الطائفة السنيّة في فوضى سياسية مع تراجع «تيار المستقبل» الحريري على رصيف السياسة ينتظر من ينقله عنه ليُقرّر
كمال ذبيان- الديار
تعيش الطائفة السنية «فوضى سياسية»، في غياب المرجعية الحزبية الاقوى داخلها، مع انحسار دور «تيار المستقبل»، الذي يمر رئيسه سعد الحريري بازمة سياسية واخرى مالية، الا ان الاكثر صعوبة عليه، هو تعامل السعودية معه، منذ استقالته منها في 4 تشرين الثاني 2017، واقفال ابواب المملكة بوجهه وتصفية شركاته ماليا، وعدم اعتماده.فلكل طائفة سياسيا الحزب الاقوى فيها، او الممثل الاكثر شعبية، وحضورا في السياسة، ويتشارك او يتقاسم حزبان او اكثر بعض الطوائف بنسب متعددة، وتتوزع الطوائف على احزاب وقوى سياسية، كمثل «حركة امل» و حزب الله في الطائفة الشيعية، والحزب التقدمي الاشتراكي في الطائفة الدرزية، و «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» في الساحة المسيحية، يضاف اليهما وجود حزب الكتائب و»تيار المردة».
فمنذ مطلع التسعينات ومع تبوؤ رفيق الحريري رئاسة الحكومة، بات هو المرجع الرسمي والسياسي، للطائفة السنية، ووصل مدعوما من السعودية بالتوافق مع سوريا برئاسة الراحل حافظ الاسد، لتنفيذ اتفاق الطائف الذي لعب دور الوسيط فيه، ممثلا السعودية، فنشأت معه «الحريرية السياسية» التي تغلغلت في مؤسسات الدولة، ولم يبق لطرف سياسي سني حضور فيها، مما ادى الى انحسار لدور وقوى ورموز سياسية سنية، امام تقدم ممثل جديد في السياسة للطائفة السنية، بدعم مباشر من ثلاثي سوري كان له السطوة على القرار اللبناني وتمثل في كل من: عبد الحليم خدام، العماد حكمت شهاب واللواء غازي كنعان، حيث امّن هؤلاء كل ما يسهل للحريري نفوذه في السلطة،مع الحفاظ على توازن مع شخصيات سياسية سنية ذات المنطلقات القومية والانتماء العربي، من ابرزهم عمر كرامي في طرابلس، عبد الرحيم مراد في البقاع الغربي، مصطفى سعد في صيدا، زاهر الخطيب في الشوف (اقليم الخروب)، جهاد الصمد في الضنية، وشكل الرئيس سليم الحص الرمز الوطني المعارض لنهج وسياسات الحريري لا سيما المالية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يشير مرجع سياسي، الى ان الحريري استفاد من النظام السوري، واستمر رئيسا للحكومة لمدة ست سنوات متتالية، وهذا ما لم يحصل مع رئيس حكومة غيره، حتى ان النظام الامني السوري مع الثلاثي خدام والشهابي وكنعان، منعوا اصواتا معارضة ضد الحريري، الذي بات حجمه اكبر من رئيس الجمهورية في عهد الرئيس الياس الهراوي، مستفيدا من علاقاته العربية والاقليمية والدولية.
واشار المرجع الى التحول الذي حصل في سوريا تجاه الحريري عندما اصبح الملف اللبناني بإدارة بشار الاسد قبل ان يتولى رئاسة الجمهورية، وانكفاء الفريق السوري الذي كان يدير الملف، مما ادى الى ارباك الحريري ومعه حليفه وليد جنبلاط ،لا سيما عندما انتخب قائد الجيش العماد اميل لحود رئيسا للجمهورية ومعه الرئيس سليم الحص رئيسا للحكومة مع وزراء يختلفون في التفكير والاداء عن الحريري وسياساته وحكوماته. وقامت «الحريرية السياسية» على وجودها في السلطة والمال بحيث امنت المكاسب التي، ومنذ ما بعد اغتيال مؤسسها رفيق الحريري، لم تعد الاقوى لا سنيا ولا لبنانيا بالرغم من الدعم السعودي لها وبشخص وريث الحريرية نجله سعد الذي لم يحافظ عليها، يقول المرجع لانه اعتمد على فريق عمل لمصالحه، والتهى عن العمل السياسي الى قضايا خاصة فبدأ يخسر في السياسة نتيجة التساهل والتنازلات والميوعة في المواقف والقرارات. في وقت كانت اعماله التجارية تتراجع والديون تتراكم عليه فرأى نفسه بعد 15 عاما على وراثته لتيار سياسي وترؤسه لحكومات وكتلة نيابية قد اصبح على رصيف السياسة ينتظر من يمسكه بيده لمساعدته، بعد ان فقد الدعم السعودي وانتقل صديقه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون الى مساعدة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يحاول ان يفتح امامه باب المملكة ودول الخليج، في اشارة الى ان عودة الحريري الى السياسة ليست اكيدة، اذ نصحه اكثر من مرجع عربي بأن يستريح، وفق ما ينقل المرجع، ويعيد تكوين وضعه المالي وهذا ما سمحت له ابوظبي ان يفعله بعد ان اقفلت اعماله في السعودية. ويسعى اكثر من طرف داخل «الحريرية السياسية» الى ان يكون وريثها، حيث تقدم من يعتبر نفسه بأن الوراثة السياسية من حقه بهاء الحريري، لكنه لم يعتمد لا من عائلة الحريري ولا دار الفتوى الا بعض من دعمهم في الشارع. وفي فترة ما بعد الاعياد سيظهر وضع سعد الحريري وعودته وعمله السياسي او يبقى على الرصيف ينتظر.