ماكرون مُصمّم على إرساء تسوية… أو تطوير “الطائف”
يبدو أن لبنان يتّجه إلى مرحلة جديدة من خلال أجواء ومعلومات حول تحضيرات تجري بعيداً عن الأضواء، تهدف لإرساء تسوية على مستوى دولي، وبالتالي،عقد مؤتمر وطني تأسيسي لنظام جديد، أو تطوير اتفاق الطائف وتطبيقه بشكل حقيقي، لأن نسفه يؤسّس إلى صدامات وإشكاليات وحروب البلد في غنى عنها في هذه المرحلة الصعبة التي يجتازها.
وفي المعلومات، أن إعلان جدّة قد تعقبه خلال المرحلة القادمة محطات أخرى سيكون محورها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدما انطلقت في الساعات الماضية، ووفق أجواء عليمة، سلسلة اتصالات فرنسية مع قوى لبنانية بهدف تطبيق ما تم التوافق عليه خلال جولة ماكرون الخليجية.
ولهذه الغاية لا تستبعد مصادر متابعة، بأن تكون لماكرون مواقف يعلن خلالها ما تم التوصّل إليه،في ضوء تأكيدات بوجود عناوين عدة قد تم بحثها ولم يُكشف النقاب عنها حتى الآن، تتناول الوضع في المنطقة، والملف اللبناني على وجه الخصوص، وبالتالي،فإن الرئيس ماكرون، والذي يسعى إلى تحقيق مكاسب إنتخابية رئاسية عبر العقود التي أُبرمت خلال زياراته الخليجية، لم يُغفل الملف اللبناني الذي يبقى أساسياً ومحورياً بالنسبة لفرنسا، من خلال استثماره في الإنتخابات الرئاسية القادمة، لا سيما من خلال الفرنسيين المتحدّرين من أصل لبناني، والذين يشكّلون قوة ناخبة، ولهم دورهم وحضورهم ومواقعهم في الدوائر الفرنسية، لذا، فإن الرئيس الفرنسي، يدرك أنه، وخلافاً للمبادرة التي أطلقها خلال زيارته إلى بيروت بعد انفجار المرفأ، لن يقبل بأي فشل أو تعطيل لدوره من أي طرف لبناني سياسي أو حزبي، على غرار المبادرة التي أطلقها من قصر الصنوبر، عندما دعا إلى تشكيل حكومة من المحازبين، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه من خلال تشكيل حكومة سياسية كسائر الحكومات المتعاقبة منذ ما بعد اتفاق الطائف.
وتضيف المصادر أن الإجتماع الذي عُقد في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والهيئات الإقتصادية والصناعية ومجالس لبنانية وخليجية، كان محوره، وفق المعلومات، ما تحقّق من خرق على صعيد الأزمة مع الخليج، ولكن الأجواء التي تسرّبت تؤكد بأن ما يحصل اليوم يصبّ في خانة إعلان النوايا،في ظل غياب أي مؤشّرات لخطوات قريبة بانتظار الأيام المقبلة، من أجل استقصاء النتائج التي تحقّقت على صعيد المفاوضات النووية الأميركية ـ الإيرانية، وحيث اعتُبرت الجلسة الأخيرة مخيّبة للآمال، في حين أن مستجدّات أخرى بدأت مع توسّع رقعة الإعتداءات الإسرائيلية في سوريا، ما يؤكد على أن المنطقة، وفي ضوء هذه الإستحقاقات، وتحديداً ما يجري في فيينا، سيكون لها وقعها على الداخل اللبناني، وعندئذٍ يمكن الحديث عما إذا كانت هذه الإيجابيات التي ضجّت بها الساحة اللبنانية ستؤدي إلى النتائج المنشودة.
وأخيراً، وحيال هذه التطوّرات، فإن جلسة مجلس النواب التشريعية بالأمس، جاءت خلافاً لما كان متوقعاً، بحيث تم سحب البنود التفجيرية من الملف القضائي، إلى الـ”كابيتال كونترول”،بمسعى ودور من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بعدما كانت له سلسلة اتصالات لأنه يدرك أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد، على أن تتابَع الإتصالات الجانبية التي بدأت في الكواليس النيابية منذ الأسبوع الماضي، لإيجاد مخارج توافقية لهذه الملفات، وإن كان ذلك دونه صعوبات، وفي المحصلة، وعلى ضوء هذه المؤشّرات، فإنه، وفي المدى المنظور، لن يكون هناك من جلسات لمجلس الوزراء ربطاً بالتصعيد الداخلي، وترقّباً لما يحصل في الإقليم.