيث تظهر الوقائع عدم قدرة الحكومة على اتخاذ اي اجراء اصلاحي مطلوب، خصوصا بعد دخول البلد في العصر الانتخابي، اضف الى ذلك تشدد حزب الله واعلانه المفاوضات مع الصندوق بشروطنا والا …
فمع غياب الإصلاحات التي تأتي ضمن الخطّة، وتعددية سعر الصرف، والعجز الهمايوني، كيف تصدق الحكومة انها قادرة على الاستمرار في المفاوضات مع الصندوق؟ وكيف يمكن الوثوق باي تعهدات قد تقطعها اذا كان من يفترض انه وضع الموازنة قد تبرأ منها من حزب الله و»حركة أمل» الى «التيار الوطني الحرّ»؟ فإن لم يعّدها هؤلاء فمن فعل؟ ومن هو هذا الفريق «الفاتح عا حسابو»؟ الهمس يدور هنا عن «خلاف مستتر» بين رئيس الحكومة ووزير المال الذي لم يترك لميقاتي اي هامش، وهو ما اثار امتعاض الاخير.