ماذا يجري مع “بريكست”؟ قبل الذكرى السنوية لـ”الإنجاز”… نظرة إلى المرحلة الأخيرة من التفاوض الذي لا ينتهي
تمثل ليلة عيد الميلاد الذكرى الأولى لـ”بريكست“، أي ذلك اليوم من سنة 2020، الذي جرى فيه “إنجاز بريكست”، أو قد يسعنا القول إن الجميع اعتقدوا ذلك قبل أن تبدأ الاتفاقات بالتفكك، لسبب أو آخر. كان ثمة عمل كثير غير مُنجز. وهناك انطباع بأن [رئيس الوزراء بوريس] جونسون وقّع اتفاق الانسحاب في 2019 عارفاً بأنها خيانة لإيرلندا الشمالية، مع عقده الأمل على أن يتمكن من إعادة النظر في ذلك لاحقاً. وهكذا أرسل [وزير شؤون مجلس الوزراء] مايكل غوف و[المفاوض التجاري] اللورد (ديفيد) فروست إلى بروكسل، لإجراء إعادة تفاوض والضغط على الاتحاد الأوروبي حتى يعرض بعض “التنازلات”. وسواء أكانت التنازلات ضئيلة أم لا، فإنها ستشكل تحسيناً لما وقّعه هو [جونسون] وفروست.
والآن، يبدو أن الحجج قد تتفتت قريباً، فتصل إلى جمود تام. ويبدو أن البريطانيين تنازلوا بشأن المسألة الحساسة المتمثلة باختصاص “المحكمة الأوروبية” في تشغيل السوق الموحدة في إيرلندا الشمالية التي تقع بوضوح، على الرغم من كل شيء، داخل الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق البريطانية الداخلية أيضاً. وفي المقابل، يشير “الاتحاد الأوروبي” إلى أنه قد يتساهل في مجال التفسير المتشدد للقواعد الخاصة بالبضائع المتنقلة بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية/ إيرلندا/ الاتحاد الأوروبي. ومثلاً، تستطيع الأدوية أن تتدفق بحرية. وبهدوء، كانت المملكة المتحدة وجيرسي [جزيرة متمتعة بالحكم الذاتي في القنال الإنجليزي] أكثر كرماً مع صيادي الأسماك الفرنسيين، وهنا تظهر نقطة ساخنة أخرى. ربما في الواقع أصبح “بريكست” أخيراً “منجزاً”، عملياً، وأن الوضع “المؤقت” للاتفاق يسمح للطرفين معاً بالحفاظ على موقفيهما النهائيين الرسميين إلى ما لا نهاية، مع الحفاظ على ماء الوجه. وعلى غرار الحرب الكورية التي انتهت في 1953، لكنها لا تزال دائرة تقنياً، شكل الأمر [الوضع المؤقت بعد الاتفاق على تنفيذ بريكست] وقفاً لإطلاق النار لكن من المتحتم أن يتحول هدنة دائمة، وإن اضطربت أحياناً.
إذاً، قد يثبت هذا الاتفاق “المؤقت” الأحدث، بين تسويات مؤقتة كثيرة جرت خلال السنة الماضية، أنه أكثر استمراراً، في ضوء إقناع الطرفين معاً نفسيهما بالجمود، لأن أي منهما لا يملك مصلحة كبيرة في حرب تجارية أثناء مرحلة مهمة من مراحل الجائحة، ولديهما أمور أفضل يقومان بها. وفقد جونسون ببساطة الطاقة اللازمة للقتال على جبهات متعددة، واختار سراً التوقف عن القتال على هذه الجبهة، في الأقل، خلال الوقت الحالي.
وفي المقابل، يتناقض هذا الاختتام الفوضوي للأعمال العدائية [بمعنى وقف التنازع بين جونسون والاتحاد الأوروبي في شأن بريكست] تناقضاً صارخاً مع المفاخرات الرائعة التي ظهرت قبل سنة. لقد انضم “الاتفاق الأوروبي البريطاني حول التجارة والتعاون” إلى اتفاق الانسحاب السابق عليه [بريكست نفسه]، بل إنه شكل في الواقع فصلاً ثانياً له، وبذا، ولدت رزمة “بريكست” التاريخية المتفق عليها أخيراً. لقد ضمن بوريس جونسون مكانته في التاريخ، باعتباره الوجه الخاص للحملة المؤيدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي والرجل الذي فاز بالانتخابات العامة في ديسمبر (كانون الأول) 2019 بناءً على الوعد المتكرر بأنه سيعمد إلى تنفيذ “إنجاز بريكست“. في ليلة عيد الميلاد 2020، فشل جونسون بطريقة ما في ذكر إيرلندا الشمالية، إذ أعلن، “أقول مجدداً لأصدقائنا وشركائنا في الاتحاد الأوروبي، أعتقد أن هذا الاتفاق يعني استقراراً جديداً ويقيناً جديداً في علاقة كانت أحياناً مثيرة للانقسام وصعبة”. ولم يمضِ الأمر كما كان مخططاً له تماماً.
والآن، مع وجود تحديات أكبر تشغل وقته، قد يكون جونسون في الواقع على وشك تحقيق اتفاق مبرم فعلياً. في المقابل، لن يرضى منتقدوه المشككون في الاتحاد الأوروبي داخل حزب المحافظين، وكذلك ستبرز مشاكل من مناصري حزب “أولستر” الوحدوي [المتشدد في تأييد إقامة حدود برية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي].
© The Independent