الحدث

رهان التيار.. بالخط العريض!

ايناس كريمة

منذ مدّة، والتيار الوطني الحر يعمل على حبك خطاب سياسي متكامل يخوض به معركته في الانتخابات النيابية المُقبلة ويُعيد من خلاله تحسين واقعه الشعبي المتراجع منذ حراك “17 تشرين”. من الواضح أن الأسابيع الماضية كانت ترجمةً فعلية للهدف المنشود والتي بدأت تظهّر جزءاً من طبيعة هذا الخطاب ومضمونه السياسي والاجتماعي والذي سيطبع الصورة العامة للتيار في المرحلة المقبلة.

ولعلّ الخطاب الانتخابي للتيار “الوطني الحر” ينقسم الى قسمين، الاول مرتبط بشكل مباشر بالمسيحيين إذ يبدو أنه مستمرّ في دغدغة عواطف المسيحيين والعزف على أوتار مطالبهم، الامر الذي تجلّى من خلال الاصرار على الدخول في مواجهة تحقيقات المرفأ رغم التصدّي لها من قِبل حلفائه غير أن مصلحة التيار تقتضي أن تطرب مسامع الشارع المسيحي بما يتناسب مع تطلّعاته.

بالإضافة الى خطابات التيار التي وصفت مؤخرا بالنارية، خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أثار ضجة كبيرة بعدما فتح باباً واسعاً وحسّاساً في الحديث عن مشروع اللامركزية الذي فصّله بين لامركزية ادارية ومالية، ما من شأنه أن يرضي المسيحيين الى حد بعيد ويفيد في شدّ عصب “العونيين” في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن هؤلاء يعتبرون أن النظام الاداري والمالي الحالي مجحف بحقّهم في العديد من جوانبه وتفصيلاته.

من جهة اخرى فإن هذا الخطاب الذي يركز على الشارع المسيحي يُستكمل بجملة شعارات مرتبطة بالميثاقية وبالدور المسيحي المشرقي وصلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس القوي وغيرها من العناوين التي دأب “الوطني الحر” على تكرارها خلال السنوات الفائتة وخاض بها انتخابات 2018 وسائر مواجهاته السياسية.

لكن ثمة عنوان جديد سيرفعه التيار في هذه المرحلة ويوظّفه في خدمة مصالحه الانتخابية، وهو بالخط العريض “الاشتباك السياسي”، إذ بات معلوماً أنه عند كل استحقاق رئيسي في البلاد، يختلق الوطني الحر خصماً شرساً لمواجهته في معركة إثبات الوجود، حيث انه استخدم هذه الورقة في العام 2005 حين تركّزت معاركه في وجه ما سمّي بـ “الحلف الرباعي” آنذاك، وفي العام 2009 في وجه “الحريرية السياسية” وها هو اليوم يقرر “مقارعة” رئيس مجلس النواب نبيه برّي، مُمثلاً “حركة امل”، والذي فتح معه التيار اشتباكاً سياسياً عنيفاً قد يحمل ارتدادات إيجابية في الشارع المسيحي نظراً للحساسية التي استطاع رئيس التيار النائب جبران باسيل خلقها بين المسيحيين وبرّي تحديداً.

من هُنا يراهن التيار على اشتباكه السياسي والاعلامي مع بري والذي يتفاعل باستمرار بعد أن كلّف ذلك اشتباكا جدياً مع حليفه الأساسي “حزب الله”، الذي وإن كان محدوداً، الا انه مفيد في إطار رسم معركته الشاملة مع رئيس مجلس النواب.

وتعتقد مصادر سياسية متابعة أن هذا المسار سيكون السيناريو الطبيعي المفترض الا في حال حصول تسوية ما بين التيار و”الثنائي الشيعي” تعيد ترتيب الاوراق، لك ذلك قد ينعكس سلباً عليه ويضعه في مأزق حقيقي إن اضطُرّ الى التراجع أمام بيئته الحاضنة وقاعدته الشعبية التي سترفض حتماً التحالف مع “حركة امل”.
المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى